إسرائيل وفتيل الحرب بين أميركا وإيران.. بقلم: تحسين الحلبي

إسرائيل وفتيل الحرب بين أميركا وإيران.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٣ أبريل ٢٠١٩

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 14 نيسان الجاري في بيان للبيت الأبيض أن «وزارة الخارجية الأميركية تعد حرس الثورة الإيراني منظمة إرهابية لأن الحكومة الإيرانية تستخدمها في وضع وتنفيذ حملة الإرهاب العالمي» وأن واشنطن ستفرض العقوبات على هذه المنظمة التي أضيفت إلى قائمة تضم 67 منظمة تعدها الإدارة الأميركية إرهابية في الشرق الأوسط ومنها داعش والقاعدة.
ومن الطبيعي أن تعد المؤسسات السياسية والعسكرية والاقتصادية الأميركية كل من سوف يتعامل مع حرس الثورة الإيراني متعاوناً مع الإرهاب حتى لو اتبعت طريقة انتقائية تخدم مصالحها في هذه العملية وتهدد بمعاقبته على غرار العقوبات الاقتصادية التي أعلنت عن فرضها على إيران وكل من يخرقها.
فالولايات المتحدة تعرف أن هذه المؤسسة العسكرية الرسمية الوطنية الإيرانية أقامت علاقات تعاون وإسناد في الحرب ضد المجموعات الإرهابية في العراق وسورية ومن خلال حزب اللـه في لبنان، فهل ستعاقب حكومة العراق ولبنان اللتين تعدهما من الدول الصديقة؟!
لا شك أن تأثير هذا القرار الأميركي ومضاعفاته على المنطقة لا يمكن أن ينحصر بمنطقة واحدة ما دامت واشنطن طالبت على لسان وزير خارجيتها مايكيل بومبيو بانضمام الدول المتحالفة معها للعمل ضد حرس الثورة الإيراني.
كان من الطبيعي أن ترد إيران على هذا القرار الذي يعد إعلان حرب أميركية على حرس الثورة وعلى إيران نفسها بقرار تعد فيه «القيادة العسكرية المركزية للقوات الأميركية في الشرق الأوسط» «سينتكوم» ومقرها في إمارة قطر منظمة إرهابية.
وليس من المستبعد أن ترى الإدارة الأميركية في مثل هذا الرد الإيراني تصعيداً مضاداً للتصعيد الأميركي في ساحة الشرق الأوسط وتهديداً مباشراً بالرد على أي عمليات عدوانية تستهدف حرس الثورة برد مضاد من إيران وجيشها ستعده واشنطن تهديدا مباشراً لنفس القيادة العسكرية المركزية «سينتكوم» في قطر.
لا شك أن إسرائيل تجد نفسها المستفيد الأكبر من هذه السلسلة المتصاعدة في التهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة بشكل عام وفي الخليج بشكل خاص، لأنها كانت منذ عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش واحتلاله للعراق وعهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وقيادته للحرب الإرهابية ضد سورية والمنطقة تنتهج سياسة تحريض علنية لتوريط الولايات المتحدة بحرب مباشرة شاملة ضد إيران، وكذلك ضد سورية في عام 2013 ووجدت إسرائيل في قرار الرئيس ترامب الانسحاب من الموافقة على اتفاقية الدول الخمس زائد واحد مع طهران فرصة لزيادة دورها في دفع ترامب نحو تصعيد أشكال مواجهة إيران إلى أن وصل التصعيد إلى إعلانه عن حرس الثورة منظمة «إرهابية».
في ظل هذه الأجواء التصعيدية والحساسة في منطقة الشرق الأوسط لا يستبعد أن تحاول إسرائيل إشعال فتيل صدام عسكري أميركي مباشر بين الولايات المتحدة وإيران مهما كان حجم هذا الصدام ما دام مباشراً ويشكل أكبر هدف إستراتيجي تريد تل أبيب تحقيقه في هذه الظروف التي أصبح فيها ترامب رهينة بأيدي أخطر المحافظين الجدد وفي مقدمتهم مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون ووزير الخارجية الأميركي مايكيل بومبيو الذي يطلق تصريحات حربية هي من اختصاص وزير الدفاع الأميركي.
فإسرائيل التي اعتادت على العمليات السرية وتوظيف العملاء بطريقة خبيثة قد لا يمنعها أي عائق في ظروف التصعيد الأميركي المتواصل في المنطقة عن إعداد شرارة مفبركة أو تهمة لا أساس لها للجانب الإيراني بهدف منح الولايات المتحدة مسوغ الوصول إلى درجة إشعال حرب مباشرة.
فهذا ما لجأت إليه إسرائيل حين قام مسؤول قسم الأبحاث في المخابرات العسكرية العميد إيتان بارون منذ عام 2011 – 2015 بفبركة موضوع اتهام الجيش السوري عام 2013 باستخدام السلاح الكيماوي ونقل هذه الفبركة إلى وزير الدفاع الأميركي (تشاك هاغيل)، ففي تلك الظروف أشارت وسائل الإعلام الأميركية فيما بعد إلى أن وزارة الدفاع سادها ارتباك أثناء التعامل مع ما نقلته إسرائيل عن العميد بارون، وعلى الرغم من ذلك أعد أوباما القوات الأميركية في البحر وفي الشرق الأوسط لشن هجوم عسكري على سورية بحجة أنها تجاوزت الخط الأحمر الذي وضعه لمسألة استخدام السلاح الكيماوي، فإسرائيل استعلت تصريحاته قبل عام 2013 عن خط أحمر للكيماوي هدد فيه سورية بحرب شاملة فقامت بفبركة اتهام سورية لدفع أوباما إلى تنفيذ قراره الذي امتنع عنه بعد ذلك.
وفي الظروف الراهنة لا يمكن استبعاد أن تقوم إسرائيل باستخدام عملائها لفبركة شرارة تدفع ترامب إلى صدام عسكري مباشر ضد حرس الثورة الإيراني لإشعال حرب واسعة.