الأميركيون يناورون بفلول داعش والعراق منصة متجدّدة..!.. بقلم: محمد صادق الحسيني

الأميركيون يناورون بفلول داعش والعراق منصة متجدّدة..!.. بقلم: محمد صادق الحسيني

تحليل وآراء

الخميس، ٢٨ مارس ٢٠١٩

لا يزال الأميركيون غير قادرين على تجرّع كأس الهزيمة المرة بسهولة، ويسعون بجهد بالغ للإيحاء بأنهم لم ينكسروا بعد رغم تصدّع استراتيجياتهم الواحدة بعد الأخرى..!
وفي هذا السياق فقد قامت قبل عدة أشهر غرفة عمليات التنف الأميركية بإصدار نداء لعناصر التنظيمات المسلحة، بمختلف تسمياتها، في منطقة التنف مطالبة إياها بالالتحاق بوحدات التشكيلات الكردية، التي يسمّيها الأميركيون ووسائل الإعلام العميله بقوات قسد، وذلك تحت عنوان مقاتلة داعش في شرق الفرات، كما ادّعى البيان الأميركي آنذاك…!
وعلى الرغم من الحملة الإعلامية الواسعة، التي أطلقتها آلة الإعلام الأميركية والإعلام العميل التابع لها، حول ما قيل إنه هجوم بدأته قوات «قسد» على جيوب داعش شرق الفرات وما أشيع حول عمليات إسناد جوي أميركي وغربي لها، فإنّ ما حصل لم يعدُ كونه عملية هوليودية أميركية هدفت إلى ما يلي:
1 ـ تنفيذ أكبر عدد ممكن من الغارات الجوية في أرياف دير الزّور والبوكمال الشرقية بهدف تدمير ما تبقى من البنى التحتية السورية المدنية في تلك المناطق.
2 ـ إخلاء مسلحي داعش من شرق الفرات، سواء بواسطة المروحيات العسكرية الأميركية، التي نفذت مئات عمليات الإخلاء الجوي لهؤلاء العناصر خلال الأشهر الثمانية الماضية، أو عبر فتح ممرات آمنة لهم والسماح لهم بالانتقال من شريط الباغوز/ هجين الى القواعد الأميركية في منطقة الشدادي والرميلان، في محافظة الحسكة، وتجميعهم في معسكرات يخضعون فيها لبرامج إعادة تدريب وتسليح، تمهيداً لإعادة انتشارهم في مواقع جديدة، سواء في سورية أو العراق.
3 ـ كما هدفت تمثيلية هوليوود، التي نفذتها القيادة المركزية الأميركية في الدوحة CENTCOM، إلى كسب المزيد من الوقت، لتنظيم عمليات إعادة انتشار القوات الأميركية الواسعة النطاق، في كلّ من سورية والعراق والأردن وفلسطين المحتلة.
وقد قامت هذه القيادة وفِي هذا الإطار بما يلي:
أ ـ تقليص عديد قواة قواعدها ونقاط ارتكازها العسكرية شرق الفرات السوري، ضمن خطة تكتيكية لتنفيذ عملية إعادة الانتشار المُشار إليها أعلاه.
ب ـ تعزيز تواجد قواتها في كافة قواعدها في العراق، تحت حجة استقدام قوات أميركية لـ «حماية» القوات المنسحبة من سورية. وهو أمر لا يثير الكثير من الريبة، بل الكثير من الضحك لأنّ المراقبين لما يجري ليسوا بالمغفلين، كي يصدّقوا أنّ حماية انسحاب كتيبة عسكرية، من أيّ مكان في العالم، يحتاج إلى فرقة كاملة 15 ألف جندي لتأمينه…!
ونحن نتحدث هنا عن قوات أميركية محمولة جواً تابعة للفرقة 82 والفرقة 101 الأميركيتين، والتي تمّ نشرها في قاعدة كركوك وعين الأسد الجويتين وفي قاعدة الرمادي وقاعدة التنف الأميركية الشهيرة.
ج ـ وإذا ما نظر المراقب الى مواقع هذه القواعد الأميركية، في سورية والعراق، فلن يكون من العسير عليه اكتشاف الهدف من تواجدها، ألا وهو السيطرة على محاور الطرق الدولية، التي تربط بغداد بكلّ من طهران ودمشق وعمّان، وذلك بهدف قطع التواصل الجغرافي البرّي بين هذه العواصم عند الضرورة. الأمر الذي قد يحصل بصورة مباشرة، عبر تحرّك وحدات قتالية أميركية للسيطرة على قواطع بعينها من هذه المحاور، او من خلال تحريك عصابات فلول داعش وغيرها من العصابات المسلحة، التي تقوم القيادة المركزية الأميركية، عبر غرف عملياتها الميدانية في عين الأسد والتنف، بإعادة نشرها في غرب الأنبار باتجاه الرطبة جنوباً والنخيب ووادي القذف شرقاً هذا المحور يهدّد النجف وكربلاء بشكل مباشر .
د ـ ولا يخفى على أحد أنّ كلّ هذه الإجراءات جميعها تهدف الى التأثير على قدرات حلف المقاومة من جهة وتنفيذ عملية مشاغلة، أو حرب استنزاف طويلة الأمد، لقواته سواء في سورية أو العراق. أيّ أنّ هذا التكتيك هو نفسه الذي اتبعه البنتاغون في فيتنام، إبان الحرب الأميركية عليها في ستينات القرن الماضي، إذ عمدت الى فتنمة الحرب لتخفيف الضغط العسكري، من قبل ثوار الفيتكونغ الفيتناميين، على قواتها العسكرية في فيتنام الجنوبية.
