هل يرفض الأردن "صفقة القرن"؟.. بقلم: د.خلود أديب

هل يرفض الأردن "صفقة القرن"؟.. بقلم: د.خلود أديب

تحليل وآراء

السبت، ٨ يونيو ٢٠١٩

أعلنت مصادر رسمية ناطقة باسم ملك الأردن, لشهر خلا, أنه وفي الوقت الذي لا يملك الأردن تفاصيل صفقة القرن, وبغض النظر عن هذه التفاصيل, إلا ان الملك قد أعلن لاءات ثلاث واضحة على حد زعمها وذلك في موقف استباقي منه في مواجهة بنودها التي تم تسريبها حنى الآن: لا للتوطين ولا للوطن البديل ولا لتنازل الأردن عن دوره بموجب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. وبالتالي، فإن الأردن يرفض أية تسويةٍ أو صفقةٍ لا تنسجم مع هذه الثوابت. 
وكان الأردن قد احتفظ بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية وادي عربة الموقعة في ١٩٩٤، وكان مكسبه الوحيد حينها تخلي إسرائيل عن فكرة الوطن البديل للفلسطينيين على أرضه. كما وقع العاهل الأردني والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية تعطي للأردن حق "الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات" في فلسطين. 
ويتعرض الأردن لضغوطات إقليمية ودولية لدفعه لقبول صفقة القرن تتزامن مع التحديات والصعوبات التي يمر بها في الوقت الحالي والمتعلقة بالشأن الاقتصادي. 
ويترقب العالم أجمع الإعلان الرسمي عن تفاصيل ما يعرف بصفقة القرن الامريكية عقب إعلان مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للسلام في الشرق الأوسط، جاريد كوشنر، في منتصف شباط الماضي عزم واشنطن إعلان خطتها للسلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين بعد شهر رمضان الذي شارف على نهايته. 
وبينما ترددت شائعات كثيرة حول تعرض الأردن لضغوط أمريكية للقبول بهذه الصفقة، أفادت تقارير إعلامية أمريكية, مؤخراً, بأن خطة السلام الامريكية لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ستشمل استثمار عشرات مليارات الدولارات في الضفة والقطاع (٢٥ مليار دولار) ودول المنطقة (٤٠ مليار دولار في مصر والأردن وربما لبنان). 
وعلى ما يبدو فإن الجزء الأساسي من هذه الأموال الطائلة سيتم الحصول عليها من "أغنى دولة في المنطقة" - السعودية بطبيعة الحال- وليس من الولايات المتحدة الامريكية (بالإضافة إلى دفع المملكة السعودية الثمن من أراضيها). 
وأما بالنسبة إلى الأردن، فستلعب مسألة شح خياراته المتوفرة والأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعاني منها والخطر الأمني الذي يتهدده الدور الأبرز في خضوعه من عدمه لتلك الضغوط وفي تطبيقه لمبدأ ما يعرف بالسياسة الواقعية في التعاطي مع هذه الصفقة. 
وفي حال كانت تلك اللاءات الثلاثة جدية وثابتة فيتعين على الأردن أن يعيد ترتيب أوراقه الإقليمية والعربية وأن يعيد صياغة توازنه السياسي ضمن محوره التقليدي (السعودية، مصر والإمارات) كما يتحتم عليه البحث عن مصالحه المشتركة مع دول الجوار (سورية في الطليعة) والسعي لترجمتها في اتفاقيات وتفاهمات مشتركة تضمن له تأمين حدوده الجغرافية وعوامل استقراره الداخلي وتقصيه عن دفع ضريبة سقوطه في صراعات وهمية مع هذه الدول زجته بها دول غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. 
ففي قراءة سريعة لتتابع الأحداث في مرحلة ما بعد مؤتمر مدريد ١٩٩٢ نرى أطرفاً عربية وإقليمية عدة تسارع إلى التهالك لعقد تسويات منفردة تضمن لها مصالحها الفردية مما قد يدفع بالأردن إلى حافة العزلة السياسية وبالتالي للسقوط مضطراً في فخ الاذعان غير المشروط لبنود هذه الصفقة. 
لا بد للأردن من إعادة صياغة العلاقة مع سورية (قد يكون خياره الأوحد أو الأمثل في أقل تقدير في حال شاء رفض الصفقة) وتبني دور العراب لإعادة روابط سورية مع محيطها العربي. كل ذلك بعد اقرار الأردن الواضح والصريح بالمصالح المشتركة مع سورية والمبادرة إلى توظيف موقعه الجغرافي لتفعيل هذا الدور. 
قد يكون السيف قد سبق العذل فلا يتسنى للأردن بحث خياراته للدفاع عن موقفه والتمسك برفضه لصفقة القرن والاختيار فيما بينها. فهاهو البيت الأبيض يعلن أن مستشاره جاريد كوشنر يزور هذا الأسبوع الرباط وعمان والقدس المحتلة برفقة المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط جايسون غرينبلات وكذلك الممثل الأمريكي الخاص لشؤون إيران في الخارجية الامريكية، براين هوك. 
وتأتي هذه الزيارة المرتقبة على خلفية أزمة الحكومة الاسرائيلية وإمكانية تقديم موعد الانتخابات الأمر الذي قد يعرقل مخططات الولايات المتحدة الأمريكية في موعد اطلاقها للصفقة إن لم تبادر إلى تغيير بنودها تماشياً مع الظروف المستجدة في المنطقة وخاصة إسرائيل. هذا لا يستبعد بحث المبعوثين الثلاث لبنود الصفقة مع أطرافها الأساسية وجس نبضهم في مدى قبولهم ومقدرتهم على تنفيذها.  
فهل يسارع الأردن لاغتنام الفرصة والاستفادة من هذه العرقلة، إن حدثت، لإعادة تقييم خياراته الإقليمية والعربية والدولية والمفاضلة بينها؟ وهل يسعه رفض الخضوع للضغط الأمريكي ورفض صفقة القرن جملةً وتفصيلاً؟
فلننظر ونترقب!