في سورية.. ترحل القامات الرياضية والإعلامية وتبقى المواقف والذكرى العطرة

في سورية.. ترحل القامات الرياضية والإعلامية وتبقى المواقف والذكرى العطرة

الأخبار الرياضيــة

الثلاثاء، ٣١ أكتوبر ٢٠٢٣

كم هي قاسية لحظات الوداع والفراق ، التي تسجل وتخزن في القلب والذاكرة ، وكم نشعر بالحزن وفداحة الخسارة والفجيعة ، ونختنق بالدموع ، ونحن نودع هذه الأيام في سورية كوكبة من جيل المربين والأساتذة الأفاضل المؤمنين بالرسالة التربوية والإعلامية العظيمة ، الناكرين للذات ، من ذلك الزمن الجميل البعيد.
هذا النوع من الرجال في زماننا قليل ونادر, قلما يجود الزمان بمثلهم, فإنّ الزمان بمثلهم لبخيل, من حين لآخر تفاجأنا الأقدار برحيل قامة عظيمة من قامات الوطن العزيز، لنصحو من سباتنا وروتين حياتنا اليومي على حدث جلل يجعلنا نتأمل فيما حولنا من أحداث ومواقف وشخصيات، بالتالي فإنّ ذلك يجبرنا على استشعار قيمتها ودورها في حياتنا، التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الثوابت الراسخة بالحياة، حتى أننا نعتبرها من الأساسات المعتادة لنا على مرّ الزمان، وعندما نفقدها تحدث الفاجعة، وتأتي الصحوة بعد الغفوة ولكن بعد فوات الأوان ووقتها، فإننا نستوعب قيمتها في مسيرتنا الحياتية.
إنّ أكثر ما يوجع في الفراق أنّه لا يختار من الأحبّة إلّا الأجمل في العين, والأغلى في القلب, قامات إعلامية ورياضية رحلت عنّا خلال الفترة الأخيرة, كانت في كل مواقفها رائدة وموجهة من أجل أن يكون الإعلام والرياضة السورية والعربية في القمة ,فكم نحن بحاجة إلى مثل هذا الطراز من الرجال, الذين لم يعرفوا الكلل أو الملل, رغم بلوغهم من العمر ما بلغوا وتواجدوا في ساحات البطولة والإباء, لكنهم يرحلون وقد تركوا في رحاب المحبة رايات خضراء وشجرة سنديان خالدة في مروج العطاء.
رحل هذا الأسبوع الخبرة الرياضية والإعلامية نور الدين الطرابلسي, وقبل أيام عميد الإعلاميين الرياضيين حسان البني, وسبقهم المربي شاهر شويكاني والراحل ناصر السيد الأمين العام للجنة الأولمبية السورية, غير أنّ ذكراهم ستبقى معلماً من المعالم التي تتصل بحياتنا بالصدق والمقدرة والرجولة ,خاصة وأنني عايشتهم وعاصرتهم, ونهلت من فكرهم القيم والمبادئ الإعلامية والرياضية السامية, وحب العمل الميداني والإخلاص والتفاني في خدمة الإعلام والرياضة والتطوع للارتقاء بها, والوصول إلى أعلى المراتب, كما أنهم بذلوا جهداً كبيراً لايقدر بثمن في عملهم بلجنة توثيق الحركة الرياضية السورية, ضمن هذه الظروف الصعبة في عملية جمع المعلومات من مراجعها الأساسية وتوثيقها كي تبقى في ذاكرة الأجيال القادمة, واستحضروا الظروف والمعطيات بكثير من الدقة وأنجزوا عملهم بنجاح فائق في ظروف صعبة غابت فيها الوثائق والصور والأرشيف عن أغلب مؤسساتنا الرياضية.
لن أطيل لأنّ أيّ كلام أو بيان أو بلاغة لا يمكن أن تفي هؤلاء الرجال الأنقياء حقهم من الفضل والعرفان, لقد انحنيت لكم إجلالاً قبل أن أبدأ الكلام، وها أنا أنحني إجلالاً مرة أخرى، قبل أن أضع  نقطة انتهاء الكلام .
ناموا واطمأنوا أيها الراحلون الكبار.. هانئين.. مسربلين بالمغفرة والرضوان لأنكم بلغتم رسالتكم وأديتم أمانتكم وعادت نفسكم الطهور إلى بارئها راضية مرضية .
صفوان الهندي