الشعور بالذنب.. هل هو سلاح مدمر للصحة؟

الشعور بالذنب.. هل هو سلاح مدمر للصحة؟

شعوب وعادات

السبت، ١١ يونيو ٢٠٢٢

يوجد بداخل كل منا كائن ضخم، عملاق مخيف، وحش كاسر، يظهر حينما تفعل شيئاً خاطئاً، أو عيباً، أو حراماً، يسمى هذا الكائن أحياناً "الأنا الأعلى"، وأحياناً أخرى "الضمير"، وأحياناً "النفس اللوّامة".
يقول طبيب علم النفس، الدكتور رائف الريماوي: "يتكوّن داخلنا هذا الجزء من تركيبنا النفسي، ابتداء من سن ثلاث إلى خمس سنوات تقريباً، ويكون أحد أهم مصادره طريقة تربية الوالدين لنا، وكم فيها من حنان أو قسوة وعادات وتقاليد وموروثات المجتمع الذي نولد فيه، وكم فيه من تسامح وقبول، أو ظلم ورفض، وكذلك معتقدات وتعاليم ديننا، وكم قام من أوصلها لنا بالتركيز على العفو والغفران، أو العقاب والانتقام".
ويبين الريماوي أن مفهوم الشعور بالذنب في علم النفس، هو "مجرد حالة انفعالية تتضمن مشاعر مؤلمة تكون نابعة من ضمير الشخص، وذلك لارتكابه فعلاً أو حدثاً يعكس عليه أسفاً عميقاً، فإن الشخص الذي يعاني الشعور بالذنب يشعر بشعور غير مريح ومرتبط بالخوف من جرح مشاعر الآخرين".
ويضيف: "الشخص لا يشعر بالذنب تجاه الآخرين فقط، بل تجاه نفسه وأفكاره أيضاً، وذلك يوضح أن شعور الشخص بالذنب يكون بسبب أنه قد أخطأ في حق صديق أو قريب أو أي شخص آخر، أو لاكتشافه أن الأفكار التي كان يعتنقها خاطئة، وبالتالي يلوم نفسه لاعتناقها من البداية".
ويوضح الريماوي أن أقوى سلاح يمكن أن يستخدمه أحد ضدك، هو أن يشعرك بالذنب تجاهه، وأقوى سلاح يمكن أن تستخدمه ضد نفسك، هو أن تشعرها بالذنب بمناسبة ودون مناسبة، وأقوى سلاح يستخدمه بعض الآباء والأمهات كي يسجنوا أطفالهم في سجون حصينة من الطاعة العمياء والصوت المنخفض والعين المكسورة، هو أن يشعروهم بالذنب، على مجرد وجودهم في الحياة بعض الأحيان.
ويشدد الريماوي على أن الشعور بالذنب يمكن أن يدمر الحالة الصحية للجسم نفسياً، عبر الانغماس في تهيؤات وخيالات تؤثر على انغماس الإنسان في حياته الطبيعية، ويضيف: "يجب أولاً أن تعلم أن الشعور بالذنب له نوعان: نوع صحي ومفيد ومطلوب، ونوع آخر مرضي ومؤذٍ ومدمر، وبينهما أنواع أخرى كثيرة. فالشعور الصحي بالذنب هو أنك حينما تخطئ وتكتشف أنك قد أخطأت تراجع نفسك، وتتعلم من خطأك، ولا تكرره، وتعتذر، أو تتوب. أما الشعور المرضي بالذنب، فهو أنك حينما تخطئ، تنصب لنفسك بعدها محاكمة قاسية غير عادلة، تشعر فيها بأن الصواب خطأ، وأن الخطأ مصيبة، وأن المصيبة هي نهاية العالم، فتعلق لنفسك المشنقة كل يوم، وتجلدها وتعذبها كل ساعة. الأول تمارس فيه آدميتك بأنك تستحق ما منحه لك ربك من حق في الخطأ والضعف والفشل، فتتعلم من خطأك، وتقبل ضعفك، وتحاول مرة أخرى بعد فشلك. أما الثاني، فتجرد فيه نفسك من آدميتك، ولا تسمح لها بممارسة حقها الرباني، الذي من أجله تمت تسميتك إنساناً".