الشاعر جابر سلمان يتبرأ من نسب لا يحافظ على كرامته

الشاعر جابر سلمان يتبرأ من نسب لا يحافظ على كرامته

شاعرات وشعراء

الأربعاء، ٢٩ يوليو ٢٠١٥

قراءة بنيوية نفسية في قصيدته غريب النسب

محمد خالد الخضر
تبدو القيمة الدلالية واضحة وأكثر ظهوراً في الألفاظ التي استخدمها.. الشاعر بعد الحالة النفسية التي تكونت جراء الصراع الوجداني الناجم عن أزمة الزمان والمكان بعد الإدراك الحسي المحرك لتلك الأسس التي جاءت مكونة للقصيدة الشعرية عند جابر سلمان.
فجأة تغيرت المعايير كانت الذات النقية الشفافة ضمن حيز مكاني تعيش حياة اجتماعية حالمة وفق نظم بدت له أنها وهم وسرعان ما تغيرت وتبدلت بعد أول ظاهرة تفاعل معها، فبادر السلوك الفطري لفعلته الوجدانية وتحركت العاطفة لتنتفض القصيدة في داخل النفس المتأهبة فيقول الشاعر:
أي دار في المحيط العربي
هي داري وإليها نسبي
في مجمل بيته يعكس جابر سلمان الخصائص البنيوية التي تجلت في الخصائص النفسية ليبدأ عملية الاستنكار الإبطالي عبر الصدمة التي أشعلت الداخل الذاتي الإنساني بعد أن كانت بلاد العرب عنده وجوداً كونياً لا يساويه وجود.
فجأة ضاعت الفرسان ولاشت الحقيقة وتشوهت الكينونة واختلفت المقاييس وتخربت المعايير فيتساءل جابر سلمان غاضباً متمرداً مستغرباً مجروحاً على واقع يحسبه حقيقة فوجده وهماً رسمه في خياله فتعامل معه وفق ما تربى عليه من قيم وفضائل وطنية وفجأة كانت الكارثة، ورأى أولئك العرب كأنهم يتسابقون إلى العار والهزيمة والخذلان يقول:
أين منها اليوم فرسان الوغى
طارق الفتح وسيف العرب
لو سرى فيها النبي المصطفى
لبدا منه بريق الغضب
يستجيب الشاعر بحسه وشعوره لمتطلبات ضميره ووجدانه وما يصادفه من شقاء وبلاء وخذلان بالذات العربية الرافعة شعار القومية وذلك نتيجة الصراع بين ذاته الحالمة لعالم شريف عربي الوجود مرتكزاً على تاريخ عريق، وبين العلم الخارجي العربي المخذول المتراجع فتهتز التأملات وتتبدى الرؤيا بمكنوناتها الشعرية وجوهرها وتظهر الروح السامية الخلاقة لتقف أمام الحق الذي يمثل الخالق ويجسد الضمير فيرفض القادم الغريب المشوه لكينونة العربي الحقيقية بحجة الدين، ثم يرفض الطائفية بدلالات خارقة جريئة تظهر معالم شخصيته ومكوناتها وتلقي الضوء على عالمه الإنساني يقول:
أو مشى الفاروق فيها لرأى
أنه فيها غريب اللقب
لا علي لا ولا عيسى بها
غرق القوم بجمع الذهب
لا صلاح الدين يستفتى بها
لا ولا الصديق من رهط النبي
وفي غمار الحضور العاطفي للقصيدة الشعرية تساهم مكونات الموسيقا المنسجمة مع البنية العاطفية في اندفاع الخط البياني للقصيدة الشعرية التي اشتد حدثها عندما بدأ الشاعر يتكلم عن أسباب نسفه وذهابه لكتابة ما يعتمل في داخله وما يشتعل من عواطف وأحاسيس بقول:
استبدل القوم بقايا جلدهم
استبدلوها بقميص خرب
لا أرى فيهم سوى مستسلم
لبني صهيون أو منقلب
ليس فيهم غير أشياء الدمى
كل من فيهم على الأرض سبي
يظهر أن الشاعر ذهب في بائيته إلى مدرسة المعارضة الشعرية فعارض الشاعر عمر أبو ريشة في غوصه إلى أعماق بحر الرمل كما هاجم أولئك المارقين في رويه الباء فلم تخذله الموهبة في موازاة نص أبو ريشة الذي قال:
شرف الوثبة أن ترضي العلا
غلب الواثب أم لم يغلب
جابر سلمان ختم قصيدته بقوله :
غير أني كلما عدت إلى
متحف التاريخ ألقى نسبي
أبصر النور بعيني أمة
يلتقي مشرقها بالمغرب