السلطان المعدل وراثياً الجديد وجدلية المبايعة.. بقلم الدكتور عوني الحمصي

السلطان المعدل وراثياً الجديد وجدلية المبايعة.. بقلم الدكتور عوني الحمصي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٠ مارس ٢٠١٩

   مع استنكار والإدانة بأشد العبارات للعمل الإرهابي الذي وقع في مدينة كرايتس تشيرش بنيوزيلندا، لا بد لنا طرح تساؤل مشروع من هو المستفيد من وراء هذا العمل الإرهابي الجبان...؟ وبعيداً عن الانفعالية والارتجال في اتخاذ المواقف والأحكام السريعة والخاطئة وخاصة في ردة الفعل علينا التفكير بهدوء وبعقلانية وحكمة شديدتين من خلال عملية تشخيص وتشريح كافة التفاصيل الدقيقة من خلال تتبع المعطيات والمعلومات وما كشف من تفاصيل مهمة في مجريات ما حدث وما يمكن أن يحدث مستقبلاً من تكرار أعمال إرهابية مماثلة هنا وهناك، مع الآخذ بعين الاعتبار جملة من الملاحظات.

  • ما تم من فعل إرهابي لم يكن بتخطيط وتنظيم وتنفيذ فردي بمعنى هناك عقلية ممنهجة والفعل الإرهابي كان عن سبق إصرار وتصميم مسبق، ولعل قادم الأيام تكشف حقائق مهمة.
  • العملية الإرهابية بذاتها من حيث الأسلوب والطريقة هي ذات الطريقة والمنهج المستخدم من قبل تنظيم داعش الإرهابي في أثناء القتل والنقل والتصوير والترويع وغيرها والغاية والهدف في القتل والتنكيل من سنوات الحرب الكونية على سورية. 

مما ورد، يثبت لنا من صنع داعش هو من ساند ودعم وخطط للعمل الإرهابي في نيوزيلندا، وبعيداً عن كل التفاصيل من يتابع العقلية الإخوانية لرجب طيب اردوغان من خلال جملة التصريحات والمواقف يدرك عقلية ومسكونية الفكر الداعشي لديه في استثمار الفعل الإرهابي وجعله مطية جديدة كادافوس وسفينة مرمرة والقضية الفلسطينية ونصرة التنظيمات الإرهابية من داعش إلى جبهة النصرة وأخواتها من أجل تحقيق أحلام السلطنة العثمانية التي طوى عليها الزمن ، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا يحاول اردوغان الاستثمار بالجريمة الارهابية...؟ وقبيل الإجابة عن ذلك وباختصار شديد إن كل ما كتب على البندقية المستخدمة من قبل الإرهابي المنفذ بخصوص تواريخ للدولة العثمانية لم تكن إدانة بالمعنى الحرفي بقدر ما هي تأكيد لها والدليل إن أخر فترة من الإقامة والزيارة كانت في تركيا أي أحضان الاستخبارات التركية وهو من قال بلسانه "أنه عمل منظم وليس فردياً" هذا من ناحية ، وجهة أخرى علينا أن نتذكر من دمر البرجين التجاريين في نيويورك للعودة للمنطقة يمكن ان يتمثل في أسياده في السلوك ذاته، ومن يحتضن داعش والنصرة حتى الآن، ومن لديه الذئاب الرمادية ينتهج الأسلوب للوصول لطموحاته الباليه، ناهيك مسألة اقتراب وفقدان الوقت وبدأ العد التنازلي للوصول لعام 2023، الذكرى المئوية الأولى لقيام الجمهورية التركية على يد كمال اتاتورك. يحاول اردوغان جاهداً منذ بداية 2011 ، تهيئة الظروف المناسبة لإحداث تغير بنيوي على المستوى الداخلي التركي والإقليمي والدولي باستثمار حالة الفوضى في المنطقة للدخول لعالم العثمانية الجديدة الثانية في المنطقة، خاصة بعد جملة التغيرات البنيوية في الداخل التركي دستورياً من نظام برلماني إلى نظام رئاسي لم يكن هو الهدف الرئيس خاصة بعدما جهز قصره العاجي فما زال لديه الخطوة الأخيرة لإعلان نفسه السلطان الجديد له ولمن بعده من أسرته مع بداية 2023، والمعدل وراثياً القائم على دماء أطفال العراق وسوريا واليمن وليبيا وأطفال فلسطين وغيرهم. من خلال الدعم الكبير للمجموعات الإرهابية، والأمر الثاني تعتبر الانتخابات المحلية المرتقبة نهاية مارس / آذار الحالي 2019، مهمة من خلال تثبيت أركان استمراره في السلطة وهي المرحلة الأخيرة للمرحلة السابقة وبداية المرحلة القادمة العثمانية الجديدة، على اعتبار إن فكرة العمق الاستراتيجي تقوم على قاعدة "سحب وتر القوس للوصول لأبعد نقطة غرباً وشرقاً وشمالاً "، وبالعودة لجملة التصريحات لاوردوغان يدرك كيفية الاستثمار فالإخوان المجرمون فنانون مبدعون في استغلال الفرص التي لها علاقة بتأجيج غريزة القطيع والمتاجرة بدماء الأبرياء لتحقيق أحلامه في تنصيب نفسه الحامي والراعي والداعم للمسلمين في بقاع الأرض وانه الخليفة الوحيد القادر على تأمين الحماية لهم شريطة المبايعة له في المستقبل القريب. فمنذ وقوع العمل الإرهابي لم يتوقف على تقديم نفسه بصيغة الحامي وان تركيا هي رمز السلام والأمان للملايين في العالم وأنها الميناء الأخير لأشقائنا حين يتعرضون للشدائد من البلقان إلى القوقاز، ومن تركستان إلى إفريقيا".