وكما كان الفشل والهزيمة الساحقة هو مصير القوة العسكرية الأميركية في فيتنام آنذاك فإنّ مصير قواتها وقواعدها في الدول العربية لن يختلف كثيراً عن مصيرها في فيتنام، حيث سيأتي اليوم الذي سيفرّون فيه من بلداننا ومعهم مستوطنو القاعدة العسكرية الأميركية في فلسطين المحتلة والمسماة إسرائيل ، وذلك عندما تحين الساعة الصفر لتنفيذ المرحلة الأخيرة من الهجوم الاستراتيجي الذي تنفذه قوات حلف المقاومة على مراحل والذي لن يتوقف الا بدخول القدس وتحريرها تحريراً تاماً من الاحتلال ومستوطنيه. وما قيام نتن ياهو بقطع زيارته لواشنطن والعودة مسرعاً الى فلسطين المحتلة وطلبه المستعجل من القيادة المصرية للتوسط سريعاً مع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لوقف إطلاق النار، الا دليل قاطع على عجز رئيس العصابة هذا وجيشه عن مواجهة أيّ هجوم محتمل لقوات حلف المقاومة في المستقبل…!
4 ـ أما الهدف الآخر من التمثيلية الأميركيه شرق الفرات، والتي قلنا إنها هدفت لكسب الوقت لتنفيذ عمليات إعادة انتشار، سواء على الصعيد التكتيكي، كما أوضحنا أعلاه، او على الصعيد الاستراتيجي كما سنوضح الآن.
إذ قامت القيادة المركزية الأميركية في الدوحة CENTCOM، قبل عدة أسابيع، بنشر المنظومة الصاروخيه المضادة للصواريخ، المسماة ثاد THAAD، في قواعد جيش الاحتلال «الإسرائيلي» في جنوب ووسط فلسطين المحتلة. وهو الإجراء الذي لا يمكن اعتباره موجهاً ضدّ إيران فحسب، وإنما ضدّ روسيا وبشكل مباشر ومكمّل لمثيلات هذا النظام الذي نشرته الولايات المتحده في كلّ من رومانيا وبلغاريا قبل حوالي عام.
5 ـ كما انّ القيادة العسكرية الأميركية، ومن خلال تعزيز قواعدها في العراق، خاصة قاعدة عين الأسد، تدرس حالياً إمكانية نقل عدد من قاذفات القنابل الاستراتيجية الأميركية، من طراز /ب 52/ المنتشرة في بريطانيا، الى قاعدة عين الأسد العراقية، كي تكون هذه القاذفات مكملاً للأسطول الجوي الاستراتيجي الأميركي الموجود في قاعدة جزيرة دييغو غارسيا Diego Garcia الأميركية، الواقعة جنوب الهند في المحيط الهندي، وذلك في مواجهة كلا من الصين وروسيا على المدى الاستراتيجي، وهذا بالضبط هو جوهر كلام الرئيس الأميركي حول تركيز قواته في العراق من أجل «مراقبة إيران» وتنفيذ عمليات عسكرية في سوريّة عند الضرورة. أيّ انه يسعى الى تعزيز قواته، من أجل تقطيع أوصال حلف المقاومة، تمهيداً للتفرّد بكلّ ساحة من ساحاته على حدة، وصولاً الى ضرب إيران وإنهاء نظام الجمهورية الإسلامية في هذا البلد. الأمر الذي سيؤدّي، إذا ما تمّ ذلك حسب الخطط الأميركية لا سمح الله، الى انقلاب في ميزان القوى الاستراتيجي، وذلك من خلال وصول القوات الأميركية الى الحدود الجنوبية لروسيا واقترابها من غرب الصين، بكلّ ما يعنيه ذلك من تهديد استراتيجي لهذين البلدين الصديقين للدول المعادية لسيطرة القطب الأميركي الواحد على مقدرات شعوب العالم.
6 ـ بناء على ما تقدم، وبالنظر الى استمرار المحاولات الأميركية الرامية الى سلخ العراق كلياً عن محور المقاومة، تلك المحاولات التي كان آخرها القمة الثلاثية في القاهرة، والتي تمّت بطلب أميركي مباشر، لكلّ من الأردن ومصر، بإقناع رئيس الوزراء العراقي بالانتقال الى المحور السعودي مقابل تكفل السعودية بتكاليف إعادة إعمار العراق وتعويض كلا من مصر والسعودية والأردن عن مشاريع إعادة الإعمار في سورية بمثيلاتها في العراق.
لذا فإنّ أولى الأولويات، في مواجهة هذه المخططات الأميركية في المنطقة، كما يرى المتابعون من أهل الشأن تتمثل في ما يلي:
ـ العمل بكلّ الوسائل على منع الحكومة العراقية من الانزلاق للانخراط في هذا المخطط الأميركي التدميري.
ـ مواجهة التحرك الاستخباراتي السعودي الأردني مع رؤساء العشائر في غرب وجنوب غرب الأنبار.
ـ الحذر الشديد من التواصل القائم بين تيار عراقي معلوم الحال والسلطات الأردنية…!
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.