التسوق عبر الانترنت… أهو حاجة أم رفاهية؟

التسوق عبر الانترنت… أهو حاجة أم رفاهية؟

شعوب وعادات

الأحد، ٧ أبريل ٢٠١٩

في سورية إلى الآن لم تنتشر موضة التسوق الالكتروني، فهي ما زالت محدودة. بسبب عدم الانتشار الكبير لبطاقات الدفع الالكتروني والبطاقات الائتمانية.
غير أنه في أغلب البلدان العربية، تشير الأبحاث إلى أن التسوق عبر الانترنت في تزايد متواصل، مع ارتفاع وعي المتاجر العالمية والمحلية، أو الذين يملكون نشاطا تجاريا منزليا، لأهمية وسائل التواصل الاجتماعي في التسويق لمنتجاتهم. وتشير الاستطلاعات إلى أن 72 بالمئة من عمليات الشراء في الوطن العربي عبر الانترنت، قد جرت خلال السنتين الماضيتين فقط. ويتوقع أن تبلغ قيمة التجارة الالكترونية في العالم العربي في نهاية عام 2020 نحو مليار دولار أميركي.
في بحث عن الشراء القهري أجراه الباحث كارل كولمان لمصلحة غرفة العمل النمساوية، أكد أن الكثيرين يسعون إلى تخفيف الضغط الذي يتولد في نهاية يوم عمل مجهد، بمكافأة أنفسهم بشراء شيء جديد، وتتعزز هذه الظاهرة بالخيار الإضافي للتسوق عبر الانترنت.
فكيف استفاد المستهلك العربي من مميزات التسوق عبر الانترنت؟ وما السلبيات التي واجهته؟ وهل يمكن أن يتحول هذا النوع من التسوق إلى إدمان؟
ومع سؤالنا لمن يستخدمون التسوق عبر الانترنت، كان للرجال والنساء آراء متفاوتة وأحياناً متقاربة.
تعتبر زينة (مقيمة في الأردن): أن التسوق الالكتروني أمر مثير للفضول، لكنه لا يزال مقتصراً على المواقع المحلية، وتوضح: (المعضلة الأساسية في تأخر نمو التسوق عبر الانترنت من المواقع العالمية تعود إلى ضعف الثقة في طرق الدفع الالكترونية، والتي تفسر بضعف الرغبة في المخاطرة وخوض تجربة تسوق غير تقليدية).
ويرى سفيان (يعيش في دبي) أن هناك عوامل عديدة تدفعه للتسوق عبر الانترنت، فالخيارات أوسع، والسيطرة والحرية تكون على أعلى مستوى، إضافة إلى القدر الكامل من الخصوصية، والتخلص من الإزعاج الذي يسببه موظفو المبيعات، وخاصة إذا كانوا لا يعطون المشتري المساحة الكافية ليكتشف ما يرغب في شرائه بحرية. ويضيف: (توفر البطاقة الائتمانية وآليات الدفع الإلكتروني إمكانات هائلة للاستهلاك الرقمي الحديث، حيث صار سوق العالم كله متاحا على بعد نقرة واحدة).
يؤكد رجل الأعمال السوري أحمد أنه لو كانت البطاقة الائتمانية والدفع الإلكتروني منتشرين بسورية، لتسبب له هذا بأزمة مالية: (زوجتي مدمنة تسوق، وتهوى شراء كل جديد تطلع عليه عن طريق النت أو الإعلانات بالتلفاز، أو عن طريق المجلات التي تقرؤها. فلو كانت تملك بطاقة ائتمانية لكان سهل عليها الشراء أكثر فأكثر، وأيضاً بالنسبة إلى أطفالي الذين تهوى أمهم شراء آخر ما استجد من الموضة والألعاب لهم، ومجاراة صاحباتها المدمنات للتسوق أيضاً. وأنا أحاول أن أعالجها من إدمان التسوق، وتوفير بدائل أخرى مفيدة لها تشغلها عن التسوق).
يقول السيد لؤي (تاجر في الكويت) إنه لا يستخدم بطاقته الائتمانية للتسوق عبر الانترنت، حتى في شراء تذاكر السفر) ويؤكد: لا أثق بالانترنت، وأحب أن أتأكد من الدفع بنفسي، وفي رأيي، أن هذا ما يدفع الكثيرين إلى الاعتماد على خيار الدفع عند التسلم حال الشراء عبر الانترنت، إن كان هذا الموقع يوفر هذا الخيار).
