خواطر من زمن الحرب والحب.. بقلم: المهندس بشار نجاري

خواطر من زمن الحرب والحب.. بقلم: المهندس بشار نجاري

تحليل وآراء

الجمعة، ٢١ يونيو ٢٠١٩

بودابست
الحروب الاقتصادية وإفقار الشعوب جزء مهم من الحروب التقليدية، والأمريكان بارعون وخبراء وخبثاء في استخدامها،  فبالمال يشترون محطات الإعلام ومعها الإعلاميين،  وبالمال يشترون ضعاف النفوس والمنافقين والوصوليين، وفي عالمنا العربي والإسلامي يكون بقايا الشيوعيين والإخونجيين وبعض من  المنافقين وهؤلاء هم الشرائح التي يستهدفونها فلا تستغربوا إن وجدتم  (فيصل القاسم  وعزمي بشارة  والقرضاوي وميشيل كيلو والعرعور وبرهان غليون) ومعهم قطيع من المتمشيخين ومن الباحثين عن الشهرة والمال في سلة واحدة وفي قطيع واحد يسيرون خلف ثور  معروف ويحدد مسارهم كلب  يلاحقهم بنباحه فلا يحيدون عن الطريق، فها قد مضت ثمانية سنوات على أوسخ وأقذر حرب ومؤامرة واجهت الأمة ولا تزال هذه الفئة تسير في نفس الدرب الذي رسم لها منذ اليوم الأول يحدد مسارها  نباح  الكلاب وهي عبارة عن (مجموعة من محطات الإعلام المعروفة التوجه والاتجاه) وكتلة من المال لا تنتهي ومعروف من يقف وراءها ويضخ بها روح الحياة! 
 وحتى نفهم الأمور بشكل أوضح علينا العودة إلى التاريخ ، ذلك انه في عام 1934 كان من دواعي وضع السرية المصرفية في سويسرا هو ملاحقة الحزب النازي الألماني الناشئ لرؤوس الأموال الألمانية الخائفة والمهاجرة خارج بلدها، فكانت السرية المصرفية نوع من الأمان لجلب تلك الأموال.. وهذا لم يمنع استمرار السرية حتى بعد سقوط النازيين، لا بل انتشر هذا العرف المصرفي  على مستوى أوسع في البنوك العالمية، وصفة السرية البنكية هي كذبة لجلب الأموال في المرحلة الأولى ثم لسرقتها في المرحلة اللاحقة.. وهنا يأتي السؤال: لماذا سمح ببقاء السرية المصرفية وخاصة انها أصبحت تستخدم في بعض الأحيان لإخفاء الجرائم المالية بحق الشعوب ..؟ وهل فعلا هناك سرية مصرفية حين نرى، وخلال فرض العقوبات الأمريكية على البلدان المعادية لها ولإسرائيل و توجهاتهما  وكيف يتم الحجز على أموال الدول او الأفراد وكيف يتم كشف السرية المصرفية بقرار سياسي يخضع له القانون حتى ولو كان المودع له حصانات وضمانات مصرفيه..؟ 
كلنا نذكر كيف تبخرت المحفظة المالية للعراق في البنوك الغربية وكيف تم تجيير قسم منها للعب دور الداعم لمعارضي الدوله العراقية.. ونذكر كذلك كيف وضع الغرب يديه على أموال الشاه وإيران بعد سقوطه، وكيف تم الحجز على أموال الدولة الليبية واستثماراتها  وسرقة قسم كبير منها وخاصة التي كانت مودعة بعيدا عن نظر الايداعات الحكومية.. ؟ وحتى الآن كيف قامت الحكومة الامريكية بحجز أموال فنزويلا التي تبلغ عدة مليارات ووضعتها تحت تصرف المعارض غويدو! كلها تصرفات خارج القانون الدولي، وفي العمق كلنا نذكر أزمة الرهن العقاري قبل أكثر من عشر سنوات  في أمريكا وكيف أفلست البنوك والشركات العملاقة وكيف اختفت أموال المودعين بلا أي تبرير مقنع حتى الآن.. ولكن حسب تسريبات ويكليكس فإن هناك قائمة بالأموال التي لم يتم المساس بها في هذه الأزمة التي أوقعت أمريكا بعجز وصل الى 7 آلاف مليار دولار.. هذه القائمة كان يتم نقل أموالها إلى مناطق تعتبر بمثابة الملاذ الضريبي.. وأُسس من اجلها شركات وهميه ولكنها هي الأخرى معروفة ومكشوفة وتعرف  بشركات (الاوف شور) وكان تمركزها في بنما وبعض الدول الأخرى كقبرص مثلاً.. وبقيت هذه الشركات تستقطب رؤوس الأموال التي تبحث عن الملاذ الآمن حتى وصلت الأمور إلى المواجهة مع اليسار الأمريكي اللاتيني الذي دعم جهود روسيا والصين والهند في إقامة التحالف الاقتصادي لمواجهة تغوّل البنوك ودولة العميقة التي  تتحكم بها القوى الخفية التي تهيمن على العالم. 
