هل الحب يصنع المعجزات فعلا؟!

هل الحب يصنع المعجزات فعلا؟!

شعوب وعادات

الأحد، ٦ سبتمبر ٢٠٢٠

إن الحب يصنع المعجزات، فلقد رأيت بعيني كلباً وقطة نائمين على بعضهما البعض ليدفئا نفسيهما، فكان الاثنان يحبان بعضهما ويخافان على بعضهما كما يقول ابراهيم الفقي. والحب هو الذي يجعل للأشياء قيمة كما يقول سعود السنعوسي في ساق البامبو.
 
مجالات الحب
فدوائر الحب تكون في حب الله تعالى وإن رضا الله تبارك وتعالى يجب أن يكون الشغل الشاغل لكل إنسان في هذه الحياة حتى إن البعض يقولون إن معرفة الله تبارك وتعالى هي المهم وبقية الأمور كلها تفاصيل، وثانياً حب المخلوقات فإن حب الله سبحانه وتعالى ينبع منه حب كل مخلوقاته سواء من بني آدم أو من المخلوقات الأخرى، وثالثاً حب النفس فعليك أن تحب نفسك وتقدرها، وتقول أنا أحب الهدية التي وهبني الله سبحانه وتعالى إياها، وثم حب الوالدين فعليك أن تحب والديك مهما فعلا، وعليك أن تحب أفراد العائلة، فلا بد لنا أن نصل لمرحلة ندرك فيها كيف نحب وكيف نجهر ونعلن عن هذا الحب، وثم يأتي حب العمل.
فتعلم كيف تجتاز ما يعترضك من ظروف وعقبات، وكيف تتكيف مع ما لا تستطيع اجتيازه مما لا يرضيك ولا تحب من حالات وظروف ومواقف، وثم دائرة حب الناس، فإن طبيعة الانسان الداخلية هي التي تحدد علاقته بالآخرين. وكما يقول ريتشارد تمبلر بأنه ليس شرطاً أن تحصل على الحب من حيث أعطيته، فالحب يصنع المعجزات وإنما عليك بأن تنسى أنك أعطيت الحب وستتلقى الحب من حيث لا تدري. وإن حياتنا إذا ما أفرغناها من المشاعر فبئس الحياة هي كما يقول كريم الشاذلي. وكما يقول أفلاطون أنه إذا أردت أن يدوم حبك فأحسن أدبك، فإن الحب قيمة عليا يمكن الحفاظ عليها باتباع عدد من الأخلاق.
 
العشق ليس حباً
يصف قيس ليلى عشقه قائلاً:
أعد الليالي ليلة بعد ليلة
أراني إذا صليت يممت نحوها
وما بي إشراك، ولكن حبها
أحب من الأسماء ما وافق اسمها
هي السحر إلا أن للسحر رقية
وقد عشت دهراً لا أعد اللياليا
بوجهي وإن كان المصلى ورائيا
كمثل الشجا أعيا الطبيب المداويا
وأشبهه أو كان منه مدانيا
وأني لا ألفي لها الدهر راقيا
 
وكما يقول الإمام علي بن أبي طالب واصفاً حال العشق إذ أبلغ الوصف فقال: "العشق مرض ليس فيه أجر ولا عوض". فكن الرجل في معانيه القوية فلن تجد المرأة معك إلا في أقوى معانيها كما يقول مصطفى صادق الرافعي. وقد قال نزار قباني ذات مرة بأنه فاتن وجهك لكن في الهوى لا تكفي فتنة الوجه الجميل. ويؤكد الرافعي في وحي القلم قائلاً بأن الأسرة لا تقوم على سواد عيني المرأة وحمرة خديها، بل على أخلاقها وطباعها. وكما يقول عبد الكريم بكار بأن السعادة تحب الغفلة، وتقلقها الأسئلة المستفزة التي تطعن في حقيقة وجودها مثل: ترى هل أنا سعيد؟ ومن لا يعرف شيئاً لا يحب أحداً، ومن لا يستطيع أن يفعل شيئاً لا يفهم أحداً، ومن لا يفهم شيئاً لا قيمة له، ولكن من يفهم فإنه أيضاً سيحب ويلاحظ ويرى، وكلما ازدادت المعرفة بشيء عظم الحب، وإن أي إنسان يتصور أن جميع الثمار تنضج في الوقت نفسه الخاص بنضج الفراولة لا يعرف شيئاً عن العنب كما قال بارسيلسوس.
 
