ما بين السيد والأداة.. بقلم: عمار عبد الغني

ما بين السيد والأداة.. بقلم: عمار عبد الغني

تحليل وآراء

الأحد، ١٤ أكتوبر ٢٠١٨

لم يكن يوماً موقف الدولة السورية مما يجري في منطقتنا إلا عين الصواب رغم ما حاول بعض العرب والغرب تسويقه بأنها تغرد خارج السرب، ونسوق في هذا المجال موقفها من الحرب العراقية الإيرانية والتي كانت البداية لمجمل ما يحدث في منطقتنا في هذه المرحلة.
واليوم بدأ يتضح للجميع لماذا اختارت سورية طريق المواجهة مع الغرب ودفعت أثماناً باهظة جراء رفضها الإملاءات الخارجية التي كانت تريد الوصول في نهاية المطاف بسورية إلى دولة فاشلة ملحقة بمعسكر «الاعتدال» ومسلوبة الإرادة والقرار هذا ما كانت تبحث عنه أميركا في إطار خدمة الكيان الإسرائيلي ليضع يده على ثروات منطقتنا ويدفن وإلى الأبد قضية العرب المركزية المتمثلة بـفلسطين وكذلك الاستمرار في احتلال الجولان وقضم أراض عربية أخرى، وما صرحت به «المعارضة الخارجية» باعتبار الكيان ليس عدواً لها يدل بما لا يدع مجالاً للشك، على حال بلدنا لو نجح المخطط «الصهيو أطلسي» فمن البديهي القول إن رقبة الشعب السوري باتت تحت رحمة سكاكين داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية لعقود طويلة من الزمن ولا نغالي إذا قلنا إن الهوية العربية بدأت بالتلاشي وحقوق العرب ضاعت بين الدوران في حلقة مفرغة على الصعيد الدولي وتقاتل بين أبناء الوطن الواحد ما يجعل الهوية الوطنية في خبر كان.
بعبارة أخرى ما قدمته سورية خلال سنوات الحرب جاء دفاعاً عن السيادة الوطنية والهوية العربية واستقلالية القرار واستطاعت في النهاية بفضل استبسال جيشها في ميادين القتال وصمود شعبها والتفافه حول جيشه وقيادته من إلحاق الهزيمة بمجمل المشروع الهدام، وبدأت سورية بالفعل تسلك طريق العودة للتعافي، بل وأفضل مما كانت عليه في كل المجالات وأكدت من جديد أنها «قلب العروبة النابض» ومن انقلب عليها وتآمر على شعبها إن كان في الغرب أو في المحيط العربي والإقليمي بدأ يفتح قنوات للعودة وفق ما تقتضيه القوانين والأعراف الدبلوماسية، ومن هنا تتضح أهمية الحفاظ على مفهوم السيادة الوطنية الذي يجعل الآخرين مهما كانت قوتهم من الأعداء يحترمون خيارات الدولة ويقبلون ولو على مضض التعامل معها بمبدأ المعاملة بالمثل، ويجعل الأصدقاء يثقون بها ويقدمون كل ما يلزم للمساعدة في تحقيق التوازن في المحيط الإقليمي الذي يعطيها قوة إضافية لتثبيت الأمن والاستقرار.
ذلك جعل روسيا تقدم لسورية منظومة الصواريخ «إس 300» المتطورة وكذلك منظومات حرب إلكترونية حديثة وهذا بدوره يتجاوز حد إعطاء سلاح متطور لدولة مواجهة خاصة إذا كان العدو هو «إسرائيل» فهو يؤسس لعالم متعدد الأقطاب ويرسم الخطوط العريضة لعالم الغد الذي ستتبدل فيه مفاهيم كثيرة وهو في الوقت نفسه يحقق أهدافاً آنية يأتي في مقدمتها وقف العربدة الإسرائيلية وجعل قادة الاحتلال يفكرون كثيراً قبل الإقدام على عدوان جديد على سورية فعامل توازن الردع قد تحقق وأنهى معه أسطورة الطيران الذي لا يقهر ليلحق بأسطورة «الميركافا» التي دفنت في جنوب لبنان.
والأهم من ذلك أن موسكو قدمت هذا لدمشق وفق اتفاقات موقعة بين البلدين وبطلب من الأخيرة وليس إجباراً وفقاً لقانون الحمائية الذي تفرضه أميركا على دول الخليج حيث تبيعهم أسلحة لا حاجة لها وتصدأ في المخازن مقابل استنزاف ثروات نفطهم وتتعامل مع ملوكها وأمرائها بإذلال عبر تذكيرهم بين الفينة والأخرى بأن عروشهم لن تبقى أسابيع أو حتى أيام لولا الحماية الأميركية.. اتصال ترامب بـسلمان يوضح ذلك.
باختصار من يحافظ على سيادته وعلى حقوق شعبه يحظى باحترام الأعداء قبل الأصدقاء ومن ارتضى أن يكون أداة ودولته ليست أكثر من خزانة أموال فعليه القبول بالإهانة والاستعداد للدفع كلما طلب السيد في البيت الأبيض ذلك والأيام القليلة القادمة وما ستؤول إليه قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي ستعطي صورة واضحة عن مجمل ما يحدث في منطقتنا.