ظاهرة تطفو على السطح عند المراهقين.. التشطيب أو إيذاء الذات.. تنوّعت الأسباب والخطر واحد!

ظاهرة تطفو على السطح عند المراهقين.. التشطيب أو إيذاء الذات.. تنوّعت الأسباب والخطر واحد!

شعوب وعادات

الخميس، ٢٣ مايو ٢٠١٩

الهام العطار
مما لا شك فيه أن سنوات الحرب الثماني الماضية، قد فعلت فعلها في المجتمع السوري، وتركت ندوباً وآثاراً تحتاج سنوات وسنوات للتخلص منها، وخلفت ظواهر غريبة وغير مألوفة، وللأمانة لن نقول إن تلك الظواهر لم تكن موجودة، ولكن ما يمكن تأكيده أن ظروف الحرب زادت من انتشارها وجعلتها تطفو على السطح، ومنها ظاهرة تشطيب الجسد أو إيذاء الذات التي باتت تجد لها مكاناً وحيزاً ليس بين المراهقين فحسب، بل لدى جميع فئات المجتمع حتى صغار السن منهم، ففي معرض حديثي مع الدكتورة مرسلينا شعبان حسن اختصاصية العلاج النفسي لفتت إلى وجود حالات لأطفال لما يبلغوا العاشرة من العمر بعد يمارسون هذا السلوك، كما أشارت الدكتورة كارولين المحسن، كلية التربية جامعة دمشق إلى أن النساء رقم واحد في إيذاء الذات, إذ تصل نسبتهن إلى 85 % من الأشخاص الذين يلجؤون إلى تشطيب الجسد، كذلك لم تنف رئيس دائرة البحوث قي وزارة التربية الهام محمد وجود هذه الظاهرة في المدارس, حيث نوقشت في مجالس أولياء الأمور. «تشرين» في ملفها هذا لم تقصد التهويل وتضخيم مشكلة تشطيب الجسد بين المراهقين، ولكنها سعت, من خلال ضيوفها, إلى إلقاء الضوء على تفاصيل وأسباب ودوافع لجوء الأشخاص وخاصة المراهقين إلى هذا السلوك، فما أدواتهم ووسائلهم، وأين يقف الطب النفسي والعلاج النفسي منها؟ وتساءلت عن كيفية التعامل مع هذه الظاهرة التي دعت الدكتورة رشا شعبان قسم الفلسفة والمجتمع- جامعة دمشق إلى عدم تجاهلها لأنها تنبئ عن فهم خاطئ وتراجع قيمي أخلاقي داخل المجتمع، فالعنف كما نوهت يستتبع العنف والحد منه أو إيقافه يتطلب التكامل بين الجهات ذات الصلة والأهل والمدرسة.

من هنا بدأت الحكاية
أثناء تصفحي على «الفيس بوك» لفتني «بوست» لطفلة في الصف الرابع تطلب المساعدة، فصديقها الذي تحب وهو طالب في الصف السادس يقوم بتشطيب يده عند وقوع أي خلاف بينهما، هذه الحكاية كانت الشرارة ومنها بدأت عملية البحث عن ضحايا لتلك الظاهرة, فكانت «ريام» الطالبة في الصف التاسع أول بطلة في مادتي هذه، علماً بأن من يرى عيون تلك الطفلة الجميلة لا يتوقع أنها تستطيع تحمل رؤية منظر الدم وهو يسيل، تقول ريام: العام الماضي لم يكتب لي النجاح في امتحانات الصف التاسع بسبب ظروف التهجير، الأمر الذي عرضني لضغوطات أسرية واجتماعية كبيرة خلال الصيف وللسخرية من الطالبات عندما التحقت بالمدرسة من جديد، البكاء كان رفيقي الدائم إلى أن التقيت إحدى الفتيات من الصف العاشر في «حمام» المدرسة تشطب يديها من دون أي وجل أو خوف، سألتها عما تفعل وكان الرد أنها تخفف عن نفسها الغضب والضيق، دعتني لتقليدها فيما تفعل، ففعلت وشعرت بالراحة حينها، ومنذ ذلك الوقت أصبحت صديقتي، أهلي لا يعلمون بما أفعل، حتى والدتي رأت الجروح بيدي بالمصادفة ولكنها لم تكترث، الشخص الوحيد الذي انتبه لحالي كانت المرشدة الاجتماعية في المدرسة, ومن خلال الجلسات المطولة معها عرفت أن ما أقوم به يندرج تحت عنوان «تشطيب الجسد» وهو سلوك خاطئ، ولكن برغم ندمي على إيذاء نفسي أعود لأكرر الفعل ذاته كلما شعرت بالقهر والظلم والحزن.
