هل نلجأ إلى الأب عندما يجور علينا الزمان؟

هل نلجأ إلى الأب عندما يجور علينا الزمان؟

شعوب وعادات

الاثنين، ٢٢ يونيو ٢٠٢٠

في عيد الأب الذي يصادف اليوم الأحد 21 يونيو من كل عام نستذكر وصفاً عميقاً لعطف وحنان الأب، نستلهمه من المثل البلغاري (قد يزأر الأسد ولكنه لا يلتهم صغاره)، ولعل هذا أيضاً ما كانت تريد أن تؤكده الكاتبة البريطانية ومؤلفة الروايات الأكثر مبيعاً (فريا نورث) في حديثها عن العلاقة التي تربطها بوالدها، وكيف أن هذه الأواصر القوية التي كانت تجمعها به في الطفولة قد فترت وضعفت في مرحلة الشباب، لكنها عادت وازدادت قوة بعد ذلك حين اكتشفت أن الأب هو العون الأكبر لابنته إذا ما جار عليها الزمان، وأنه قد يغضب وينفعل و«يزعل»، ولكنه يبقى في النهاية الأب الذي يحب ويسند ويقدم النصح، وقد كتبت عن تجربتها النفسية مع والدها قائلة:
لم أستمع لنصيحته.. لكني عدت إلى حضن أبي
"في العشرينيات من عمري، عارض والدي زواجي من رجل كنت أظن أني أحبه، رغم أنه ليس من ديني ولا من مجتمعي، وقد حذرني والدي من عواقب هذا الارتباط بعد أن التقاه وشعر بحكم تجربته في الحياة بأنه ليس الرجل الذي يناسبني، إلا أني لم أستمع لنصيحته وعاندته لأني كنت أريد أن أنتصر لإرادتي واستقلاليتي، وأثبت له أني امرأة ناضجة ومسؤولة عن قراراتي، ولكن بعد خمس سنوات من زواج غير سعيد وتجربة مرة ومشاكل من كل نوع طُلِّقت من زوجي، وعشت بعد الانفصال تجربة نفسية صعبة أدخلتني في دوامة من الاكتئاب، وقد حاولت أمي وكذلك صديقاتي تخفيف الصدمة والأخذ بيدي للعودة مجدداً إلى حياتي الطبيعية، ولكن كل محاولاتهن ذهبت أدراج الريح، لأن المرارة والقنوط والإجهاد النفسي الذي كنت أشعر به أقوى من مواساتهن، وقد كنت بحاجة إلى أبي، ولكني لم أفكر بالالتجاء إليه؛ خوفاً من لومه وتقريعه لي، وتجنباً لإقراري بالهزيمة أمامه، لكني استجمعت شجاعتي ذات يوم، وقلت له: «أبي، أريد أن أتحدث معك عما يحزنني»، وكانت دهشتي كبيرة عندما ضمني إلى حضنه كما كان يفعل معي وأنا طفلة صغيرة، ومسح دموعي بحنان، حينها عرفت أن علاجي سيكون عند أبي وليس عند غيره، وهذا ما كان."
الرجل الذي يعرفني أكثر من الآخرين
وتتابع الكاتبة:
" قال لي أبي: يا ابنتي لقد أخطأت بزواجك من هذا الرجل، ولكني أثق بك وأعرف أنك ستمضين قُدماً بحياتك بعد أن تضعي هذه التجربة القاسية خلفك، لأني أثق بك وبقدرتك على النهوض من جديد، وأنت بكامل قوتك وكبريائك وكرامتك. هل تدرون ما حدث؟ لقد صدقت ما قاله أبي، رغم أني قد سمعت هذا الكلام من أناس آخرين، وحتى من أمي، ولكني لم أكترث لما يقولون، لكن كلمات والدي كانت شيئاً آخر، فقد غيرت حياتي وجعلتني أشعر بأني أُولد من جديد، لأنه ببساطة أبي الرجل الذي يعرفني أكثر من أي إنسان آخر، وقد بكيت يومها في حضنه كما لم أبكِ من قبل، واعترفت له بأنه كان مصيباً وكنت أنا المخطئة.
استعدت أبي من جديد
وتقول الكاتبة في حديثها عن هذه التجربة:
"لقد قضيت سنوات المراهقة وبداية الشباب، وأنا أريد أن أُثبت لأبي أني أمرأة قوية لا تحتاج إلى نصائحه، وقد دخلت معه في مراحل من حياتي في تحدٍ وعصيان يصل إلى نكران الجميل وكأنه غريمي وليس أبي، والآن وبعد هذه التجربة أشعر بأني قد استعدت أبي من جديد وأن علاقتنا صارت أقوى وأجمل، وأن أحدنا ما عاد يستطيع أن يستغني عن الآخر."