المسؤولية تحليل وتفكير..؟.. بقلم: سامر يحيى

المسؤولية تحليل وتفكير..؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الخميس، ٢٤ يناير ٢٠١٩

 بعد أن وزّع قائد الجند عناصر الحراسة، فوجئ بحارسٍ مخصص لمقعدٍ في حديقة عامة، بحث بكل أسباب وجود هذا الحارس فلم يجد مبرّراً مقنعاً، وبعد مراجعة السجلات اكتشف أنّه أثناء طلاء مقاعد الحديقة تم وضع جندي لينبّه الناس لئلا تتلّوث ثيابهم بالدهان... ورغم جفاف الدهان لكنّه بقي عادةً مستمرة..
تدعو هذه القصة كلاً منّا أياً كانت طبيعة عمله، للتفكير والتحليل قبيل تنفيذ قرار أو عملٌ روتيني وجدنا الآخرين يتّبعونه، ولو كان أمراً روتينياً معتاداً، أو الالتحاق بعملٍ ما لأنّ التمحيص والتساؤل لم وأين ولماذا وكيف وما الهدف؟! هو الحل الوحيد الذي يساهم في تطوير العمل والانتقال من مرحلة التسليم بسيرورة الحياة الروتينية إلى التفكير المنطقي الذي يساهم في تحقيق نتائج أكثر إيجابيةً وبنّاءة، وننطلق بتطبيق ما لدينا من قرارات ونهجٍ وعملٍ على أرض الواقع، وينسجم مع أخلاقيات
المؤسسة ودورها والمهام المنوطة بها ... وبالتالي تفتح الطريق سريعاً للتطوير والتحديث والتنمية المستدامة.
وهنا لا بد من التنويه أنّ ذلك ليس مطلوباً فقط من المسؤول أو المدير، بل حتى الموظّف العادي في أيّ مؤسسة حكومية أو خاصة، أو حتى عملٌ خاص، فلا يمكن لشخص القيام بعملٍ إلا بوضع عدّة تساؤلات، وإمكانية مناسبتها لوضعه وظروفه وبيئته وما يناسب الشهادة العلمية التي يحملها والإمكانيات المتوفّرة لديه من أجل النجاح بعمله، فلا يوجد شخصٌ يرغب الفشل في عمله مهما كان هذا العمل ومهما كان نوعه، فالكل هدفه النجاح ولكن تختلف طريقة الوصول لهذا النجاح، وهنا لا بد من التفكير جيداً والتمحيص بأنّ التحليل والتخطيط هو الأساس لأي عملٍ نقوم به، ووضع الأسس والثوابت والمبادئ التي نسير عليها، وما هي الخطوات والطرق الواجب سلكها، وما هي الواجبات الملقاة على عاتقه والمهام المطلوبة منه، وما هي الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة، وبالتالي تمكّنه من وضع خطّةٍ آنية يلمس الآخر أثرها بشكلٍ مباشر، وأخرى متوسّطة المدى تحتاج وقتٍ حتى تظهر مستفيدةً من الخطة الآنية، وصولاً للخطة الاستراتيجية التنموية المستدامة، والتي تساعده للوصول للهدف الأسمى من وجوده بهذا المكان، هذه الاستراتيجية التنموية المستدامة، تستفيد من الخطّتين الآنية والمتوسطة، ليقوم بالتعاون مع زملائه أو مساعديه وكلّ من حوله دون استثناء أحد، بما فيهم جمهور مؤسسته من خلال التغذية الراجعة والرؤية التي يقدّمونها واقتراحات الآخرين، والأخطاء والنجاحات، مستكملاً البيانات والمعلومات المتعلّقة بطبيعة عمله، واضعاً نصب عينيه ما قد يواجهه من تحديّات وتوقّع وافتراضات تتعلّق بطبيعة عمله، بما فيها الإجابة والتجاوب مع كل ما يطرح حول طبيعية عمله، مما يؤهّله ليكون جاهزاً للنقاش بكل أريحية، ويعطي لعمله قيمة مضافة، تضاعف نتائج عمله .."خدمي أو اقتصادي أو اجتماعي ...." ويستقطب موظفيّه العاملين معه لصالحه، بالإضافة لجمهور المؤسسة، فالمفترض أن يكون الموظّف صوت المؤسسة أنى ذهب، وجمهور المؤسسة يقف إلى جانب المؤسسة ويكون عوناً لها لا عبئاً عليها، يقدّر الظروف التي تمرّ بها ويبحث معها عن أفضل الحلول التي تساهم في الوقوف لجانب مؤسسته وتجنّبها الكارثة أو الأزمة ونجاحها للانطلاق بعملها بالشكل الأمثل.