صديقتها سهيلة التي علمتها التشطيب, كانت تطبق يديها بقوة كلما زادت ريام في سرد التفاصيل، فظروفها الأسرية المفككة وتشتتها بين أمها وأبيها اللذين انفصلا منذ سنتين بعد مشاجرات وبعد غصة وحسرة, استطردت: الخلافات كانت تحول البيت إلى جحيم، ما جعل المقص والشفرة والبيكار أصدقائي الذين يخففون عني مشاعر الغضب برسمهم خطوطاً غير منتظمة على يدي ورجلي، من دون أي شعور مني بالخوف أو بالألم، عمتي هي من لاحظت تلك الخطوط ولاسيما عند التهاب واحد منها وعندها تواصلت مع المرشدة في المدرسة من أجل إيجاد حل ومخرج لتلك العادة… غير بعيد كانت رائدة عمة سهام التي تحدثت بحزن شديد من جراء سلوك ابنة أخيها الذي تعلقت به بسبب عنف والديها.
أما صهيب 17 عاماً، فجمعتني المصادفة بوالدته التي ترافقه إلى إحدى الجمعيات لتلقي العلاج النفسي من عادة التشطيب التي تعلق بها أثناء حصار المجموعات المسلحة لبلدتهم حمورية، تشرح أم صهيب بصوت ضعيف: كان ينزوي في الحمام ساعات وساعات، كنت حينها أعتقد أنه يهرب من ضغوطات الحصار، ولكن أثناء وجودنا في مركز الإيواء لاحظ أحد المتطوعين الجروح والندبات، وبعد أن تحدث معه، قام بإحالته إلى الجمعية ليخضع لجلسات علاجية، وعند سؤالها عن علاقته بالمحيط لفتت إلى أنه كان قبل خضوعه للعلاج يعامل الجميع بعصبية وانفعالية تصل حد العدوانية في بعض الأحيان.
وعند فارس -18 عاماً ,وحيد لعائلته، قصة أخرى فوفاة والده في أحد تفجيرات مدينة حلب، ونزوحه إلى دمشق، جعلا خوف والدته عليه يتزايد عشرات المرات، يوضح فارس: توتر أمي وتدخلها في حياتي حتى في اختيار دراستي وقائمة ممنوعاتها ومنها التحكم في الخروج مع أصدقائي، لم يترك أمامي إلا يدي لأشفي غليلي بهما، أشعر بالارتياح لفترة ومن ثم أغطيهما بالأكمام الطويلة، في كل مرة أشعر بالأسف وأقطع وعداً بأنني لن أكرر ذلك الفعل، ولكن تحت ضغوطات والدتي أعود إلى غرفتي وإلى تشطيب يدي.
المجتمع الذكوري هو السبب في لجوئي إلى تشطيب جسدي فأنا فتاة ولا يحق لي الاختيار أو التعبير عن رأيي، هذا ما دفع سناء الطالبة في الصف العاشر لتشطيب جسدها.
بدوره الحب هو من دفع أحمد 16 عاماً أول مرة لحفر حروف اسم حبيبته على يديه ولكن الخيانة كما قال: هي التي جعلتني أشطب جسمي ولكن في هذه المرة كنت أشطّب يدي في المدرسة فكان الجرح عميقاً، ولما رأى صديقي الدم يسيل بغزارة خاف وقام بإخبار المدير الذي طلب والدي وأخبره، ما زاد المشكلة مع أهلي بسبب مراقبتهم لي وتدخلهم في أموري.
