بين معجب بها ورافض لها.. الصداقة في العالم الافتراضي.. تدعيم للعلاقات الاجتماعية أم فقدان الناس لخصوصيتهم

بين معجب بها ورافض لها.. الصداقة في العالم الافتراضي.. تدعيم للعلاقات الاجتماعية أم فقدان الناس لخصوصيتهم

شعوب وعادات

الأحد، ٣ نوفمبر ٢٠١٩

إلهام العطار:
منذ نعومة أظفارنا ونحن نتعلم بأن مفهوم الصداقة من أجمل المفاهيم التي يمكن أن تمر في حياتنا، فالإنسان لا يمكن أن يعيش وحيداً من دون وجود أصدقاء يقفون الى جانبه دائماً، حتى الأمثال الشعبية لم تغفل ذكر ذلك الجانب، ومما جاء فيها أن المستحيلات ثلاثة هي: الغول والعنقاء والخل الوفي، وأيضاً «رب أخ لك لم تلده أمك»، و«الصديق وقت الضيق» وغيرها من الأقوال التي تتحدث عن أهمية ومكانة الصداقة، ولكن اليوم في ظل سيطرة «الفيسبوك» وأخواته من مواقع التواصل الاجتماعي على الكثير من تفاصيل الحياة اليومية لكل منا واقتحامه خصوصياتنا بمجرد كبسة زر، لا بد من التوقف ملياً أمام مفهوم تسلل الى عقولنا تحت مسمى الصداقة الإلكترونية والتساؤل: هل يمكن أن تنطبق هذه الأمثال والمفاهيم على أصدقاء الإنترنت، وهل يعقل أن يكون في المسألة تدعيم للعلاقات الاجتماعية وأن يتحول صديقك في العالم الافتراضي إلى صديق حقيقي، أين الإيجابيات والسلبيات لعلاقة الصداقة تلك، وهل كثرة الأصدقاء على «الفيسبوك» تفقد الشخص خصوصيته؟ وغيرها الكثير الكثير من التساؤلات.
في ملفنا اليوم آراء كثيرة حصدناها لفئات مختلفة وشرائح متعددة عن الصداقة على مواقع التواصل الاجتماعي، البعض منها مؤيد ومعجب بها، بينما آخرون لا يقفون عللى الحياد فحسب، بل يرفضون الإبحار والغرق في براثن تلك الصداقة التي نوهت الدكتورة في قسم الفلسفة والمجتمع – جامعة دمشق– رشا شعبان خلال وقفة لـ «تشرين» معها بأن النجاح فيها يحتاج مقومات ومهارات وامتلاك الشخص القدرة على القراءة والتحليل لأفكار ورسائل من أصبحوا على قائمة الأصدقاء.
وصلت إلى أكثر من 1550 صديقاً
إضافة صديق، أيقونة تطالع زوار مواقع التواصل الاجتماعي يومياً بعدد من طلبات الصداقة وتنتظر الحذف أو التأكيد أو الإلغاء، فكيف يحدد كل شخص موقفه من سؤالها؟ يقول عدد من طلبة الجامعة ومنهم رامي علي -سنة ثالثة كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية: قائمة أصدقائي على «الفيسبوك» وصلت إلى أكثر من 1550 صديقاً، أغلبهم تعرفت إليهم خلال سنوات الدراسة وعلاقتي بهم قوية، أما الآخرون وخاصة إذا كانوا من أصدقاء أهلي فعلاقتي بهم لا تتعدى حدود المجاملات، أما الذين يقتحمون صفحتي عبر الأصدقاء ولا يصبح بيننا وجهات نظر مشتركة، فهؤلاء تنتهي العلاقة معهم عند إغلاق الجهاز وتبقى صداقتهم افتراضية ونوعاً من أنواع التسلية.