ففي خطابه الأخير، أمام حشد من أنصار حزب العدالة والتنمية في ولاية كوجا، عليكم "أن تتعلموا جيدا تاريخ هذه الأمة" ولدينا تاريخ سنسطره كافة أنحاء العالم ثم تطرق إلى الهجوم الإرهابي في نيوزيلندا،. بأنه موجه إلى بلادنا وشخصي أنا"، وأشار إلى أنه في حال تعثر تركيا ستتعثر معها سوريا والعراق واليمن وليبيا وأراكان (ميانمار) والبوسنة والهرسك وفي حال ضعف الشعب التركي ستضعف قضية القدس وفلسطين، وإن لم تحاسبك نيوزيلندا، فنحن نعرف كيف نحاسبك بشكل من الأشكال". بربكم أليس هذا هو العهر السياسي والرعونة السياسية بذاتها.وأخيراً اعتقد في حال ما كان الأمر في تحقيق عودة الحلم العثماني والذي لم يدخر جهداً  لتحقيقه فأعتقد انه يقوم بدور وظيفي جديد ويقدم أوراق اعتماد جديدة للولايات المتحدة الأمريكية بعدما خسرت كل أوراقها اليوم في المنطقة من خلال عولمة الإرهاب الدولي المنظم خاصة لم يعد لديها لها ولحلفائها الإقليميين سوا جبهة النصرة في إدلب والتي ستنتهي حتماً مع بداية الحسم العسكري من قبل الجيش العربي السوري والحلفاء والأصدقاء وكل المؤشرات والمعطيات في اجتماع رؤساء أركان الجيش العراقي والإيراني مع وزير الدفاع السوري وزيارة وزير الدفاع الروسي في تؤكد بضرورة الحسم العسكري بعد عدم الالتزام التركي بتعهداته أمام الضامنين الإيراني والروسي ومحاولته حماية جبهة النصرة والعمل على استقطاب وتجميع ما تبقى من إرهابيين من بقايا داعش من خلال تجديد المبايعة له كخليفة وحامي لهم خاصة أنهم  يعلمون دوره في تقديم الدعم اللوجستي بكافة أشكاله منذ ثمان سنوات.