بدايتها ألم نفسي غير محتمل
الشباب الذين سمعنا قصصهم ما هم إلا عينة من ضحايا كثر, معظمهم يتكتمون ولا يرغبون في الحديث عن وقوعهم تحت براثن هذه الظاهرة التي يجمع المختصون على تعريفها ومع الدكتورة كارولين المحسن نبدأ, حيث قالت: إيذاء الذات فعل يتعمد فيه الفرد إلحاق الضرر بجسده، وهو وسيلة لتحويل الغضب من الآخرين إلى الذات، ويكون الجسم المسرح الذي يرسم عليه الشخص مشاعره وغضبه، وهذا السلوك يحدث بصورة اندفاعية، وينتشر حالياً بين المراهقين، ويرتبط بمجموعة من الاضطرابات النفسية والاضطرابات الشخصية الحدية كاضطرابات الأكل والقلق والضغوط ما بعد الصدمة وغيرها من الاضطرابات النفسية، فالشخص الذي يؤذي نفسه مرة يدخل ضمن دائرة مغلقة, بدايتها ألم نفسي غير محتمل يخفف منه بإيذاء الجسد وينتج عن هذا الإيذاء شعور مؤقت بالراحة سرعان ما يزول، وكلما تعرض للتوتر أعاد العملية، علماً بأن الإصابات الذاتية لا يقصد بها تهديد الحياة، لكنها تتطور إلى مزيد من الأعمال العدوانية تجاه الفرد والمجتمع وتوصل لمراحل مؤذية للآخرين.
78%يستخدمون أساليب متعددة
وتضيف: لإيذاء الذات شدات ومستويات مختلفة, منها الإيذاء الأعظم والمتكرر وهناك السطحي كجرح الجسد والحرق وإعاقة التئام الجروح أو ضرب الجسد أو شد الشعر أو كسر العظم وهذا المستوى من أكثر الأنواع انتشاراً، ولكل مشكلة سلوكية أسباب ودوافع، ومن يلجؤون للتشطيب أشخاص يهربون من واقعهم, فهم عادة ممن تعرضوا لحالات صعبة وتجارب فيها ظلم وأذى أو أصيبوا بفقدان شخص عزيز عليهم أو نالت منهم إساءة جسدية أو أصيبوا بمرض شديد أو إعاقة، أو تعرضوا لمشكلات عائلية أو مع الأصدقاء وغيرها من الأسباب المترافقة مع كبت شديد لا يجدون أمامها سوى هذا السلوك كوسيلة دفاعية لحل هذه المشكلات برسمها وتفريغها على الجسد بدلاً من اللجوء لحلها مع الآخرين، فهناك 78% يستخدمون أساليب متعددة لإيذاء الذات الذي يعد أسلوب تكيف لكنه سلبي جداً، دوافعه على سبيل الذكر لا الحصر: الهروب من الفراغ أو المشاعر المؤلمة، الشعور بنشوة الإيذاء الجسدي، تخفيف التوتر وتهدئته و زيادة إحساس الفرد بالسيطرة والتحكم بجسمه, فهناك بعض الأشخاص الذين يعانون الاضطرابات النفسية يفقدون تقريباً الإحساس بمعنى الحياة، الرغبة في التعبير عن ألم انفعالي لم يتم التعبير عنه بالكلام أو بطرق أخرى، أما مؤشراته فتمكن ملاحظتها من خلال وجود جروح جديدة وكدمات في أماكن متفرقة من جسم المريض الذي يحاول الاحتفاظ بأشياء حادة لممارسة هذا السلوك في أي لحظة للتنفيس أو التفريغ كما أنه يواجه دائماً صعوبات في العلاقة مع الآخرين، ويبالغ في تغطية الجسم حتى في الجو الحار جداً، وهناك اعتقاد خاطئ بأن من يمارس التشطيب هم أشخاص يبحثون عن الاهتمام فقط، وهذا الكلام غير منطقي لأن معظم مناطق إيذاء الذات من السهل إخفاؤها كاليدين والرجلين والصدر.
