إدارة الوقت خلال الامتحانات… عملية تراكمية وليست آنية.. غيـاب الرقابـة الأسـرية والإهمـال يقـللان من قـدرة الطالب عـى إدارة الوقـت

إدارة الوقت خلال الامتحانات… عملية تراكمية وليست آنية.. غيـاب الرقابـة الأسـرية والإهمـال يقـللان من قـدرة الطالب عـى إدارة الوقـت

شعوب وعادات

الثلاثاء، ١٤ مايو ٢٠١٩

إلهام العطار:
تتفاوت الفروق الفردية بين الأطفال والمراهقين في طريقة التجهيز أو التحضير للامتحانات النهائية، ويعود ذلك لأسباب عديدة بعضها متعلق بمستوى الذكاء والقدرات المعرفية للطالب، وبعضها الآخر يعود إلى الطريقة التي يتبعها المعلم في نقل المعرفة، فإصرار الطالب على الحفظ، أو استحضار المعلومات بعيداً عن المعنى المعرفي المرتبط بها يختلف عن التحضير لاكتساب المعلومات بطريقة تساعد على التعلم ذي المعنى، أو التعلم ما وراء المعرفي، الذي يمكِّن التلميذ من اكتساب الخبرات النظرية والتطبيقية (العملية) للاستفادة منها في الحياة اليومية بطريقة معرفية ووظيفية، وليس بطريقة الحفظ «البصم»، ومن هنا تأتي أهمية معرفة كيفية إدارة الوقت، ذلك المفهوم الذي بات يتردد كثيراً على ألسنة الطلبة وذويهم في هذه الفترة التي أعلنت فيها معظم الأسر حالات الاستنفار، فالامتحانات، وكما قالوا، باتت على الأبواب.
«تشرين» وفي محاولة منها للتخفيف من ذلك القلق توقفت مع الباحث في مجال التربية وعلم النفس حسام سليمان الشحاذه الذي استفاض في الحديث عن مفهوم إدارة الوقت والعادات الدراسية الفعالة، مبيناً الفرق بينها وبين مفهوم إدارة الوقت غير الوظيفي والعادات الدراسية غير الفعالة، التي تكون شائعة بين التلاميذ والطلبة قبل الامتحانات.
 
