مصير قمم سلمان المنتظر.. بقلم: تحسين الحلبي

مصير قمم سلمان المنتظر.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢١ مايو ٢٠١٩

في الثلاثين من أيار الجاري حدد ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز آل سعود لعدد كبير من الدول العربية والإسلامية موعد ثلاث «قمم» الأولى لدول الخليج الست والثانية لدول الجامعة العربية والثالثة لدول منظمة التعاون الإسلامي.
جدول العمل هو «إيران» وهذه «القمم» ستعقدها الرياض في مكة في توقيت لا يوحي إلا بالأخطار على المنطقة كلها لأنه جاء بعد حشد متزايد للقدرة العسكرية الأميركية بحراً وبراً وبعد تهديد لإيران وزيادة فرض الحصار الاقتصادي عليها كما جاء بعد موافقة واشنطن على هذه «القمم»، إن لم تكن واشنطن نفسها حددت توقيتها وجدول عملها.
في ظروف كهذه ما الذي ستتوقعه المنطقة من هذه القمم؟ لا بد من الإشارة أولاً إلى أن أول قمة من القمم الثلاث ستقتصر على دول الخليج الست وهي كما يقول «معهد دول الخليج العربية» الذي يرأسه في واشنطن الدبلوماسي الأميركي فرانك ويزنير منذ تأسيسه عام 2014، منقسمة إلى نصفين تحكمهما خلافات واضحة نصف تقوده الرياض بشكل حاسم وهو من السعودية والإمارات والبحرين ونصف آخر يقود سياسته كل أمير أو حاكم من دولة وهي قطر والكويت وعمان، بل إن دول مجلس التعاون الخليجي تفرض مقاطعة على قطر.
في القمة الأولى الخليجية سيظل من الصعوبة بمكان الاتفاق على موقف واحد ضد إيران لأن قطر لها موقف غير معادٍ لإيران بينما الكويت لا تفضل أن تسوء علاقاتها مع طهران، وعمان حافظت دوماً على علاقات براغماتية مع طهران، وهذا قد يعني أن بيان القمة الأولى لن يعلن الحرب على طهران وسيحاول الاعتماد على القمة الثانية.
القمة العربية وستضم دولاً مثل العراق ولبنان والجزائر وتونس التي لن تقبل بالموافقة على سياسة تصعيد وتهديد ضد طهران، وفي هذه الحال لن يكون بمقدور القمة الثالثة للدول الإسلامية الاتفاق على سياسة سعودية متطرفة ضد طهران، فجدول العمل لا يحمل إلا سياسة سعودية وأهدافاً سعودية وبالتالي ليس سياسة تمثل جميع المشاركين ولذلك هناك من يعتقد أن هدف هذه القمم هو إما طي صفحة مقتل جمال خاشقجي واتهام ابن سلمان وتطبيع العلاقات معه وإزالة كل ما اعترى السياسة الخارجية السعودية من اتهامات وانتقادات، وإما استخدام النفوذ السعودي وأمواله في هذه القمم لمصلحة «صفقة القرن» لأن صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشينر حامل خطة صفقة القرن، سيبدأ بعرضها بعد انتهاء شهر رمضان أي بعد انعقاد القمم في آخر أيام شهر رمضان، وإما تجنيد بعض الدول العربية والإسلامية المترددة في اتخاذ موقف ضد إيران ودفعها إلى الاشتراك في مخطط حصار إيران ومقاطعتها بموجب الخطة الأميركية في حصار إيران.
لكن المأساة إن لم تكن الملهاة المؤلمة هي أن السعودية تستطيع متى تشاء عقد قمم طارئة كهذه لمحاصرة إيران وترفض عقد قمة واحدة طارئة أو عادية للدفاع عن «القدس» وعن الجولان وعن الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة طوال 12 عاماً!
العائلة المالكة السعودية التي علقت في حربها ضد اليمن وصمتت على أخطر مخطط إسرائيلي لتصفية قضية شعب فلسطين وتصفية مقدسات الأمة العربية والإسلامية في الأراضي المحتلة والجولان، تسعى الآن إلى حشد دول عربية ضد طهران التي تقدم الدعم لكل من يقاوم المجموعات الإرهابية التكفيرية وإسرائيل، فهل هذه السياسة وقممها ستخدم العرب والمسلمين؟!
في النهاية لن تولد هذه القمم سوى المزيد من الانقسام في العالم العربي لأن العراق ولبنان والجزائر وتونس تفضل تبني سياسة تختلف تماماً عن السعودية التي لن تجد معها سوى الإمارات والبحرين، وستنأى بقية دول الخليج بنفسها إضافة إلى مصر والسودان عن سياسة ابن سلمان!