الظاهرة سلاح ذو حدين
كلام تلاقت فيه مع الدكتورة مرسلينا شعبان حسن, التي رأت أن ظاهرة تشطيب الجسد هي مثل طلب المساعدة أو النجدة لأن المراهق يراهن على تحدي من حوله وهذه الظاهرة سلاح ذو حدين فقد تصل بفاعلها للنبذ أو تجعل منه مصدر قوة و«كاريزما» ويقوم رفاقه بتقليده وتخضع له أسرته، خوفاً عليه من تطور الأمور إلى الانتحار, علماً أن هذه الظاهرة لا تؤدي إلى الانتحار بصورة عامة لكنها تضعف روابط المراهق بالحياة والإنجاز فهي سبب وليست نتيجة مباشرة.
وعن الأسباب التي تدفع المراهقين, تشير د.حسن إلى أنها تعبير عن غضب مرده إحباط أو صراع يعيشه الشخص ربما يتنافى مع بعض القيم, ولذلك يعيش ضغطاً كبيراً في داخله وكبتاً من جهة, وممكن أن يكون ردة فعل لأسباب مباشرة من أهله أو محيطه, جعلت علاقته مع جسمه ومع الحياة تنمو بشكل هش، فمراهق طفولته سليمة وآمنة ومعافاة لا يمكن أن يلجأ لهذا الأسلوب لأن صورة جسده تظل متماسكة وجيدة وهو متصالح معها، أما المراهق الذي عانى التهديد واللوم والعنف هو الذي يكون لديه استعداد لممارسة هذه الظاهرة، وبطبيعة الحال فإن المراهقين الذين يلجؤون للتشطيب هم أشخاص قدرتهم على المواجهة ضعيفة، يعيشون جلد الذات ويعملون على تحويل الألم النفسي إلى ألم جسدي لتحقيق نوع من التوازن.
وعلى ذلك زادت الدكتورة شعبان بالقول: تشطيب الجسد حالة من المازوشية تستقطب اللذة والمتعة وهي تشويه لعلاقة المراهق بجسده لعدم فهمه وإدراكه العلاقة بين تكوينه الفكري والاجتماعي وجسده وهذه الحالة تبرهن على تفكك العلاقة بين المراهق ومحيطه فهو يخرج كل العنف الذي في داخله بتصرفات كهذه.
مشاعر سلبية.. فما الحل؟
للتشطيب أشكال منها ثقب الجسد أو الرسم أو نحت الكلمات والرموز, وكل ذلك يتم بآلات حادة والسؤال: كيف علينا التعامل مع المشاعر السلبية المؤلمة التي تجعل الشخص يرغب في تشطيب نفسه؟
تقول د. المحسن: هذا الموضوع يتوقف حسب المشاعر، فإذا كان الشخص الذي يمارس التشطيب يشعر بالوحدة أو العزلة, فالحل هو بالحديث مع شخص مقرب منه، أما إذا كان بسبب الغضب فعليه ممارسة أنشطة جسدية لتفريغ الطاقة مثل: الجري والقفز عن الحبل وغيرهما، وفي حال كان السبب هو الاحتقار أو عدم الكفاءة الذاتية, فالحل هنا برفع الحديث الذاتي في داخله بحيث يكون حواراً إيجابياً وعليه المشاركة بالأعمال التطوعية لأنها تنعكس بشكل إيجابي على تقييمه لذاته، أما إذا كان الإيذاء ناتجاً عن شعور بالخدر أو الغيبوبة, فعليه القيام بتمارين تجعله يشعر باللحظة الذاتية التي يمر فيها كاليوغا وتمارين التأمل، وهذه هي محاولات ذاتية للحلول، وإذا لم تجدِ هذه الوسائل الذاتية نفعاً, فمن المهم اللجوء إلى معالج نفسي أو طبيب نفسي يساعد في التعرف على مشكلة إيذاء الذات, إضافة إلى مشكلة الاضطراب النفسي الكامن، مع التنويه بأن العلاج النفسي يختلف عن الطب النفسي، فالطبيب النفسي يعالج ويحدد الاضطراب النفسي ويستخدم أدوية نفسية ومن الممكن أن يقدم بعض النصائح والإرشادات، أما المعالج النفسي فهو اختصاصي نفسي لا يقدم أدوية إطلاقاً إنما يسعى لفهم الاضطراب مع بعض الإجراءات والتوجيهات التي تساعد في التخلص من إيذاء الذات وقد أفادت أغلب الدراسات أن تكامل العلاجين الدوائي والنفسي يعطي نتائج أفضل.