على النقيض من رامي كان السموءل عامر- طالب سنة رابعة في كلية الهندسة المعلوماتية الذي رفض أن تبقى الصداقة على الإنترنت عابرة، فهو يسعى من خلال مواقع التواصل الاجتماعي إلى خلق شبكة حقيقية من الأصدقاء الجديين في كل مكان، وعن قدرته على تحديد صدق أو كذب من يطلب صداقته من الشباب والفتيات قال: قبل كبس أي خيار من خيارات أيقونة طلبات الصداقة أقوم بالبحث عن صاحب الطلب وعن أصدقائه أغوص في أفكاره قليلاً ومواقفه ومن ثم أحدد والأهم أني لا أقبل أي طلب باسم مستعار كالوردة الشامية وأبو علي الكينغ وغيرها، وفيما يتعلق بالجرأة في طرح المواضيع يفاجئنا السموءل بأن الفتيات أكثر جرأة، وقد يكون ذلك مرده في رأيه إلى أن طبيعة مواقع التواصل الاجتماعي تعطي الإنسان حرية أكثر من الواقع.
وعند سوزان طالبة جامعية- سنة رابعة موقف متشنج من تلك الصداقة، والسبب في ذلك أنها تعرضت لحادثة ابتزاز من قبل شخص من إحدى الدول العربية طلب صداقتها وتطورت العلاقة الى إعجاب وحب ووعود بالزواج وعندما بدأت طلباته تزداد حاولت قطع العلاقة فبدأ بالضغط عليها وتهديدها بإخبار والدتها وإرسال مقاطع الماسنجر بينهما، فقامت هي بإعلام والدتها التي تفهمت الموضوع الذي انتهى بخروجها من «الفيس» نهائياً وذلك الى إشعار آخر، وبتنهيدة تضيف: أشعر بالحزن أحياناً عندما يسألني زملائي «ما عندك صفحة ع الفيس»، ولكن أعود لأقول:«بلا وجع راس».
موقف لا تحسد عليه وهو يشابه ما حصل مع «رانية.ج» موظفة التي فرق النت بينها وبين خطيبها، إذ قام بفسخ خطبتهما لدى معرفته بأن معظم أصدقائها على «الفيس والانستغرام» هم من الشباب، وحتى عندما شرحت له أنها صداقات لدواعي العمل ولا تتعدى كونها افتراضية لم يقتنع وظل على موقفه الذي يعد أن الفراغ هو السبب في نشوء هذه العلاقات القائمة على الكذب وتقتحم الخصوصية في أي مكان أو زمان.
صداقة الإنترنت، تصنع وبناء في الهواء ومجرد كلمات خالية من الأحاسيس والمشاعر وهي تغري الشباب وتقودهم وراءها في علاقات مؤلمة، فأنا أوصلتني صداقة النت إلى الزواج عبر الإنترنت ومن ثم العودة الى بلدي مطلقة ولدي طفلة، كلمات حملت الكثير من الغصة عند أم لجين البالغة من العمر 24 سنة.
المحامي وائل أبو عاصي يرى أنه من الصعب أن تترجم الصداقات الإلكترونية لواقع ملموس، ويضيف: صحيح أن لدي من أتواصل معهم عن طريق الإنترنت ولكن معظمهم لا يصلون إلى درجة أن أسميهم أصدقاء بالمفهوم الواسع للكلمة، فهناك العديد من الحواجز التي تفصل بيننا أولها أنني لا أستطيع فرد أوراقي كاملة أمامه وبثه مشاعري وهمومي، فكل ما يربطني به تلك الشاشة الزرقاء، ويرى أبو عاصي أنه من الخطأ إرسال الصور والمعلومات الشخصية، لأن الثقة داخل هذه العلاقات لا يمكن منحها بشكل عشوائي، فهي تقوم على هدف محدد ويجب على الطرفين الالتزام به حتى لا يقع أي منهما في مشكلات لا تحمد عقباها.
الدكتور حسام السالم بدوره وقف على الحياد، واستطرد: الصداقة عبر النت صارت أمراً مفروضاً علينا حتى نتمكن من مسايرة التطور والتقدم التقني ولا أعتقد بأنها السبب في المشكلات، السبب هو في طريقة التعاطي مع هذه التقنيات، فأنا بحكم عملي كونت صداقات كثيرة من أنحاء العالم تقريباً وهناك أصدقاء باتوا قريبين جداً مني نتحدث نتناقش ونفتقد بعضنا في حال غياب أحدنا عن الشاشة الزرقاء مدة طويلة.
