ليست حرباً.. بل «صفقة القرن».. بقلم: صفاء إسماعيل

ليست حرباً.. بل «صفقة القرن».. بقلم: صفاء إسماعيل

تحليل وآراء

السبت، ١٨ مايو ٢٠١٩

رغم تصاعد حدة التوتر بين واشنطن وطهران وتزايد الحديث الإعلامي عن احتمال اندلاع حرب بين البلدين, إلا أن الحرب لن تقع, ليس لأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يريدها, بل لأنه لا يقوى على خوضها, وأن كل ما يفعله اليوم هو مجرد محاولات استعراضية الهدف منها صب الزيت على النار باتجاه إشعال مزيد من التوتر في المنطقة.
وقائع كثيرة تؤكد أن واشنطن غير قادرة على دخول مواجهة عسكرية مع إيران لأن عوامل الحرب الحقيقية لم تكتمل بعد, فإدارة ترامب لا تزال غير قادرة ولا مخولة لاتخاذ مثل هذا القرار الكارثي الذي ستنجم عنه تداعيات مدمرة على الجانب الدولي والأمريكي بالمقدمة, وذلك لأن إيران تمتلك ترسانة أسلحة متطورة قادرة على قلب المنطقة رأساً على عقب ووضع نهاية حتمية للقواعد الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط.
كما أن اندلاع حرب في منطقة الخليج يعني تهديداً لسوق النفط العالمي بأكمله إذ سترتفع أسعار النفط إلى مستويات قياسية لن يقبل بها ترامب الذي ضغط بكل قوته العام الماضي ليضمن هبوط الأسعار نظراً لأن واشنطن هي أكبر مستورد للنفط على مستوى العالم. ما يعني أن الحرب مع إيران ستكون لها فاتورتان عسكرية واقتصادية, وهما فاتورتان باهظتان جداً ولا تستطيع واشنطن تحمل دفع ثمنهما.
إن لم تكن النيّة خوض الحرب, فماذا تريد واشنطن إذاً؟. لا شك أن ترامب التاجر يريد ابتزاز دول الخليج وعلى رأسها السعودية عبر إشعارها بأن «الخطر الإيراني يتصاعد» وأن واشنطن “هي المتصدي الوحيد لهذا الخطر” وعليه فإن المكاسب التي تجنيها هذه الدول من ارتفاع أسعار النفط ستدفعها إلى واشنطن بشكل أو بآخر.
والمثير للريبة, هو تزامن التحشيد العسكري الأمريكي مع استعداد مستشار الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر لإعلان ما يسمى «صفقة القرن» مطلع حزيران القادم, ما يؤكد أن ما تفعله واشنطن اليوم هو محاولة واضحة لإلهاء المنطقة بأحاديث الحرب مع إيران وإظهارها أنها “العدو الأول” في المنطقة وليس الكيان الإسرائيلي، وبالتالي تمرير «صفقة القرن»  وإرغام فلسطين المحتلة ومعظم الدول العربية والإسلامية على القبول بها.