عمر حلبي في ذكرى رحيله العاشرة.. الشاعر الذي أعطى للأغنية السورية هويتها المحلية

عمر حلبي في ذكرى رحيله العاشرة.. الشاعر الذي أعطى للأغنية السورية هويتها المحلية

شاعرات وشعراء

السبت، ٥ يونيو ٢٠٢١

نما الفن في سورية خلال النصف الأول من القرن الماضي تحت هيمنة نظيره في مصر فسادت المدرسة واللهجة المصريتان في عروض المسرح والأغاني حتى قيض للفن السوري اسمان كبيران أعطيا لهذا الإبداع هويته المحلية أولهما عبد اللطيف فتحي على الخشبة وثانيهما عمر حلبي في رحاب الغناء.
عرف عن الراحل الكبير عمر حلبي أنه شاعر الأغنية السورية وفارسها وهو الذي وقف نفسه لتطوير الكلمة وجعل اللهجة العامية الدارجة في الغناء قريبة من المشاعر وتخاطب القلوب.
حلبي الذي ولد في حي القيمرية الدمشقي سنة 1921 حصل على إجازة في الآداب من جامعة دمشق وعمل مدرساً للغة العربية في ثانوية المحسنية ثم ترك التدريس وصار موظفاً في العلاقات العامة بالجامعة حتى تقاعده سنة1981.
كانت الأغنية في سورية في النصف الأول من القرن الماضي قبل عمر حلبي تكتب باللهجة المصرية إلى أن التقى بالفنان الكبير الراحل رفيق شكري في إحدى السهرات فقال له “لماذا لا تكتب بلهجة بلدك” ومن هنا ولدت أغنيته الأولى بالفلا جمال ساري” التي غناها شكري عام 1942 ومن ذلك التاريخ عمل حلبي على إرساء دعائم تطوير الأغنية السورية المعاصرة لتكون مستقلة وجميلة.
وبعد أغنية “بالفلا جمال ساري” التي وصفها حلبي بأحد اللقاءات الصحفية: “إنها عبارة عن قصة تتشكل وتتكامل وتلد دون سابق إنذار وعندما تلد نجدها أروع مما كنا نتوقع لتعيش وتغني تراثنا الموسيقي” شكل مع شكري ثنائياً متكاملاً كان نتاج تعاونهما نحو 200 أغنية ومنها “غيبي يا شمس غيبي” و”خلي الحباب يسلموا” و”خدوا معاهم مها” و”خالي يا خالي” و”يا ساكنين الحي”.
كلمات حلبي لم تكن حكراً على شكري الذي توفي شاباً عام 1969 بل غنى له كبار المطربين والفنانين السوريين والعرب منهم الموسيقار محمد عبد الوهاب وفايزة أحمد وشادية وصباح وسعاد محمد وماري جبران وهدى سلطان ومها الجابري وصباح فخري ومصطفى نصري وكروان وربا الجمال ومعن دندشي وياسين محمود ورفيق سبيعي ودريد لحام ونهاد قلعي ونجاح سلام ووردة الجزائرية وجورج وسوف وعبد الرزاق محمد وغسان ناجي وكنانة القصير.
وتعاون حلبي مع كبار الملحنين السوريين في زمنه ومنهم عبد الفتاح سكر ومحمد محسن وزكي محمد ونمر كركي وعدنان أبو الشامات وإبراهيم جودت وسهيل عرفة ونجيب السراج.
وشكل حلبي مع الراحلين عبد الفتاح سكر وفهد بلان ثلاثياً رائعاً أغنى المكتبة الموسيقية السورية والعربية من خلال إدخال الدم الشاب إلى ساحة الغناء العربي من خلال صوت بلان الجبلي والفريد فقدموا أغنيات اكتسحت الشارع العربي برمته منها “شفتا أنا شفتا” و”يا بنات المكلا” و”جس الطبيب” و”اشرح لها”.
عمل حلبي على تجديد العديد من الأغاني التراثية وأعطاها بعداً من الحداثة والمعاصرة ومنها “فوق النخل” و”يا طيرة طيري” التي غنتها شادية و”ميلي ما مال الهوى” و”يا مال الشام” اللتان غناهما صباح فخري كما كتب لمهرجان الأغنية السورية الذي كرم فيه ثلاث مرات العديد من الأغاني.
حافظ حلبي على اسمه ومكانته فيما كتب طوال سبعين عاماً فاستحق عن جدارة وصف الشاعر السوري الكبير بدوي الجبل له بعد أن سمع بعض أغانيه “أن أغنية من أغاني عمر حلبي تعادل ديوان شعر بحاله”.
رحل عمر حلبي عن الحياة في 4 حزيران 2011 عن عمر ناهز 90 عاماً وفي إرثه أرشيف كبير من روائع الأغنيات السورية.
رشا محفوض