لا تعترف بحدود العمر أو المستوى الاجتماعي
تضارب الآراء بين معجب بهذا النوع من الصداقات ورافض لها لا يفسد في الود قضية كما يقال، ولا يلغي أن انتشارها في تزايد ملحوظ وبين جميع الفئات وهي تمر في مراحل متعددة حتى تتبلور كما تحدث عن ذلك أهل الاختصاص ضيوف الملف والبداية مع المرشدة الاجتماعية والنفسية نسرين حسن التي قالت: من خلال علاقتي بطلاب وطالبات المرحلة الثانوية وطلبة الجامعات وجدت أن الصداقة على الشاشة الزرقاء لا تعترف بحدود العمر أو المستوى الاجتماعي، فقوامها الأساس الرغبة في زيادة قائمة الأصدقاء وفي التعرف إلى أناس جدد بعيدين عن البيئة المحيطة بالشخص، فينشأ ما يمكن أن يسمى «التعارف الأولي» الذي يمكن أن يستمر فترة محدودة ومن ثم يختفي تدريجياً وربما يتطور هذا التعارف شيئاً فشيئاً بسبب التقارب في الاهتمامات والأفكار ويتحول إلى مشروع صداقة، ولكن مهما كانت ظروف تلك العلاقة ومهما اتسمت بالتفاهم والاحترام فإن المخاوف كثيرة، لأنه من الصعب كما عبر العديد من الأهالي عند بحث هذا الموضوع العام الماضي في مجلس أولياء الأمور معرفة نيات صاحب طلب الصداقة، وطالبوا بفرد حصص خاصة للحديث مع الطلاب عن هذا المفهوم من مبدأ الحذر واجب، وأن هذه العلاقة تبقى محفوفة بالمخاطر وحتى تصبح صداقة حقيقية لا بد من الحديث وجهاً لوجه.
يجب أن نكون حقيقيين ونتسم بالشفافية
الصداقة علاقة إنسانية تنتج عن تفاعل وتقارب روحي ونفسي وهي مطلب يبحث عنه الإنسان في كل مكان وزمان حتى يشعر بفسحة تمكنه من الابتعاد عن المحيطين به وتفريغ مشاعره أمام شخص محدد يسمى الصديق، وهذه العلاقة في العالم الحقيقي لا تحمل بين طياتها السلبيات بعكس الصداقة في العالم الافتراضي التي فيها القليل من الإيجابيات والعديد من السلبيات ولابد للشخص من امتلاك مهارات لاكتشافها.. عن مفهوم الصداقة على مواقع التواصل الاجتماعي وحيثياتها وكيفية اكتشاف صدقها من زيفها، توضح الدكتورة رشا شعبان- قسم الفلسفة والمجتمع- جامعة دمشق بقولها: العالم على مواقع التواصل الاجتماعي هو عالم افتراضي ولكن ليس بالمعنى الكاذب، إنما يمكننا النظر إليه على أنه عدم القدرة على التحدث بالشكل المعتاد مع الطرف الآخر أي وجهاً لوجه، ولكن بقدر ما نتعلم أن نكون حقيقيين ونتسم بالشفافية والوضوح وبالقدرة على طرح آرائنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بقدر ما نتمكن من إقامة علاقات تشبهنا وتكون قريبة من أفكارنا ومن وجهات نظرنا.
وتضيف د.شعبان: حتى يكون الإنسان فاعلاً ومنفعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي هناك مقومات عدة يجب أن يتمتع بها، من تلك المقومات على سبيل الذكر لا الحصر أن يكون الشخص مولداً للأفكار أي لديه القدرة على إنتاج أفكار متجددة، وهنا يكسب إعجاب الناس بأفكاره وليس بشخصه أو مظهره الخارجي، وتالياً يكون التواصل معه تواصلاً فكرياً ثقافياً بامتياز هذا إن كنا نتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي وفق الجدية وامتلاك العقل القادر على التلاقح الفكري وليس الشخصي، وأعود للتأكيد لا يهمني الشكل للتواصل، ما يعنيني هو أن تتلاقح الأفكار مع بعضها لتكون حواراً حقيقياً يفضي في النهاية الى إنشاء نوع جديد من العلاقات الإنسانية الذي نطلق عليه مفهوم الصداقة الافتراضية الذي ظهر بحكم ظهور التكنولوجيا والانتشار السريع للإنترنت في حياتنا على اختلاف أعمارنا ومستوياتنا. وعن القدرة على تحديد صدق الشخص الطالب للصداقة تؤكد د.شعبان: في عالم العلاقات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف مسمياتها لا يمكننا أن نتعامل وفق أحرف وكلمات، أما إذا كانت الصداقة لا تتجاوز مسألة الحوار فنحن صادقون في طرحنا لأفكارنا، وتتابع: مهما حصل من كذب على مواقع التواصل أحيانا فإن زلة حرف أو سقوطها تجعلنا نكتشف ماهية الشخص المقابل، ومن أجل الوصول إلى امتلاك تلك المقدرة علينا التمتع بالمهارة والذكاء وثقافة التواصل الاجتماعي التي يجب أن تكون ثقافة واعية وأخلاقية فإذا امتلكنا تلك الأخلاقيات أو التقنيات فبالإمكان عندها قبول طلبات الصداقة وإقامة علاقات وصداقات على الإنترنت يمكن أن تنتقل إلى أرض الواقع وتصبح صداقات حقيقية وهذا في حد ذاته شيء إيجابي.