وأمام هذا الواقع خلق ما يسمى الصحافة الاستقصائية التي كشفت أسماء الشركات المموهة  والمقنعة مما دفع الـ  (اف بي آي) للتحقيق في الموضوع وخاصة أنها كانت تمرر أسماء المافيات الدولية، وانطلاقا من هذا الواقع بدأ ما يسمى صراع السوق السوداء المالية نتيجة هجرة الأموال وتجولها دون ضمانات ودون رقيب وهي تبحث عن أماكن محمية وخاصة منها الأموال الخليجية والسعودية في الدرجة الأولى، والعربية بشكل عام، مما أدى لتوظيفها حسب المخطط الأمريكي والدولة العميقة هناك في حروب منتشرة حول العالم وأولها ما يسمى (الربيع العربي) الذي كان يشكل اكبر عملية تبييض وسرقة أموال عرفها التاريخ،  فقد سيطروا على خزائن المال في الخليج العربي وأدخلوه في أزمات مالية مخيفة وبدل أن تصرف أموال العرب على التنمية والتصنيع والبنى التحتية ومحاربة الجهل والتخلف صرفت على القتل والدمار وتدمير البنى التحتية ونشر الجهل وكل من ينكر هذه الحقائق إما جاهل أو هو جزء من هذه اللعبة والمؤامرة القذرة!
والآن لو دققنا في فترة  الحرب على ليبيا والعراق وسورية واليمن لرأينا، وحسب دراسة أعدتها الــ (بي بي سي) أن هناك مايقارب ال4 آلاف مليار دولار وبحسب معلوماتي الرقم اكبر من ذلك  بكثير،  تم  سرقتها و تبييضها في هذه الحروب وخاصة عن طريق شركات النفط والسلاح..  من خلال سرقة حقول النفط العراقية والليبية وحتى السورية.. مع إجبار دول الخليج على تمويل هذه الحروب من جهة أخرى.. في ظل اختفاء البنوك المركزية لليبيا والعراق وأصولها المالية. نعم..  تعرض العرب جميعاً  لسرقات مبرمجة لم يعرف لها التاريخ مثيلا، وللأسف لا يزال بعض المخدوعين يتكلمون عن ثورات وكأنهم يعيشون في العصور الوسطى، فهم لا يقرؤون ولا يعرفون شيئاً عن محيطهم الدولي، أوليس هذا وجه من وجوه التخلف الذي يعيشه بعض أبناء هذه الأمة للأسف والذي نعاني منه و دفعنا ثمنه جميعاً ؟!
إن ترامب لا يبتز  السعودية ودول الخليج  وقطر فحسب،  وإنما  في الواقع هو يمول حرب اليمن للسيطرة على اكبر حقل نفط في التاريخ موصول بين الأراضي السعودية واليمنية ، وما قصة الصراع السني الشيعي، أو الحوثي السني الا لعبة من لعب الكبار الخبثاء للمساعدة على دمار هذه الأمة و إركاعها. 
وللأسف فإن لكل دولة  من دول الخليج دور مجبرة على القيام به قد يكون إعلاميا تعبويا كالدور الذي أجبرت قطر على القيام به، أو لوجستي ومالي  وهو الدور الذي كلفت به السعودية، والمصيبة للأسف كبيره فنحن الآن أمام دول عربية أصبحت عاجزة، ذبحتها الفتنة و دمرها الشقاق، والقضية تحتاج اليوم إلى رؤية عميقة في محيط هائج لا يعطي وزنا نهائيا للقانون الدولي ولا حتى الإنساني.. وفي ظل هذا الواقع نستطيع  القول انه رغم هذه الحرب القذرة وتشعباتها المخابراتية والإعلامية  الخبيثة على أرضنا استطعنا أن نبقى على قيد الوجود ومنعنا إزالتنا عن الخريطة كما أزيلت من قبلنا دولٌ وامبرطويات.. نعم سنبقى ولا يستطيع أحد في الكون أن يفعل بنا كما يفعل الأمريكيون بعبيدهم.. لازلنا على قيد المواجهة والتحدي وسنبقى بأذن الله .