 وهذا يذكّرنا بقصّة منقولة أنّ أحد الشركات شارفت على الإفلاس، وبدلاً من أن يتم صرف الموظّفين، اقترح مدير الشركة أن يتحمّل الجميع الخسارة، وبالتالي تمنّى على كل من يستطيع أخذ إجازة بلا مرتّب لمدّة يحددها الشخص من تلقاء ذاته، فما كان أمام هؤلاء الموظّفين إلا البحث بالسبل الأفضل لمضاعفة إنتاج شركتهم، وكل من وجد لديه متسعٌ وقدرةٌ ماديّة أن يقدّم على إجازة بلا أجر لفترةٍ أطول، فانقلبت الشركة من خسارةٍ فادحة لربح كبير، أضعاف لو تم صرف الموظّفين وتخفيض النفقات الأساسية، فكان التعاون بين جميع الزملاء في العمل، والعطاء والإبداع قد أثمر بنجاحاتٍ كبيرةٍ جداً، تحقّق مصلحة الشركة وترفع من شأنها  وتعزّز وجودها المادي والمعنوي.
 أليس الشعب السوري شعبٌ حيوي وقادرٌ على أن يلتزم ـ على الأقل القسم الأكبر منه ـ بذلك، فالسوري معروفٌ بكرمه ومساعدته لأخيه السوري وهذا عن تجربةٍ وليس تنظير، فقط يحتاج لإدارةٍ منطقية وتصرّف وطني، ستجعل من كل مواطن جزءٌ أساس من الموارد الإيجابية والبناءة لصالح الوطن ومؤسساته، ونستثمر جهود الجميع موظفّاً أم عاملاً أم مواطناً وحتى طالباً بالاهتمام بعلمه وحماية الممتلكات العامة والخاصّة بآنٍ معاً، وأدناها عدم رمي الورقيات والمناديل في الشارع..
  هذا التفكير الوطني السليم عندما ينبع من كل مؤسّسة بذاتها، يساهم بتضافر جهود الجميع لتحقيق الاستثمار الأنسب، ويتطلّب تعاوناً بناءّ من قطّاع الإعلام الذي لا تخلو منه مؤسسة، والمفترض أن تقوم المؤسسة الإعلامية بدورها بالمساعدة والمساهمة والتوعية لمكاتب العلاقات العامة والصحفية بكل المؤسسات وصولاً للهدف المنشود.
 إن مؤسساتنا تقوم بأدوارٍ كبيرة منتجة، بالتأكيد لا تعجب المواطن لأنّها ضمن سير الحياة الطبيعي، ولا تلبّي جزءاً من متطلّباته، ولكن كوننا في ظرفٍ استثنائي، ولدينا قائدٌ استثنائي، وجيش جابه إرهاب العالم بكل أشكاله وأنواعه، نستحقّ أن تكون لدى كل منا حس المسؤولية الوطنية، ولا نطلب من تلك المؤسسات أكبر من قدرتها وإمكانياتها، فلا نطلب منها شراء سلّمٍ ارتفاعه ثلاثة أمتارٍ لغرفة ارتفاع سقفها مترين ونصف، ولا نطالبها بشراء سلّمٍ طوله مترٌ ونصف لغرفة ارتفاع سقفها ثلاثة أمتار، بل شراء السلّم المناسب ضمن ما يناسب الغرفة، وبالتالي نحقق الهدف المنشود من كل ما نقدّمه ونقوم به، ونرتفع درجةً درجةً كونها باتت واضحةً للجميع، بسرعةٍ دون تسرّع، بنشاط وحيوية دون إهمالٍ أو تهوّر، نستثمر الموارد المادية والبشرية بشكلٍ مضاعفٍ ومستديم، نتحدى كل الأزمات ونجابه كل التحديّات، بحكمة وحنكة الشيوخ، وهمة وحيوية الشباب، ووطنية وصمود كل أبناء الوطن بتنوّع مشاربهم وانتماءاتهم ومواقفهم ما دام يجمعهم شرف الانتماء للجمهورية العربية السورية، ومن خان وغدر هو من قد أقصى نفسه.