تنمية ثقافة التمييز بين الصح والخطأ
ورداً على سؤالها عن الإيجابيات والسلبيات للصداقة على الشبكة العنكبوتية، أفادت د. شعبان بأن أهمها الاطلاع على كمِّ من الأفكار، فالمواقع تشكل قراءة أو استبياناً لثقافة المجتمع القائمة وهي مؤشر للمجتمع بوصفه حضارياً أو متخلفاً وهي مرآة، ومهما قلنا إن هناك سلبية فهي تطرح للمجتمع.
أما السلبيات فتتمثل في قدرة «الفيس» على استجرار الأفكار وتجييشها بسرعة، قد يكتب شخص يكتب منشوراً مغرضاً وفي الإمكان أن ينتشر فوراً فقدرته على التأثير سريعة، لذلك علينا تنمية ثقافة التمييز بين الصح والخطأ، وهذه مسألة مهمة جداً، يضاف إلى امتلاك العقل الذي لا يسير وفق ما يقرأ وهذه المهارة يمكننا تعليمها لأبنائنا منذ الصغر بأن نقول للطفل عليك أن تفكر فيما تقرأ ومن هنا النجاح أو الفشل، والأهم تعويده القدرة على التحليل والقراءة.
لتختتم حديثها بالقول: يجب أن نضع حدوداً معينة تكون بمنزلة الأدبيات وعلينا ألا نقوم بتجاوز هذه الأدبيات مهما كان.. فالمواقع لها حدود في مدى القدرة على تجاوز القناعة الشخصية، فالكل منا دائرة ويجب ألا يسمح للآخرين بدخول تلك الدائرة، ولكن للأسف نجد أنه في المجتمعات المتخلفة تتوسع هذه الدائرة أي من المسموح التدخل في الخصوصيات، وهذا يعد باباً للدخول في المشكلات وفي اتخاذ الناس مواقف من كل ما هو جديد ومنها الصداقة الإلكترونية التي يجب أن تقوم على مبدأ عدم القبول بالتعامل عبر مواقع التواصل مع أسماء وهمية فقط مع الأشخاص الحقيقيين وذلك بعد معرفة أصدقائهم وأفكارهم والإطلاع على صورهم وصفحاتهم.
تبتعد قليلاً أو كثيراً عن الواقع
بدورها رأت الدكتورة في كلية التربية – جامعة دمشق- رنا قوشحة عند سؤالها: هل في الصداقة على الإنترنت تدعيم للعلاقات الإنسانية أم فيها اقتحام للخصوصية؟ إن التدعيم بدرجة أقل وفقدان الخصوصية بدرجة أكبر، وزادت على ذلك بالقول: لا أعتقد أنها صداقة حقيقية.. بل ربما كانت مفهوماً جديداً من العلاقات الانسانية لها طابع وخصائص المصدر الذي نشأت عنه، وهي قد تبتعد قليلاً أو كثيراً عن الواقع.. وقد تكون تعبيراً عن عالم داخلي أكثر مما هي تعبير عن الصورة الخارجية الواقعية للشخص الافتراضي، وانقطاعها أسهل.. والخداع فيها كذلك أسهل بكثير، وأعتقد أن أهم محاذيرها عدّها صادقة أو حقيقية.. وأقل الخسائر فيها تضييع الوقت، وفيما إذا كانت تلك العلاقة أو الصداقة تعوَّد المراهقين على المجاملة وتؤثر في نفسيتهم في حال تم حظرهم أكدت د. قوشحة ذلك مبينة أن الأثر ينعكس على مختلف الأعمار والفئات وليس فقط على المراهقين.