حدود فاصلة بين النجاح والفشل
يقول الشحاذة: يمكننا تعريف مفهوم إدارة الوقت بأنه أحد فروع علم الإدارة، ويهتم باستثمار الوقت والاستفادة منه قدر الإمكان، والحد من إضاعته وهدره من دون جدوى، وتسخيره لزيادة إنتاج الفرد من النواحي العملية أو العقلية أو التحصيل الدراسي وغير ذلك ضمن وقت محدد، إذ يعد استثمار الوقت والاستفادة منه من سمات النجاح، بمعنى أن الإدارة الوظيفية للوقت من المؤشرات المهمة التي تضع حدوداً فاصلة بين النجاح والفشل، وتعد سمة تنظيم الوقت وتقسيمه لتحقيق الأهداف والواجبات واحدة من سمات الشخصية المتوازنة والمستقرة انفعالياً، فتحقيق جزء مهم من أي هدف يضعه الطالب لنفسه خلال فترات التحضير للامتحان يدفع به للشعور بالرضا عن ذاته، ويزيد من الدافع الداخلي لتحقيق مزيد من الإنجاز الدراسي، وذلك خلافاً للطلبة الذين يتسمون بهدر الوقت وعدم قدرتهم على تنظيمه، وعدم استغلاله بالشكل الأمثل، إذ تلاحظ عليهم سمات التأنيب الداخلي، والعجز، وانخفاض مستوى الدافعية وتقدير الذات.
مهارات متنوعة ومتعددة
وعن أهم مهارات إدارة الوقت التي يمكن أن يلجأ إليها الطالب في فترات التحضير للامتحانات، والتي يمكن أن تمهد الطريق أمامه لتحقيق النجاح والتفوق الدراسي، بين الشحاذة أنها متعددة ومتنوعة، ويقف التخطيط في مقدمتها لأنه يعد من الوسائل المهمة في تنظيم الوقت وإدارته، فمن يتخلى عن هذه الخطوة يكون قد أهدر معظم وقته من دون جدوى، ويرى بعضهم أن التخطيط عملية صعبة بعض الشيء ومعقدة نوعاً ما، إلا أن آخرين يرون أنها بسيطة عند قيام الطالب برسم أبعاد وقته وما سيفعله، من خلال تحديد الهدف اليومي أو مجموعة من الأهداف الجزئية، ثم تحديد نسبة الإنجاز المفترضة لها، ومن ثم يتم تحديد الوقت المفترض لتحقيق ذلك الهدف أو مجموعة الأهداف، ويتخلل كل هذه العملية تحديد الأولويات والواجبات وتنفيذها في الوقت المحدد من دون تأجيل، وقد يكون التخطيط طويل الأمد أو قصيراً، أما المهارة الثانية فهي التنظيم الذي يتضمن الوصف السليم للأعمال التي يجب أداؤها في الوقت المناسب، وضمن المدة الزمنية التي وضعها الطالب لنفسه، أما تحديد الأولويات فهي المهارة الثالثة وتتمثل بقيام الطالب بترتيب الأعمال حسب الأهمية النسبية لها، كأن يبدأ بالتحضير للامتحانات العملية قبل التحضير للمقررات النظرية، أو يبدأ بتحضير المقررات الصعبة لينتهي بتحضير المقررات الأقل صعوبة، لتأتي بعد ذلك خطوة الفعاليّة التي تعني إنجاز الأشياء الصحيحة بالشكل الصحيح، ومن ثم البدائل، وهي التي تمكِّن الفرد من اختيار الحلّ الفعّال، وإلى جانبها تقف مهارة الانضباط الذاتي أي الالتزام بالمواعيد النهائيّة، وهي فترة تساعد الطالب في التغلُّب على التردُّد، والتسويف، والحيرة، وأخيراً، الإيجاز الذي يساعد على زيادة الفهم، والوضوح، وتقليل الروتين، وتجنُّب التفاصيل، حيث يتمّ التركيز على الأهداف والحدّ من هدر الوقت، ولتعزيز تلك المهارات أكد الشحاذة على أهمية استخدام الوسائل التقنية التي تساعد الطالب على حسن إدارة الوقت كاستخدام المفكرة الورقية أو المفكرة الإلكترونية ضمن الهاتف الجوال للتذكير بالمهام ومراجعة نسب الإنجاز، والتعرف على الوقت الذي تم استهلاكه لتحقيق هدف أو مجموعة أهداف موضوعة.
الكفاءة والفاعلية
ورداً على سؤاله عن دور المعلمين وأولياء الأمور في تكريس العادات الدراسية الفعالة التي تمكن الطلبة في مختلف المراحل التعليمية من حسن إدارة الوقت بطريقة وظيفية تتمتع بالكفاءة والفاعلية، أجاب الشحاذة بأن تدريب الطلاب على مهارات إدارة الوقت عملية تراكمية، وليست آنية، ولا يمكن أن تأتي دفعة واحدة، ويمكن لتقنية المحاكاة وتقليد البالغين (بالقدوة الحسنة) أن تكون فعالة، ولاسيما مع الأطفال الأصغر سناً، ففي المجتمعات المتحضرة يتم إكساب مفاهيم احترام الوقت وحسن إدارته للأطفال منذ الصغر، حيث تلعب المؤسسات التربوية الرسمية والمؤسسات الاجتماعية غير الرسمية ووسائل الإعلام دوراً مهماً في هذا المجال، بمعنى أن الطفل لن يكتسب مهارة إدارة والوقت واحترامه في حال كان المعلم أو الوالدان يتسمون بالفوضوية، ولم يكونوا قدوة حسنة في إدارة الوقت والالتزام بقوانينه، وبالنسبة للطلاب الأكبر سناً يمكن للتوجيه المباشر أن يساهم في تعليمهم الشعور بأهمية الوقت، ومن ثم تدريبهم على مهارات إدارة الوقت، من خلال تنمية الشعور بالمسؤولية تجاه الوقت الضائع في فترات التحضير للامتحان، وفي الختام أكد الشحاذة على أهمية تفعيل دور الإرشاد المدرسي والأسري لتقييم ظروف كل أسرة بشكل جيد، وتعيين العوامل التي تيسر على أفرادها حسن إدارة الوقت، والعوامل التي تعطل أفرادها عن تنظيم وإدارة الوقت، فعملية التقييم تمكن المرشد النفسي من اكتشاف نقاط الضعف وتلافيها، وتعيين نقاط القوة والعمل على تدعيمها، كأن تكون ظروف عمل الوالدين تستغرق ساعات طويلة من اليوم، ويكون لدى الطفل متسع من الوقت من دون رقابة، وهنا لابد من التفكير بالبدائل المتاحة، كأن يتم تناوب الوالدين على تنظيم وقت الطفل، ومراقبة وتنظيم فترات الدراسة أو اللعب..إلخ، فغياب الرقابة الأسرية والإهمال يقللان من مستوى طاقة الطفل الفاعلة لإدارة الوقت.