5 ألغاز أثرية غير محلولة.. أحدها في بلد عربي

5 ألغاز أثرية غير محلولة.. أحدها في بلد عربي

شعوب وعادات

الاثنين، ٨ أغسطس ٢٠٢٢

يمكن لعلم الآثار أن يكشف عن الماضي بطرق رائعة ومذهلة، لكن لايزال هناك الكثير من الألغاز الأثرية المثيرة للاهتمام، التي لم يتم حلها بعد.
وبالطبع، يكشف علم الآثار عن البقايا المادية للحياة الماضية، ويكشف من نحن، ومن أين أتينا، فمثلاً تعد أهرامات مصر الضخمة بمثابة تذكير مذهل ببراعة ودراية المصريين القدماء، وقد تأثرنا عندما شاهدنا بقايا رماد لمواطني "بومبي" الذين قُتلوا عندما ثار جبل "فيزوف". لكن لسوء الحظ، إن العديد من المواقع الأثرية الرائعة لم تكشف بعد عن أسرارها، وتمنحكِ هذه السطور السبق الصحافي، حول خمسة من أكثر الألغاز الأثرية إثارة للاهتمام والجدل، والتي لاتزال تنتظر الحل.
موقع قبر الإسكندر الأكبر
في عام 323 قبل الميلاد، كان الإسكندر المقدوني يبلغ من العمر 32 عامًا فقط، وكان في أوج قوته، لكن أثناء استراحته في قصر نبوخذ نصر الثاني في بابل، أصيب بمرض شديد، وبعد حوالي 11 يومًا من الضعف غير المشخص وفقدان الوعي، توفي هذا القائد المشهور.
ولم يسمح لرفات الإسكندر بالراحة، فبعد تأمين جثته في تابوت ذهبي، نظم جنرالاته وأصدقاؤه موكبًا ضخمًا لأخذ جثته إلى الوطن لدفنها في مقدونيا، لكنهم تعرضوا لكمين من قبل جنرال في جيش الإسكندر يُدعى بطليموس، الذي حكم مصر باسم بطليموس الأول سوتر.
واختطف بطليموس جثة الإسكندر، وأعادها معه إلى مصر ودفنها في مكان ما بمدينة ممفيس، ثم نقلها ابنه بطليموس الثاني فيلادلفوس إلى المدينة التي سميت باسمه الإسكندرية، على ساحل البحر الأبيض المتوسط. 
وهناك بقي القبر لقرون قبل أن يختفي، حيث إن آخر مرة تم ذكره فيها كانت بالعصور القديمة، وكانت من قبل البليغ اليوناني ليبانيوس عام 390م، لكن لايزال العثور على مقبرته حلماً يراود الباحثين وعلماء الآثار في العالم كله.
  نصوص كريت مينوان 
  عام 1886، بدأ عالم الآثار البريطاني، آرثر إيفانز، وهو خبير بحضارات بحر إيجه في العصر البرونزي المتأخر، في جمع أجزاء فخارية من جزيرة كريت كانت مغطاة بخط مكتوب غامض، ولم يكن يعلم أنها ستبقى غير مفككة بعد حوالي 150 عامًا.
مع المزيد من الأمثلة، التي تم الكشف عنها خلال عمليات التنقيب التي أجراها في قصر كنوسوس، والتي بدأت عام 1899، ووجد إيفانز أن النص كان جزءًا من نظام كتابة خطي، يختلف عن الكتابة الهيروغليفية التصويرية لمصر القديمة، أو النصوص المسمارية لبلاد ما بين النهرين، المرتبطة بمينوان، وهي حضارة ازدهرت في جزيرة كريت بين عامَيْ: 1800 و1450 قبل الميلاد.
واكتشف إيفانز، أيضًا، نصًا آخر أطلق عليه "Linear B"، والذي تم فك شفرته أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، واتضح أنه شكل مبكر من اليونانية المستخدمة في كتابة اللغة الميسينية.
وعادة، يصعب فك رموز اللغات القديمة، وهناك العديد من الأمثلة للنصوص المكتوبة، التي لم تتم ترجمتها بعد، بما في ذلك نص هارابان لحضارة وادي السند في جنوب شرق آسيا، ونص أولمك لحضارة الأولمك في أميركا الوسطى، ورموز رونجورونجو الخاصة بحضارة وادي السند في جنوب شرق آسيا، على سبيل المثال لا الحصر.
لماذا رسمت خطوط "نازكا" البيروفية؟
خطوط "نازكا" عبارة عن مجموعة من الأشكال الجيوغليفية الضخمة المنتشرة في جميع أنحاء صحراء نازكا بجنوب بيرو، وتم إنشاؤها من قبل أهل ثقافة "نازكا "بين 400 قبل الميلاد و500 م، الذين كشفوا عن طبقة من التربة المميزة ذات اللون الأصفر والرمادي عن طريق تحريك الحجارة الكبيرة والحصى، الصغيرة والمنتشرة في جميع أنحاء المناظر الطبيعية الصحراوية.
وهناك أكثر من 800 خط مستقيم، و300 شكل هندسي، و70 تصميمًا رائعًا للحيوانات والنباتات (الأشكال الحيوية)، التي تشكل مجموعة خطوط "نازكا"، ونظرًا لأن معظمها ضخم، حيث يراوح طولها بين 400 و1100 متر، فإن أفضل طريقة لمشاهدتها هي من أعلى.
إن الخطوط الجيوغليفية مذهلة في تفاصيلها وفنها، وأكثر ما يمكن التعرف عليه هو تمثيلات الحيوانات الواضحة، بما في ذلك: العنكبوت، والقرد ذو الذيل الملتف، والطيور الطنانة، والكوندور، والبجع، والسحلية، والحوت.