وتستطرد: العلاج المعرفي السلوكي من أنواع العلاجات المطروحة لإيذاء الذات فهو يساهم في تعلم الفرد مهارات سلوكية تساعده على تحمل الشدات وتعطيه القدرة على إدارة الضغوط وتنظيم المشاعر وتحسين العلاقات مع الآخرين، أما العلاج التحليلي النفسي فهو يركز على خبرات الماضي والذكريات الخفية والقضايا الشخصية التي لها جذور في مراحل سابقة وغالباً ما تكون هناك علاقة بين إيذاء الذات والصدمات النفسية, فالعلاج التحليلي يربطها مع بعضها من خلال الفحص الذاتي الموجه ومن الأهمية التركيز على اليقظة الفعلية التي تساعد الشخص على العيش في الحاضر والاستمتاع بالعالم من حوله وفهم الذات وتساهم في الحد من نتائج الاضطرابات النفسية، ولفتت إلى أن العلاج قد يكون فردياً أو جماعياً على شكل مجموعة تطبق مع بعضها بعضاً أو يكون علاجاً أسرياً إذا كان سبب المرض هو الأسرة غير المستقرة أو عن طريق العلاج الدوائي.
المراهقة عمر اليقظة الذهبية
العلاج يبدأ من البيت من خلال الحوار مع المراهق للتعبير عن غضبه وصراع أفكاره بالكلام, ومن الضروري -كما أوضحت د. مرسلينا حسن- عدم لومه أو السخرية منه أو الاعتراض على أسلوبه كما تجب مساندته قبل اللجوء للتهديد أو حتى المواعظ وإبداء الغضب أو الرفض لهذا التصرف بالكلمات الجارحة، وفهم صراعاته ومصدرها, فمرحلة المراهقة فيها تحديات كبيرة وانفتاح على بناء علاقات قد تكون غير صحيحة تجعله يعيش صراعات غريزية لا يجد لها تفريغاً آمناً وصحيحاً إلا بالتشطيب، أما في المدرسة, ولاسيما إذا كان هناك أكثر من شخص يعاني هذه الظاهرة، فعلى المرشدة النفسية والموجهين تنظيم حوار جماعي مفتوح وفتح قنوات كثيرة, إضافة إلى خلق أنشطة حركية لتفريغ طاقات الغضب وتعزيز روح الفريق، لكي يشعر المراهق بالانتماء والألفة والاحتواء ويخرج من النزاعات الفردية المتحكمة به التي تدفعه إلى أساليب غير سوية لا تتناسب مع عمر المراهقة الذي يعد عمر اليقظة الذهبية وتحديد الأهداف وعمر الإعجاب بصورة الجسد التي إن تفككت تجعله يعيش إحباطات تدفعه في المستقبل للجوء إلى عمليات التجميل، لذلك على المدرسة إقامة ندوات ومحاضرات عن تلازم صورة الجسد والنفس والعمل الفكري، فهذا التوافق بالشخصية هو من سمات الأشخاص الناجحين الذين يعول عليهم لتحقيق طموحات إيجابية في حياتهم.