إقامة ندوات تبين إيجابياتها وسلبياتها
في ظل ثورة المعلومات أصبح العالم قرية صغيرة غابت عن معالمها الحدود الاجتماعية وبات في إمكان الشخص العبور بين أرجائها والتنقل فيها من دون جواز سفر، وهو ما أكده خبير التنمية البشرية سهيل غانم بقوله: لقد ساهمت ظروف الحياة ومشاغلها في زيادة البعد بين الأشخاص الأقرباء منهم وحتى أحيانا ضمن العائلة الواحدة، ومع ظهور الإنترنت بمواقع تواصله المختلفة تغير مفهوم البعد وصار الناس يقضون زياراتهم وواجباتهم الاجتماعية من خلف الشاشة الزرقاء، حتى إن الإنترنت زاد في تمتين العلاقات الأصلية بين الأشخاص التي فقدت بريقها بسبب الغياب أو السفر، وساهم في ظهور ما يسمى الصداقة الإلكترونية التي أضحى وجودها في يومياتنا أمراً طبيعياً يزيد من عملية التعارف بين الناس أينما كانوا، ويعمل على تدعيم العلاقات وتعزيزها في حال تم استثمارها استثماراً صحيحاً ولم تكن موجهة للمجاملات وللتفاخر بالعدد الكبير من الأصدقاء من هنا وهناك وخاصة من قبل المراهقين أو الأشخاص الذين يعانون الملل بسبب أوقات الفراغ، وبين خبير التنمية أن الانغماس في عالم الإنترنت سهل الوقوع فيه، فهناك أشخاص تكون مهمتهم انتحال شخصيات للإيقاع بهذه الفئات وأخذها الى مطارح لا تخطر على بالهم وبعد تحقيق مآربهم يبدؤون بإظهار وجههم الحقيقي الذي كانوا يلوذون به خلف الشاشات، أيضاً لا بد من الإشارة الى أن هذا النوع من الصداقات قد يسهم في زيادة الفجوة الأسرية من جراء قضاء ساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر أو الموبايل، وهو الأمر الذي يزيد من عزلة الفرد وبعده عن محيطه الاجتماعي الطبيعي، وقد يصل به الأمر إلى فقدان التواصل مع أسرته وإخوته بالطريقة ذاتها التي يتواصل بها مع أصدقائه الحقيقيين أو الافتراضيين عبر الإنترنت. ولذلك وحتى نحافظ على الايجابيات ولا نغرق في السلبيات لابد من بسط رقابة الأهل وخاصة على من هم تحت سن السادسة عشرة من العمر، كذلك لا بد من إقامة ندوات تبين ايجابيات وسلبيات هذا النوع من الصداقات لزيادة وعي الناس ولفت انتباههم إلى أشياء قد تكون غائبة عنهم، وتعليمهم قواعد وأسس بناء هذا النوع من الصداقات على مواقع التواصل الاجتماعي حتى تكون علاقات آمنة تزيد من تعارف الناس فيما بينهم.
أخيراً..
قد يكون في داخل كل منا غاية وهدف عند ولوج عالم الصداقة في العالم الافتراضي، ولكن ورغم الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي من «يوتيوب وفيس وتويتر وسكايب وانستغرام» وغيرها، إلا أن تقبل مفهوم الصداقة الإلكترونية أو الافتراضية لا يزال يواجه رفضاً تحمل طريقة التعبير عنه الخجل أحياناً أو الخوف منه في أحيان كثيرة، ففي جلسة جمعت فئات عمرية رجالاً ونساء ومن مستويات ثقافية مختلفة تم طرح مفهوم الصداقة الإلكترونية للنقاش، فكانت المفاجأة أن أكثر من نصف الموجودين يرفضون تعميم ذلك المفهوم ضمن المجتمع وداخل أسرهم تحت ذرائع وحجج مختلفة، متناسين أن الشخص الواعي لا يقع في الخطأ مهما كانت الظروف المحيطة به.