جنيف2..جولة ثانية الإثنين خالية من الآمال الكبيرة..مصادر ديبلوماسية: موقف الحكومة السورية أمام المجتمع الدولي أقوى من المعارضة

جنيف2..جولة ثانية الإثنين خالية من الآمال الكبيرة..مصادر ديبلوماسية: موقف الحكومة السورية أمام المجتمع الدولي أقوى من المعارضة

مؤتمر جنيف 2

الأحد، ٩ فبراير ٢٠١٤

لا آمال كبيرة تعقد اليوم على الجولة الثانية من مؤتمر جنيف2 التي تنطلق الإثنين القادم في 10 شباط،، بعكس إنطلاقة الجولة الأولى من المؤتمر التي حملت الكثير من التوقعات و الآمال، إلا أنها أظهرت بوضوح حجم التباين الموجود بين الوفود المشاركة التي تمثل الحكومة السورية من جهة و الإئتلاف المعارض من جهة أخرى، ومن خلفهم التباين بين الدول الداعمة لكل طرف من أطراف النزاع في سوريا، وإستحالة الوصول الى اتفاق دون حلول جذرية وإرادة دولية حقيقية، بإعتراف المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي.
بالأمس أعلن نائب وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد أن دمشق قررت المشاركة في الجولة الثانية من مباحثات "جنيف 2ِِِِ" موضحاً أن "وفد الجمهورية العربية السورية يؤكد متابعة الجهود التي بذلها في الجولة الأولى من أعمال المؤتمر، بالتشديد على مناقشة بيان جنيف بنداً بنداً، وبالتسلسل الذي ورد في هذا البيان"، وأضاف أنّ "إعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا تحتّم مناقشة وضع حدّ للإرهاب والعنف، كما ورد في بيان جنيف، وضرورة اتفاق الجانبين السوريين على ذلك، صيانة لأرواح المواطنين السوريين، ولوقف سفك دمائهم من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة ومن يدعمها إقليمياً ودولياً."
من جهته أعلن وفد الإئتلاف السوري المعارض، نيته المشاركة في الجولة الثانية، وذلك لمناقشة سبل الوصول الى هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات من أجل نقل السلطة، فيما وصف الجربا الوفد الحكومي المشارك بأنه "بلا مصداقية" مطالباً بأن يمثل فاروق الشرع نائب الرئيس السوري، الحكومة في محادثات السلام المستقبلية، موضحاً أن الائتلاف يرحب بانضمام أعضاء جدد، لم يسمّهم، إلى وفد المعارضة، مشيراً إلى أن "الائتلاف" حريص على أن يكون الوفد "ممثل لكل من يقول أنه ضد النظام السوري."
ما من تغييرات طرأت على خطاب كلا الوفدين، ولا حلول للمشاكل التي أفشلت الجولة الأولى من المفاوضات، فمآخذ النظام على المعارضة ما زالت نفسها، أي أن النظام ما زال يرى في وفد الإئتلاف المعارض "تجمع لشخصيات مرتهنة للخارج، لا تمثل سوى نفسها على الساحة المعارضة، تفتقد الى الوطنية وتنفذ الأجندة الخارجية للدول التي تشن الحرب على سوريا عبر دعم الإرهابيين." أما المعرضة فهي أيضاً ترى النظام كونه نظام مجرم وقاتل لشعبه لا يهمه سوى البقاء في السلطة. بينما لا تزال الأوصاف بين الطرفين هي نفسها دون أي تحضير لجو عام صالح للتفاوض والنقاش، أما على صعيد المفاوضات ومساراتها، فإن أغلب الترجيحات تشير الى أن جنيف1 وبنوده سيكون محور المفاوضات والمباحثات بينما كل فريق يختار طريقته المناسبة لمناقشة بيان المؤتمر والسير به، ففي حين ترى فيه المعارضة منطلق من أجل بحث شكل هيئة الحكم الإنتقالي، يرى النظام أن يتم بحث البيان عبر بنوده بالتسلسل، وأول البنود هو وقف إطلاق النار، ويرى النظام أن تنفيذه يحتاج الى قرار جامع يقضي بمواجهة الإرهاب ووقف دعم المجموعات المسلحة سياسياً وعسكرياً وهذا ما ترفضه المعارضة.
ما من شيء قد تغيرمنذ رفع الجلسة الأخيرة من الجولة الأولى، على الرغم من مساع الدول الخجولة لتذليل بعض العقبات، إلا أن الدولتين الداعمتين بشكل رئيسي لعملية المفاوضات (روسيا وأميركا) لم تظهرا جدية في التعاطي مع الخلافات بل باتت تلك الدول تشكل انعكاساً جلياً للمواقف الحكومة السورية الإئتلاف المعارض، فروسيا تطالب علناً بوقف الإرهاب أولا، بينما أمريكا تطالب بعملية انتقالية أولا. وحدها مصر حاولت تذليل بعد العقبات بالأمس، بين أطياف المعارضة السورية دون أن يظهر أي نجاح لتلك المحاولة، حيث التقى وزير الخارجية المصري نبيل فهمي، أحمد الجربا رئيس الإئتلاف السوري المعارض، وحسن عبد العظيم رئيس هيئة التنسيق الوطنية كلاً على حدة في إطار وساطة لتوحيد المعارضة السورية قبيل انطلاق الجولة الثانية من المفاوضات، و قال رئيس اللجنة القانونية في الإئتلاف المعارض هيثم المالح، إن "الجربا إلتقى مع رئيس هيئة التنسيق حسن عبد العظيم، لبحث إنضمام أعضاء من الهيئة إلى وفد المعارضة المشارك في الجولة الثانية من مفاوضات "جنيف 2" وقاده الائتلاف في الجولة الأولى التي اختتمت في 31 كانون الثاني، من دون أن يقدم معلومات أكثر حول نتائج الاجتماع وفيما إذا غيرت هيئة التنسيق من موقفها الرافض للمشاركة في "جنيف 2". بينما أتى التوضيح من جانب رئيس فرع المهجر بهيئة التنسيق الوطنية هيثم منّاع الذي أن "الهيئة لن تشارك في الجولة الثانية لمفاوضات جنيف 2"، وترى أن توسيع وفد المعارضة السورية "عملية ترقيع بالية".

