لننهض معاً...بقلم: سامر يحيى

لننهض معاً...بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الجمعة، ١ فبراير ٢٠١٩

استغرب بعض المراقبين عن الدافع الذي يبرّر للفلاح ــ الذي يحظى بكل عام مرتبة الامتياز نظراً لجودة منتجاته ــ توزيع البذور الجيّدة على البساتين المجاورة لبستانه، بدلاً من الاستئثار بها لنفسه، ويبقى هو الأفضل، فأجابهم بكلٍ حنكةٍ وحكمة، "عند هبوب الرياح تنتقل حبيبات الطلع بين البذور"، فعندما تكون بذور من حولي سليمة وجيّدة سينعكس ذلك على زراعتي، ويبقى أسلوبي بالتعامل مع البستان ورعايته والاهتمام به سرّ تفوّقي.
من المفترض أن يكون هذا هو حال كل مؤسسةٍ من مؤسساتنا دون استثناء، فالحكومة ليست فقط السادة الوزراء إنّما هي كل  المؤسسات الحكومية التي تدير موارد الوطن كل ضمن تخصصّها واختصاصها، والعمل على استثمار الموارد وتعظيم الوارد، وهذا يجعل من النجاح الذي يحتاجه أي مدير أو موظّف أو مسؤولٍ مهما علت رتبته أن ينجح فريق العمل الذي حوله ومعه، وكلّما كان ناجحاً كلّما استطاع الرقيّ أكثر، وكلّما حقق تعاوناً وتكاملاً مع المؤسسات التي تتشابه أو تتشارك أو تتشاطر المشكلات والأعباء، كلّما نجح أمام القيادة الأعلى، وكذلك أمام المواطنين الذين هم بالنهاية المفترض أن يكونوا الحَكَم الرئيس على إنجازات هذه المؤسسة أو تلك.
للأسف الشديد نخلط كثيراً بين الغيرة والحسد والحقد، وبين تبادل المعلومات والخبرات والأفكار التي تساهم في بناء المؤسسات، وتجد البعض من أبناء المؤسسات يعتبر نفسه غير مخوّل بنقل ما لديه من أفكار وخبرات وتجربة لشريكه في المكتب والعمل أو من سيتسلّم المهام بدلاً منه، تحت شعار "كما تعبت انا ليتعب هو"، أو كما قال الشاعر، أعلّمه الرماية كلّ يومٍ فلما اشتد ساعده رماني، متجاهلين أنّ ذلك ليس طبعاً وطنياً، فالوطني هو الذي يعطي وهو الذي يتقبّل، وكوني خضت تجربة من المفترض أن أضع بها كافّة زملائي وأقراني بالعمل لكي لا يمرّوا بنفس التجربة، بل الانطلاق منها لاكتشاف الأخطاء، وابتكار الحلول الأنجع، وعلاج المشكلة التي كنت أعاني منها بابتكار أسلوبٍ لم يخطر ببالي، وبالتالي سيدفعني للتفوّق أكثر ضمن المجال الذي أعمل به وتحقّق المؤسسة الهدف المنشود منها وبالتالي تعمّ المكافأة على الجميع، إضافة إلى السمعة الإيجابية لكافّة العاملين في المؤسسة، ويبقى صاحب المبادرة والعطاء يشار إليه بالبنان لأنّه صاحب الفضل الأول، وبالتالي لن يضيع حقّه لأنّه حظي باحترام الجميع، وبنفس الوقت استطاع إرضاء ضميره، وخدمة وطنه.
بكل تأكيد كل مؤسسة لديها اسرار ولديها خصوصيات يجب ألا يطّلع عليها أحد، ولكن عندما يكون الشخص مكلّف بهذه الأسرار وهذه الخصوصيات، من المفترض من زميله الذي يسلّمه الأداء أو الذي يكون قد انتمى حديثاً لهذا القسم بالعمل على تزويده بكافّة المعلومات، فهذا ليس سرّاً وإنّما تدريباً وتأهيلاً حقيقياً ومنطقياً، وسرية العمل وخصوصيته بكل تأكيد يستطيع الشخص الاحتفاظ بها عندما يُؤمن بالانتماء الوظيفي والولاء الوطني، يستطيع التمييز بين الخطوط العريضة التي يستطيع نقلها والحديث بها، والخصوصيات التي يجب أن تبقى طيّ الكتمان حتى على أقرب المقربين، وبنفس الوقت يكون صوت المؤسسة لدى المواطن، كما يكون صوت المواطن لدى المؤسسة التي يعمل لديها ويهتم بأمرها..
إن التعاون والتعاضد والتكاتف بين كافّة العاملين في المؤسسات الحكومية، سيحوّل التنظير إلى عمل، ويساهم بحل الكثير من المشكلات إن نقل كلّها ويحلّ الأزمات بل والتصدّي لها قبيل حدوثها، ويقرّب المسافات ويجسر الهوة بين المؤسسات ومجمهورها، انطلاقاً من شعار المواطن والمؤسسة في خدمة الوطن، وكرامة الوطن من كرامة أبنائه، فكيف بسوريتنا التي هي دولة مؤسسات ينصّ دستورها في مقدّمته على أنّ "المجتمع والمواطن هدفاً وغايةً يكرّس من أجلهما كلّ جهدٍ وطني، ويعدّ الحفاظ على كرامتهما مؤشراً لحضارة الوطن وهيبة الدولة".
إن الخطوات الأساسية لأي إصلاحٍ إداري، وأي عملٍ تنموي، واستثمار حقيقي وجدي، يحتاج لأن نكون كلّنا فريق عملٍ متكامل، لا تنظير وأوامر وقرارات تبقى حبيسة أدراجٍ أو عملٍ روتيني يومي، أو تصريح بعيد عن النقاش والحوار بين أبناء المؤسسة كل ضمن تخصصه واختصاصه ومعرفته، وبالتالي نختصر الكثير من الجهد والوقت والتصريحات المتناقضة والمتعارضة والمغلوطة والتي تتعارض في الكثير من الأحيان مع الدستور والقانون، ونعمل على تحقيق التكامل بين المواطن ومؤسساته، ليكون عوناً لها، ونقف معاً في وجه كل المؤامرات التي تحاك ضد سوريتنا التي لم ولن تتوقّف ما دامت الجمهورية العربية السورية قلب العروبة النابض ولا تقبل أن تكون تابعاً لأحد لأنها دولة حرّة ذات سيادة مستقلّة بقراراتها، تدافع عن كرامتها، وقدسية ترابها، وشموخ أبنائها.
إنّ دستور الجمهورية العربية السورية، وكلمات وخطب قائد الوطن، وتضحيات ونضالات أبنائنا في الجيش والقوات المسلّحة لتطهير سوريتنا من رجس الإرهاب، وفق النظريات والرؤى والطريقة والتوقيتات التي يرونها مناسبة، يستلزم من كل منا البدء من ذاته بالعمل شركاءً في الوطن هدفنا وغايتنا واحدة وثوابتنا مبدئية وراسخة، وكل النظريات والقوانين والقواعد، إن لم نضِف إليها المهارة الإنسانية والفن والخبرة لن نصل للنجاح الذي يأمله ويستحقّه كل مواطن عربي سوري مهما تمسّكنا بالنصوص.