وحتى مع توافر الثقة والقدرة على الشراء عبر الانترنت، إلا أن البعض لا يزال يفضل التسوق التقليدي. وفي هذا السياق تقول روان (ربة منزل)، تقيم في أبو ظبي ولديها بطاقة ائتمانية): أفضل شراء الملابس من السوق العادي، الأمر الذي يمكننني من معاينة القطع وقماشها وجودتها، فتجربتي في الشراء عبر الانترنت كبدتني أموالا على منتجات لم تكن كما يسوق لها).
ويعتبر الأستاذ سالم (مسؤول علاقات عامة في أحد بنوك بيروت) أن عدم انتشار ثقافة التسوق الإلكتروني في البلاد العربية كما هو الحال في الدول الأجنبية، وعدم توافر وسائل الدفع الإلكتروني، مثل البطاقات البنكية أو حسابات البنوك الإلكترونية لدى الجميع، وعدم معرفة وسائل الشحن المناسبة والآمنة، من أهم أسباب عزوف البعض وتخوفهم منه ووقوع البعض في حالات نصب أو تغرير. ويضيف: (من الأسباب أيضا، عدم انتشار مواقع التسوق الإلكتروني العربية التي تعزز ثقة المستهلك، إضافة إلى انتشار المشاكل المتعلقة بالقرصنة، وسرقة الأرصدة والحسابات، والتسول، والاختراق، ما يشكك الراغب في الشراء الآمن والحماية، كذلك عدم الربط بين البنوك الواقعية والبنوك الإلكترونية، وعدم وجود مسؤولة عن عملية الربط، ما يزيد التوتر حيال الدفع الإلكتروني غير المباشر، ولا يعطي المشتري التأكيد أو التعويض في حال عدم وصول المنتج الذي طلبه، في حال لم يصل إليه بعد عملية الدفع).
مما لاشك فيه أن للتسوق عبر الانترنت العديد من المميزات، تبعا لخبيرة استشارية في مجال التوعية باستخدام الانترنت، المهندسة هناء، أهمها كما تقول: (توفير الجهد المبذول في النزول إلى المتاجر، والذي يتطلب وقتا طويلا، وتوفير القدرة على تصفح سلع كثيرة، بعكس المرور على المتاجر التي تقيدك بوقت لا تستطيع معه رؤية كل المعروضات، إضافة إلى إمكانية وصول السلعة إلى المنزل، من دون الاضطرار إلى الذهاب لتسلمها من المركز الخاص بها). وتضيف المهندسة هناء: (يتيح التسوق عبر الانترنت مقارنة الأسعار على مواقع التسوق المختلفة، والتي تتنافس لتقديم عروض أسعار جيدة أفضل من غيرها لتجذب المشتري).
وتلخص هناء طريقة التسوق عبر الانترنت بالقول: (التسوق من مواقع موثوق بها، لها سمعتها وشهرتها، فتلك المواقع ملتزمة في المواعيد، وفي المصداقية).
وأنا أنهي قائلة: إن شراء الأشياء عبر الانترنت من خلال بضع نقرات، يجعل من التسوق أمراً مسليا، وغير ضار نسبيا لمعظم الأشخاص، إلا أنه قد يؤدي بالبعض إلى الإنفاق المتهور الذي يخرج عن السيطرة فيشترون أشياء لا حاجة لها، وقد يقعون في مشكلة تراكم الديون.
كما أن الرغبة الدائمة لشراء الأشياء، بغض النظر عن الحاجة إليها، وبالتغاضي عن وجود المال من عدمه، مشكلة سلوكية أثرت في ملايين البشر عبر السنين منذ بداية القرن التاسع عشر، وهذا النوع من الإدمان له آثار سيئة كثيرة جسديا وماديا ونفسيا، منها الشعور بالقلق والتوتر الدائم، والشعور بالذنب أو الغضب بعد إنفاق الكثير من الأموال في التسوق، وقلة الثقة بالنفس وتقدير الذات، ومن ثمّ التأثير في العلاقات الاجتماعية وخاصة الأسرة التي تتأثر بالحالة المادية والنفسية للشخص.
الوطن