الطفل من ثمرة حب إلى “ضحية”زواج ومحصلة طلاق!!

الطفل من ثمرة حب إلى “ضحية”زواج ومحصلة طلاق!!

شعوب وعادات

السبت، ٣٠ يناير ٢٠٢١

“ماما ليش مانا عايشين نحنا والبابا ببيت واحد” سؤال طرحه ابن صديقتي على أمه التي تلعثمت بالحديث وأجابته بأن للكبار مشاكلهم التي لا يمكن للأطفال فهمها “ماما بس تكبر بتفهم”, عند انفصال الوالدين يقع الطفل ضحية هذا الفراق ويجد نفسه مشدودا لأحد الطرفين, ويبقى الوالدين على صراع دائم متناسين الحالة النفسية التي يقع بها الأبناء جراء الخلافات المتكررة التي تقع أمام أعينهم لينتج عن ذلك طفل مهزوز وعديم الشخصية .
تشرد بعد الطلاق
أوقات كثيرة يكون الأبناء بعيدين عن أحد الوالدين لأسباب مردها القدر والموت أو سفر الأب بحثا عن لقمة العيش وتحسين الوضع الاجتماعي ومنهم من غادر البلاد تحت وطأة الإرهاب وترك ورائه عائلته على أن يقوم بلم شمل لهم بوقت لاحق , هذه أمور كلها مفهومة للأم وللطفل الذي يبقى على تواصل مع والده عبر منصات التواصل الاجتماعي وتبقى الأم كذلك برفقة الأبناء عند حديثهم مع الأب, بمعنى جو العائلة والألفة يبقى موجودا رغم المسافات ,لأن الطفل يدرك أن أباه بعيد من أجله وأجل أمه وإخوته, لكن في حالات الطلاق يبقى الأمر مختلفا تماما إذ أغلب الحالات تكون كيدية, وللأسف من يختارون الانفصال عن رضا ويحافظون على علاقة طيبة مع الشريك هم قلة قليلة, لذلك تبقى المشاكل والخلافات مديدة طوال فترة الزواج وبعده فيكون الأبناء هم الخاسرون دوما وبدل أن يكونوا ثمرة حب يصبحون “خطأ”، هذا ما قاله محمد الذي يمشي بمعاملة الطلاق من زواج دام تسع سنوات وأثمر عن ثلاثة أطفال يصفهم أبو خضر بأنهم خطيئة زواج غير مدروس، وسيبقون مع جدتهم لأن أمهم رفضت أخذهم معها؛ أما مجدولين التي لديها طفلة واحدة بعمر السنتين تصر على أن لايرى الأب ابنته سوى في مركز الإراءة فالطفلة من حقها – كما تقول – ولن تسمح لطليقها برؤيتها أو أخذها منها.
أثناء حديثنا مع مجدولين يعلو صوت صراخ عند باب القاضي لزوجين يشتمان بعضهما ويبديان ندمهما على “الساعة لي تعرفوا فيها على بعض” وللأسف يحصل هذا الشجار أمام اثنين من أبنائهم , وبتفكير بسيط لا يحتاج لخبرة وتحليل، يخيل إليك المستقبل الذي ينتظر هذين الولدين والحياة التي ستكون بعد رؤية أقرب الناس إليهما بهذا المشهد؛ وهنا نحن نتحدث وننقل حالات أمام أعيننا في عدلية دمشق فكيف هو الحال – يا ترى!! – في باقي المحافظات, ومع غياب إحصائية دقيقة لعدد الطلاق خلال الحرب وعدم وجود دراسة واقعية لحالة الأسرة السورية, نبقى بعيدين كل البعد عن عدد الأطفال فاقدي الأبوين وعندما نقول هذا المصطلح فإننا نقصده تماما خاصة بعد تصريح سابق للقاضي الشرعي الأول بسورية محمود معراوي عن حالات تسييب الأبناء ورفض الوالدين اصطحابهم بالتالي تشردهم في الشوارع  ومحظوظ من تأتي جمعية وتحتضنه أو حتى من تلحظه وزارة الشؤون الاجتماعية وتأخذه لأحد الجمعيات والمراكز التابعة لها، وخير دليل على كلامنا الأطفال الثلاثة المشردون والذين تم متابعتهم من قبل “الشؤون” حيث تبين أن اثنين منهم لأبوين متوفين وواحد كان قد تركه والده فألزم الأخير به وبرعايته، فالطلاق إذاً لا يولد فقط أبناء من والدين منفصلين بل يتعدى ذلك لأطفال متسولين ومشردين رفضهم الأب والأم، فأي غد ينتظرهم؟
مخاوف
وللوقوف على الحالة النفسية التي يخلفها انفصال الوالدين على الأطفال, بينت المستشارة النفسية دعاء العجوز أن الزواج أولا يجب أن يبنى على التفاهم والاحترام قبل الحب, ثم تبدأ العشرة والتعارف الحقيقي لأن كل ماقبل ذلك كذبة يبتدعها الطرفين للتجميل بنفسهما معتقدين أن الحياة الزوجية وتأسيس العائلة كلمة وتقال, وقلة قليلة من يفهمون واقع المؤسسة الزوجية والصعوبات التي يتعرض لها الطرفان لتحقيق حياة ناجحة وصحيحة تؤهلهم لإنجاب أطفال ماعدا ذلك لاينبغي التورط بالإنجاب قبل عامين أو ثلاثة إن كان الزوجين قد تم زواجهما عن طريق المعارف أو قد بدأ بالكذب. وقالت العجوز: للأسف، الأطفال هم ضحية أي علاقة سواء شرعية أو غيرها قد يكون من المفهوم وضع الطفل في الحالة غير الشرعية لكن في الحالات القانونية يأتي الطفل بعد موافقة الطرفين ورغبتهم بالإنجاب.. هنا من الواجب عليهما تكريس حياتهما والتضحية لإسعادهم. وتضيف العجوز: الأطفال البعيدين عن والديهم يكونوا أقل توازن من غيرهم ويعانون من ضعف في الشخصية وقلق دائم يسبب لهم تأخراً في التحصيل الدراسي وخوفاً دائماً من المستقبل لأنهم بفقدهم القوة والسند والأمان يفقدون كل شيء, ومغبة هذه المشاعر وخيمة في المستقبل فأغلب الأطفال البعيدين عن عائلاتهم لاينتجون شيئا ويسيرون في طريق الانحراف والإجرام , ومن لاتأخذه الحياة في هذا المنحى يبقى يشعر بالنقص تجاه زملائه وقد ينجح لكن يعيش دائما حياة الوحدة والخوف من تأسيس عائلة وبيت خاصة من كان يشهد الخلافات ويعيها, ولا فرق بين الصبي والفتاة في التأزم النفسي إذ تقول الدراسات أن التأثير النفسي قد يكون ذاته فالفتاة تفقد الحنان والصبي يفقد القوة ومخاطر المستقبل ذاتها للطرفين, وتمنت المستشارة النفسية التأني قبل الطلاق والتفكير مليا بالأبناء واحتضانهم ومحاولة إقامة علاقة جيدة مع الشريك حتى بعد الإنفصال حفاظا على الأبناء لأن العائلة بنظر الطفل هي الحياة وعندما تهتز هذه الصوره بمخيلته لا يعول عليه بأي شيء.
نجوى عيدة