وعن تجربتها على أرض الواقع أفادت: نعم مرت علي حالات عديدة لشابات وشباب في الإعدادي والثانوي ومن فترة ليست ببعيدة مرت علي حالة لطفل بعمر ٩ سنوات وأغلبهم كانوا من أسر غير مستقرة وفيها تعامل عنيف بأحد اشكاله أقلها العنف اللفظي مع بعضهم ولاسيما الأبوين، هناك ثلاث حالات تابعت العلاج النفسي وكانت النتائج جيدة وأصبحوا أكثر تعبيراً عن غضبهم بالكلام داخل الجلسة ومع أسرهم، وهناك حالات لم يتجاوب فيها الأهل وطالبوا بعلاج دوائي وهذا مخالف لمنهجي العلاجي في المتابعة النفسية، أما الطفل فمازلت أعمل معه ومع أسرته.
مهارة إدارة الذات
آراء لاقت صدى عند الهام محمد حيث أضافت: إكساب مهارات الحياة للطفل من الروضة عامل مهم في التعامل مع الضغوط, وهنا يتضح دور الأسرة في إكساب الطفل مهارات حل المشكلات وإدارة المشاعر والتواصل ومهارة إدارة الذات وغيرها من المهارات التي تستطيع الأسرة من خلال التواصل مع المدرسة إكسابها لأبنائها، ففي كل مدرسة يقوم المرشد النفسي والاجتماعي بالتواصل مع أولياء الأمور للوقوف على مشكلات أبنائهم, وقد نوقشت ظاهرة إيذاء الذات في مجالس أولياء الأمور وأعطيت حصص توجيه جمعي في الصفوف للتلاميذ تم من خلالها إكسابهم مهارات تأكيد الذات والتعامل مع الضغوط ومنها: الرياضة,الرسم,الموسيقا, كتابة المذكرات والخواطر الشعرية أنشطة الدعم النفسي والاجتماعي التي تكسب القدرة على حل المشكلات وتفريغ المشاعر وقد كان التعامل مع هذه الظاهرة فردياً أحياناً وجماعياً أحياناً من خلال الإرشاد الوقائي والنمائي والعلاجي.
يؤدي إلى محاكاتها
أما الحل من وجهة نظر د. شعبان فهو بنشر وعي اجتماعي يسمو بالعلاقة مع الجسد مع توضيح ما مدى حرية التعامل بين الإنسان وجسده، وعلى وسائل الإعلام ألا تكون مرآة للظواهر السلبية في المجتمع, بل عليها أن تكون مصدراً للمعالجة وإيجاد الحلول المناسبة, فالإعلام رسالة وإذا اقتصر على إظهار الحالات السلبية وعرضها فقط فهذا يؤدي إلى محاكاتها من قبل المراهقين لذلك يجب أن يكون تدخله إيجابياً، وعلى الأهل والمجتمع عدم التكتم على الظاهرة، لأن الاعتراف هو نصف الحل, أما التكتم فيتركها في مكانها ولكن يزيد من خطورتها.
يجب أن يتوقف
عند لقائي إحدى الصبايا أصرت على سؤال يحيرها مفاده: إذا كان إيذاء الذات يؤدي إلى الراحة فلماذا يجب أن يتوقف؟
فكانت الإجابة عند د.كارولين المحسن أن هناك عوامل ضرورية لإيقافه, منها أن أذى النفس قد يكون شديداً والشخص لا يقصد أن يصل إلى هذه الدرجة من العمق في الجرح الذي قد يصاب بالتهاب من جراء تلوثه، ثانياً الشعور بالراحة مؤقت يتبعه شعور بالعار والذنب والندم، ثالثاً الأذى يجعل الشخص بعيداً عن تعلم استراتيجيات فعالة للتعامل مع هذه المشاعر تعطيه القدرة على تقييم ذاتي أكبر، رابعاً عدم القدرة على التعامل مع الألم العاطفي يزيد من شدة المرض إذا كان هناك اكتئاب أو إدمان، وأخيراً إيذاء الذات يمكن أن يصبح إدماناً ويمكن أن يتحول إلى سلوك قهري للفرد لأنه لم يتعلم سلوكاً غيره وهنا يقع في الدائرة المغلقة.