دور الأهل بمواجهة صعوبات الطفل في يومه المدرسي الأول

دور الأهل بمواجهة صعوبات الطفل في يومه المدرسي الأول

شعوب وعادات

الجمعة، ١٩ أغسطس ٢٠٢٢

دينا عبد:
تمثل المدرسة بالنسبة للطفل عالماً مختلفاً يقضي فيه أهم مراحل حياته، ونظرته لها في يومه الأول لا تخلو من الخوف والاستغراب لكل ما فيها من أشخاص وقوانين، وأنظمة جديدة تقيد حركته وتحدد سلوكه، فقد يميل البعض للبكاء ورفض دخول الصف، وقد يشعر آخرون بالقلق لعدة أيام قبل الذهاب للمدرسة.
د. إيمان نصور دكتوراه بتربية الطفل من جامعة دمشق أوضحت الصعوبات والمشاكل والمخاوف التي تواجه الطفل في أول يوم دراسي، من خلال عدم توقف الأمر على الاستغراب الذي يشعر به في يومه الأول، تجاه الأشخاص الغرباء المتمثلين بالمعلمين، أو التلاميذ الموجودين في المدرسة، والذين يقابلهم للمرة الأولى، بل توجد صعوبات ومشاكل حقيقية وعلى مستويات عدة تمثل مخاوف وهواجس منها: الاستيقاظ والنوم في مواعيد محددة، فقد أصبح ملزماً باتباع نظام محدد في نومه واستيقاظه، وقد يشعر بالجوع في المدرسة بسبب الوقت الطويل، ونظام المدرسة الذي يفرض مواعيد محددة لتناول الطعام.
أضف لذلك قضاء الحاجة فقد لا يكون الطفل بهذا العمر تعلم تأجيل حاجاته المحرجة، كالخروج إلى الحمام، وقد يخجل من طلب قضاء حاجاته من المعلم.
الشعور بفرق الاهتمام والمعاملة بين المنزل والمدرسة: فبعد أن كان محوطاً بمحبة وتقبل الجميع، لم يعد الآن يلقى الاهتمام نفسه في المدرسة.
طبيعة المعلمين النفسية والجسدية: في بعض الأحيان قد لا يتمكن الطفل من تقبل أحد مدرسيه، فيمكن أن يخاف أو يخجل منه ، وهذا يشكل صعوبة أمام تأقلمه مع المدرسة.
البعد عن الوالدين والإخوة والشعور بالغربة: من أكثر ما يخيفه في المدرسة ويحزنه هو بعده عن ذويه وإخوته، وعدم اعتياده بسهولة على هذا البعد.
التنمر والاعتداء من قبل الزملاء الأقوى أو الأكبر سناً، وهناك صعوبات متعلقة بالمدرسة نفسها.
أما الآثار الناجمة عن عدم تكيفه مع المدرسة، بينت د.نصور أن ما يعانيه الطفل من مخاوف في يومه الأول في المدرسة له آثار عدة قد تصل إلى ما هو أبعد من عدم الاندماج مع المدرسة، والخوف منها، وقد يكون ذلك سبباً في تأخره الدراسي، والتأثير على صحته النفسية، ومن هذه الآثار: تأخر المستوى التعليمي والدراسي، وتراجع القدرة على التوافق اجتماعياً، إضافة للشعور بالملل والضيق أثناء الدروس، نتيجة عدم تكيفه مع نظام المدرسة، ما يشعره بعدم الفهم للدروس، والضيق والملل وانتظار انتهاء الدروس بفارغ الصبر والخجل وقلة الثقة بالنفس.
وعن كيفية مساعدته في يومه الدراسي الأول قالت: هناك مسؤوليات تقع على كل من المعنيين في المدرسة والأهل، منها دور الأهل في دعم الطفل خلال أيامه الأولى في المدرسة، ومتابعته بشكل مستمر مع إدارة مدرسته ومعلميه، فحين يجد أن والديه لم يتركاه وحيداً، ويراهما يتابعان شؤونه سيشعر بالراحة والاطمئنان.
تعليمه مهارات التواصل الاجتماعي، عبر إدخاله في نشاطات وبرامج تعوّده مبكراً على الابتعاد عن ذويه، وتكوين علاقات اجتماعية ناجحة.
تشجيعه على الثقة بنفسه، وعدم الخجل من طلب حاجاته، حتى لا يجد صعوبة في تلبيتها، وتالياً شعوره بالضيق والتعب وتعويده على النوم والاستيقاظ باكراً .
أما واجبات المعلم في تشجيع الطفل في يومه الدراسي الأول، فيجب أن تتصف معاملة المعلم للتلاميذ بالمحبة والمودة من دون الخروج عن قيم الالتزام والانضباط، حتى لا يخاف الطفل من معلمه من جهة وينفر منه، ولا يفقد المعلم احترامه من جهة أخرى، ويفشل في أداء مهمته التعليمية.
ومن الضروري أن يعمل المعلم على إدماج الأطفال كلهم في الصف بمراحل، ومهام العملية التعليمة كافة، حتى لا يبقى أي من الأطفال منعزلاً، فللمعلم دور كبير في تشجيع قيم المشاركة، والتعاون بين الأطفال في غرفة الصف.
وأشارت د. نصور إلى أنه في بعض الحالات الحرجة التي لا يتمكن فيها الطفل من الاندماج في أجواء المدرسة يمكن السماح للأهل بالبقاء جزئياً مع أبنائهم ريثما تعالج المشكلة، ويتم تنظيم ذلك وفق برامج محددة ومدروسة من قبل الاختصاصي النفسي أو الاجتماعي في المدرسة، فالأهل جميعهم ينتابهم السرور والسعادة بعد أن يوصلوا أطفالهم إلى المدرسة لأول مرة، ويعودوا إلى البيت دونهم، شعور جميل، ولكن هذا اليوم بالنسبة للطفل هو أكثر من مجرد تجربة جديدة، هو تغيير شامل في أسلوب الحياة على مستوى الواجبات والمسؤوليات، وعلى مستوى الحقوق والحاجات، هو حياة جديدة بدأها هذا الصغير للتو تختلف كلياً عن حياته السابقة، لذا لابدّ من معرفة ما يمر معه خلال هذا اليوم من صعوبات، ودعمه ومساعدته في سبيل تجاوزها، وتعلم الدروس منها والنجاح في اختبارها.
تشرين