بعد ذاك الفشل في إيجاد حل لتوسيع التمثيل المعارض من أجل سحب الذريعة التي يعتمدها النظام في التقليل من شأن وفد الإئتلاف و قدرته على تنفيذ مقرراته على الأرض، رأت مصادر ديبلوماسية أن "النظام في الجولة الثانية من المفاوضات سيكون صاحب الموقف الأقوى أمام المجتمع الدولي و داخل جلسات المباحثات. فبحسب المصدر، إستطاعت الحكومة السورية في الأيام الماضية أن تتقدم على الكثير من الصعد التي ستفيدها في المفاوضات المقبلة، فعلى الصعيد الإنساني إستطاعت بالأمس بالتعاون مع الأمم المتحدة أن تنفذ الإتفاق الذي عملت عليه منذ أشهر من أجل إخراج المدنيين من حمص القديمة وإيصال المساعدات الى المحاصرين داخل أحياءها، وبذلك إستطاعت سحب ورقة حمص من يد المعارضة السورية، التي كانت تحاول عبرها الضغط من أجل فتح ممرات إنسانية خارج سلطة الحكومة السورية بل برعاية دولية، وبالتالي فإن خطوة الحكومة أثبتت للمجتمع الدولي أن الحكومة قادرة لو تم التنسيق معها أن توصل المساعدات الى أي منطقة بما فيها حمص القديمة التي كانت تشكل عقدة في الجولة الأولى من المفاوضات وها قد كسبت الرهان."
أما ثاني الخطوات التي قام بها النظام، تضيف المصادر، " كانت من خلال المصالحات التي جرت في ريف دمشق والتي جنبت الكثير من المدنيين والمناطق ويلات الحرب، وذلك عبر عقد التسويات والمصالحات بين المسلحين والجيش السوري ، وتسوية أوضاع المقاتلين وإدخال المساعدات الى تلك المناطق إضافة الى إرساء الأمن والإستقرار فيها، وفي ذلك رسالة واضحة للمجتمع الدولي والقيمين على مؤتمر جنيف2، مفادها أن الجيش السوري والحكومة قادرين على إحلال الأمن والإستقرار و تحقيق المصالحات من دون الحاجة الى مؤتمراتكم بل بمجرد خلق جو سانح للتسوية مع معارضة ميدانية قادرة على اتخاذ القرار و العمل به."
أما آخر الخطوات وأهمها، تقول المصادر، "فهو التقدم الميداني الذي حققه الجيش السوري بينما فشلت المعارضة ومسلحيها في مواجهته او التعويض عنه، فالجيش اليوم يتقدم بسرعة في حلب ويحاصر الأحياء الشرقية منها، وقد بات الريف الشرقي للمدينة بمعظمه في قبضة الجيش، وفي هذا التقدم رسالة قوية من ثاني أكبر المدن السورية (حلب)، أما في القلمون فالجيش اليوم يتحضر لدخول آخر معاقل المسلحين في المنطقة، مدينة يبرود، وكل التحليلات العسكرية تشير الى أن المدينة بحسب انتشار الجيش السوري تعتبر ساقطة وصمودها مسألة وقت فقط، أما ثالث أهم الخطوات الميدانية التي قام بها الجيش فهي عملية إغلاق الحدود بين لبنان وسوريا خاصة لجهة الشمال اللبناني الموازية لمدينة تلكلخ وريفها وفي ذلك أيضاً رسالة قوية تفيد بأنه ليس من السهولة بعد الآن إيصال الدعم للمسلحين عبر لبنان وتلك ضربة قوية للمعارضة المسلحة لو قورنت بحجم الذعم التي تتلقاه عبر الحدود اللبنانية."
في المقابل فشلت المعارضة في تنفيذ عمليات رد في الميدان على تقدم الجيش من أجل زعزعة تلك الورقة المؤثرة بالمفاوضات، وفي آخر محاولات المعارضة المسلحة، أخفقت جبهة النصرة في قلب الموازين الميدانية بحلب، عبر الهجوم على سجن حلب المركزي، وإستطاع الجيش والوحدات المرابضة في السجن أن تصد ذاك الهجوم وتكبد المهاجمين خسائر هائلة من بينها قائدين بارزين من جبهة النصرة، كذلك كانت محاولة فاشلة للهجوم على مطار كويرس العسكري في ريف حلب، وانتهت بمقتل وإصابة العشرات من المسلحين المهاجمين دون إحراز أي تقدم.