ومنذ إعادة اكتشافها من قبل عالم الآثار البيروفي توريبيو ميخيا زيسبي، الذي شاهدها أثناء صعوده أعلى تل عام 1927، تباحث العلماء وعلماء الآثار وعلماء الأنثروبولوجيا سبب إنشاء خطوط نازكا.
وكان بول كوسوك من أوائل المنظرين، وهو أول عالم لاحظ وجودها من الجو، فاقترح في البداية أن تلك الخطوط كانت جزءًا من نظام ري قديم، ثم اقترح لاحقًا أن الخطوط ربما كانت جزءًا من السمات الفلكية، مثل: خريطة المرصد أو النجوم. واعتقد العلماء أن الخطوط تشير إلى نقاط في الأفق، حيث ترتفع أو تغرب الشمس والأجرام السماوية الأخرى أثناء الانقلابات. ومع ذلك، لا يوجد دليل كافٍ لدعم هذه النظرية، وبالتالي هي غير مدعومة على نطاق واسع. أما أكثر النظريات شيوعاً، فتعود إلى يوهان راينهارد، الذي اعتبر أن شعب "نازكا" أنشأ الخطوط كمسارات طقوسية لإرشادهم إلى الأماكن المقدسة، حيث يمكنهم مناشدة الآلهة للحصول على المزيد من المياه والمحاصيل الخصبة.
عام 2011، وبعد خمس سنوات من العمل الميداني، اكتشف فريق ياباني من جامعة ياماغاتا رسمين صغيرين، و100 نقش جغرافي جديد. ومؤخرًا عام 2019، وبمساعدة الذكاء الاصطناعي والآلات الحديثة، تمكن العلماء من إجراء مسح للبيانات، التي تم جمعها من الأبحاث السابقة، والعثور على أشكال جغرافية لم يتم التعرف إليها سابقًا.
ويتوقع أنه مع التطور السريع لتكنولوجيا الطائرات بدون طيار وقوة الحوسبة، سيتم العثور على المزيد من نقوش "نازكا"، ومعها ربما اكتشاف سبب إنشاء شعب نازكا لها.
لماذا نحت شعب "ديكوي" الكرات الحجرية لكوستاريكا؟
يوجد أكثر من 300 بيتروسفير (كرات حجرية) في دلتا ديكيز، وعلى جزيرة إيلا ديل كانيو في جنوب كوستاريكا، ويُعتقد أنه تم إنشاؤها بواسطة ثقافة "Diquís"، التي ازدهرت في كوستاريكا بين حوالي 600 و1500 م، ويراوح حجمها بين 70 سم وقطرها 2.57 متر، ويقدر وزنها بما يصل إلى 16 طنًا.
تم نحت معظم الحجارة بدقة من الصخور النارية (البركانية) المعروفة باسم "gabbro"، وهي نسخة خشنة من البازلت، ويوجد أيضًا أكثر من 20 منحوتة من الأشكال الأكثر نعومة من الحجر الجيري والحجر الرملي.
وعانت معظم المواقع الأثرية في كوستاريكا قروناً من النهب، لكن تم إنقاذ الكرات الحجرية بفضل الطبقات السميكة من الرواسب الثقيلة التي أبقتها مغطاة ومخبأة لمئات السنين، وقد تم اكتشافها في ثلاثينيات القرن الماضي، وهي الآن على قائمة "اليونسكو" لمواقع التراث العالمي. يقول جون هوبس، مدير برنامج دراسات الشعوب الأصلية العالمية بجامعة كانساس: "الأشخاص الذين نحتوها لم يتركوا أي سجلات مكتوبة. لجأنا إلى البيانات الأثرية في محاولة إعادة بناء سياق إنشائها. وانقرضت حضارة الشعب الذي صنعها ونحتها بعد فترة وجيزة من الغزو الإسباني. لذلك، لا توجد أساطير أو قصص أخرى يرويها السكان الأصليون لكوستاريكا حول سبب صنعهم لهذه الكرات المنحوتة". لكن من المؤكد أنها لا تمثل بقايا معركة قديمة بين البشر وكائنات فضائية للسيطرة على الأرض، كما يسود الاعتقاد.
  جدار خط شبيب في الأردن
  خط شبيب (جدار شبيب) هو جدار حجري قديم، يمتد لمسافة تزيد عن 150 كيلومترًا، عبر المناظر الطبيعية الصحراوية في الأردن، ويُعتقد أنها تبدأ بالقرب من وادي الأحساء في وسط الأردن، وتجتاز المسطحات الحجرية والتلال الرملية باتجاه رأس النقب في الجنوب.
ورغم معرفة السكان المحليين بالجدار لعدة قرون، فإنه لفت الانتباه الدولي عام 1948 عندما لاحظ الدبلوماسي البريطاني السير أليك كيركبرايد الجدار، وهو يحلق فوق المناظر الطبيعية.
واليوم، يتم التحقيق فيه من قبل علماء الآثار، وقد اكتشفوا أنه يمتد في اتجاه الجنوب - الجنوب الغربي، إلى الشمال - الشمال الشرقي، وله جدران متفرعة على طوله، ويوجد أيضًا حوالي 100 برج يبلغ قطرها ما بين مترين وأربعة أمتار، والتي من المحتمل أنها استخدمت كأبراج مراقبة، وأماكن يمكن للناس أن يحتموا بها من شمس الصحراء القاسية.
ويقول عالم الآثار ديفيد كينيدي إن الفخار الموجود على طول الجدار، يشير إلى أنه تم بناؤه على الأرجح في وقت ما بين العصر النبطي (312 قبل الميلاد و106م)، والعصر الأموي (661-750م). وربما تم إنشاؤه بناءً على طلب من سلطة محلية، أو مجتمعات جزرية غير منظمة.