شعور "الوقوع في الحب" وليس الحب
ومن يعتقد بأن الحب يبدأ عند الزواج فهو مخطئ فهذا هو شعور مختلف عن الحب بل هو يسمى بالوقوع بالحب، وعمره الافتراضي يقدر بالسنتين وما يلبث أن يختفي، ومن يبحث عن الحب بالزواج من زوجة غير زوجته فقد أخطأ لأن هذا الشعور سوف يختفي على حد أقصى بعد سنتين، أما الحب الحقيقي فيبنى بعد السنتين ويستمر مدى الحياة. فكلمة الحب هي أهم كلمات اللغة، وهي أيضاً الكلمة الأكثر إثارة للحيرة، وقد اتفق كل المفكرين الدينيين والمفكرين العلمانيين على أن الحب له دور مهم في الحياة، وقد قيل إن الحب هو أسمى معاني الجمال.
 
الحب قيمة عليا سامية
وقيل أيضاً الحب يجعل العالم يتطور، وقد تناولت آلاف الكتب والمجلات والأغاني وكذلك الأفلام هذه الكلمة، ووضعت العديد من الأنظمة الفلسفية الحب في مكانة متميزة، وأراد الرسل والأنبياء أن يكون الحب هو السمة المميزة لأتباعهم كما قال جاري تشابمان في كتابه اللغات الخمس للحب. وقد توصل علماء النفس إلى أن حاجة الانسان إلى الشعور بأنه محبوب تعد ضرورة عاطفية بشرية أساسية، فلأجل الحب نتسلق الجبال، ونعبر الأنهار، ونجتاز الصحاري، ونتحمل الكثير من الصعاب، ولكن بدون الحب تصبح الجبال صعبة التسلق، والبحار مستحيلة العبور، والصحاري لا يمكن احتمالها، وتصبح الصعاب هي مشكلتنا في الحياة. وقد أعلى الأولون من شأن الحب عندما أوضحوا أن أي شيء يحققه البشر ولا يكون الحب هو الدافع الأساسي له فهو لا يساوي شيئاً في الحقيقة، وانتهوا إلى أنه في آخر مشهد من مشاهد الدراما الإنسانية ستبقى ثلاث شخصيات فقط وهي الإيمان والأمل والحب، ولكن أعظم شيء فيها هو الحب.
 
للحب لغات
وللحب لغات خمس كما صنفها جاري تشابمان، وهي كلمات التشجيع كما قال مارك توين بأنني أستطيع أن أعيش لمدة شهرين على الثناء اللطيف، وتكريس الوقت فإن أحد الجوانب الأساسية في تكريس الوقت هي المعية، وليس يعني ذلك القرب المكاني، بل المعية معناها التركيز الشامل، وتبادل الهدايا، وأعمال خدمية فالطلب مولد للحب أما الأمر فإنه يوقف تدفق الحب، واللغة الخامسة وهي الاتصال البدني وهو يشمل اللمسات والقبلات وغيرها.
 
فالحب شيء عظيم وهو بالفعل يفعل المستحيلات في العلاقات الإنسانية، ومعظم المشاكل بين الأزواج أو في علاقاتنا بالأطفال فنحن قادرين على أن نحلها جميعاً بمعرفة لغة الحب الخاصة بهم وتفعيلها معهم، فلنطبق لغات الحب الخمس في حياتنا لأن الحب يصنع المعجزات.