التقاط الصور.. مواجهة مع حقيقة العيوب وتقليد مرضي للمشاهير!

التقاط الصور.. مواجهة مع حقيقة العيوب وتقليد مرضي للمشاهير!

شعوب وعادات

الاثنين، ١٥ يونيو ٢٠٢٠

“امسحي الصورة عن موبايلك ما بطلع حلوة بالصور”، قالت لي صديقتي عندما قررنا أخذ الصور في المتحف الحربي، وهي جملة كثيراً ما تتردد على مسامعنا من أناس كثر يتم تصويرهم فلا يحبذون أشكالهم على الشاشة وحتى أصواتهم على الهاتف وأثناء التسجيل، ليبدو الأمر غريباً بشكل يستحق الاستفسار.
 
دون سبب
معظم من حاورناهم لم يعطوا جواباً علمياً عن كرههم للصور الشخصية، أو لأصواتهم المسجلة، وكانت جميعها أجوبة روتينية، خاصة عند “الصبايا”. حنين، طالبة فنون، قالت: لا أحب أن يلتقط أصدقائي الصور لي على جوالاتهم، أشعر أنني غير جميلة رغم تأكيدهم عكس ذلك، أشعر أن وجهي يبدو غريباً علي، وأفقد في الكثير من الأحيان ثقتي بنفسي، لذلك لا أسمح بالاحتفاظ بصوري عند أي أحد. أما مايا فقالت: اليوم بات هناك برامج فوتوشوب على الجوالات الحديثة يمكنها إظهار الوجوه كالفنانات، وأستخدم هذا البرنامج عند رغبتي في التقاط الصور لي ولزميلاتي، ولكن لا أحب صوري دون تلك البرامج، ولا حتى صوتي عند سماعه في التسجيل، أما عمار طالب هندسة ميكانيك، وزميله في القسم أحمد، فلم يريا أية مشكلة في صورهما، بل تحدثا بنوع من الفكاهة أنهما يبدوان أكثر جمالاً وجاذبية على كاميرا الموبايل، وبرأيهما الفتيات “نقاقات”، ولا يعجبهن شيء حتى وإن كانت صورهن الشخصية، فالملاحظات دائماً قائمة.
 
للعمل دور
البعض يحب التقاط الصور بكثرة ويقلّد المشاهير سواء بحركاتهم أو لباسهم، وآخرون لا يجدون أي مانع في سماع أصواتهم المسجلة وأخذ الصور، وأكثر من يحب ذلك من يكون عمله أو دراسته في مجال التمثيل أو الإعلام والتصوير الفوتوغرافي والموسيقا، لذلك يتم تدريب الصوت عند الموسيقيين وإعادة سماعه، كذلك إعادة المشاهد عند الممثلين، وكثيراً ما نلتقي بفنانين تكون ابتسامتهم حاضرة أمام الكاميرا مهما صغرت على عكس الناس العاديين الذين ينتابهم الخجل، وهذا بحسب علم النفس لا يجب أن يكون نقداً للذات، بل هناك قاعدة تقول: “إن رد الفعل الإيجابي للإنسان يأتي غالباً على الأمور التي يراها بكثرة، ومن هذا المنطلق فإن صورتنا بالمرآة هي الأقرب إلينا، إذ نراها بكثرة على عكس الصور الفوتوغرافية”، ويتابع علماء النفس: يساعد تكرار رؤية أنفسنا في المرآة في الاعتياد على العيوب التي ربما تكون موجودة في وجهنا، أو وجود أي نوع من عدم التناسق، أما عند رؤية صورة فوتوغرافية فنبدأ بملاحظة الاختلاف بين نصف الوجه الأيمن والأيسر على سبيل المثال، أو فجأة تلفت نظرنا بقعة على الجبهة، أي عند العرض على وسيط مختلف وجديد.
 
التكرار والاعتياد
من المتعارف عليه أن البدايات دائماً تكون صعبة، كذلك التجربة الأولى، بمعنى آخر، عند محاولتنا تسجيل صوتنا وسماعه قد يتسلل إلينا الخجل، خاصة إذا شاركنا بسماعه أحدهم، ولكن مع تكرار تسجيل الصوت مرة تلو الأخرى يختفي ذلك الاحساس، وتبدأ الثقة بالنفس، كذلك الأمر بالنسبة للصور، وهذا الأمر يشعر به أكثر من يعمل في مجال الإلقاء والتقديم و”الدوبلاج”، الأمر الذي يتطلب تمريناً وتدريباً مضاعفاً، الخبيرة الاجتماعية هيام عبدو تقول: بالنسبة للأشخاص العاديين قد يكون الخجل مردّه قلة ثقة بالنفس تعود للصغر ولطريقة وسلوك كل عائلة، فالملاحظات الكثيرة التي يوجهها الأهالي لأبنائهم، سواء من ناحية طبقة صوتهم المرتفعة، أو جلوسهم مع الضيوف ومشاركتهم الحديث، تكبر معهم وتولّد في داخلهم قلة الثقة بالنفس، لاسيما عند الفتيات، وتوجيه الانتقادات للشكل الخارجي، لذا تتجه أكثرهن للفوتوشوب عند التصوير، أما بالنسبة للتطبيقات التي تعتمد على عدسات لا تعكس الصور، فهي أشبه بالمرايا التي نفضل مشاهدة أنفسنا فيها كسناب شات مثلاً، والأمر لا يتعلق بقبح أو جمال، بل هو الاعتياد على مشاهدة النفس في إطار معين.
 
عوامل داخلية
الاستغراب من سماع أصواتنا المسجلة يعود أيضاً لفكرة الاعتياد، فنحن غير معتادين على سماع صوتنا بالنغمة نفسها التي يسمعنا بها الآخرون، ويفسر خبراء هذه الظاهرة بأن العديد من العضلات والأنسجة تقوم بتخفيف حدة الموجات الصادرة من الأحبال الصوتية، والتي تنتقل بعد ذلك للفك السفلي وعظم الصدغ، وبالتالي فإن كل شخص يسمع صوته بنغمة تختلف عن الصوت الحقيقي الذي يسمعه آخرون.
 
تقول عبدو: رغم صعوبة تغيير نغمة الصوت المرتبطة بعوامل داخلية عديدة، توجد بعض الأفكار التي تساعد على تدريب الصوت ليصبح أقوى في التأثير، وتضيف: الصوت يعكس الحالة الداخلية للإنسان من مشاعر خوف، وعدم ثقة بالنفس، لذا فإن التفكير بأمر إيجابي، والاسترخاء يساعدان على تحسين الصوت، وقراءة أي شيء بصوت مرتفع يومياً لمرات عدة تساعد في اكتساب مزيد من الثقة كذلك، وفيما يتعلق بالأطفال يجب على الوالدين الابتعاد تماماً عن توجيه الانتقاد المتكرر لهم أمام الآخرين، سواء بسلوكهم أو شكلهم الخارجي، والعمل على تقوية شخصياتهم منذ الصغر، وكسر الخجل دون الخروج عن الأدب، ما يساهم في بناء طفل وشاب سليم قادر على مواجهة الحياة، والتصدي لها، وليس فقط التصدي لكاميرا موبايل.
نجوى عيدة-البعث