المتخلفان في البلد ((الدين والقانون )).. بقلم: ميس الكريدي

المتخلفان في البلد ((الدين والقانون )).. بقلم: ميس الكريدي

تحليل وآراء

الأحد، ٣٠ يونيو ٢٠١٩

الكتابة بالنسبة لي 
أكبر من حروف ألقيها على قارعة النشر ،
الكتابة هي أن أكون نفسي في لحظات مصارحة، وحكايات أسردها صراحة وتورية،
وهي أمانتي التي أحملها بأكبر قدر من الجرأة الممكنة و غير الممكنة في مجتمعات أصعب مافيها أن تعمل عملاً نبيلاً وحضارياً في أشد البيئات تحجراً وتخلفاً، حيث ماتزال محكومة بموروث نفاقي تجبرك عليه حواضنك الاجتماعية، وتكبر ويكبر الحلم الوجودي بأبسط الحقوق وأصعبها أن تمارس ماولدت على هيئته، ببساطة أن تكون إنساناً والأصعب في الشرق أن تكوني إنسانة..
حقيقةً، في بلادي ليس مسموحاً أن تكوني تلك الانسانة، يطاردك المارد الديني والمارد التقليدي، وفي أوضاع أخرى ، المذهب ،والعائلة ..
والقانون الذي يعامل المرأة على أنها نصف مواطن، ويتخيل البعض أن تكاثر المطاعم والكافيتريات مثل الفطر وانتشار الشبان والشابات فيها هو تعبير عن تقدم المجتمعات في حين أن العصرنة هي أولاً قوننة.
عادة أستحضر اللغة وأطوعها وأعلّبها في قوالب الوجدان لتحتمل فورتي المؤنثة و تمردي على واقع رديء إنسانياً،
لأن الوجدانيات تحتمل الشكوى حتى في الأوجاع الجنسية والحديث عن العورات ونقد سطوة الردة الدينية بحرفية فيها تورية والتفاف على حياء الكلمات، لكني أعتقد أن واجبي يحتم عليّ المباشرة، اذ لابد من تحميل الحلم الكبير على روافد جادة والنطق بما يحجبه الماء في الفم .
لن تعبر سورية إذا استمر التخوف من المواجهة المجتمعية للمتخلفان :الدين والتقاليد .
فهذه البلاد تطلع علينا بالعجب العجاب من المشاهد، فكل المذاهب والأديان تتناقض مع بعضها تناقضات تسمح بوجود شرارة مشتعلة ، يمكن أن تتحول إلى نار تحرق العيش المشترك بأي لحظة وبالمقابل تتواطؤ كل تلك الأديان على موقف موحد من كل من يرغبون بنقلة تضمن مدنية وعلمانية الدولة 
((ولا نتحدث عن التدين الفردي ولا عن التزام العبادات ))
وإنما نتحدث عن دولة مُمَأسسة على أساس القانون الذي يوحد الجميع تحت سلطته ،
ولا نغفل تجذر العادات الذكورية، والتي كرستها حقبات الغزو وهمجية الحروب، منذ بدأت فكرة الحصول على ممتلكات الغير بقوة السيف.
والحاجة إلى القوة التي أقعدت الكائن الأممي الأمومي في زاوية مع الأطفال بانتظار لقمة مجبولة بدم الغير..
وبدأت تنزف الإنسانية من وقتها والى اليوم .
والنزيف صار عنوان لكل شيء حتى شرف القبيلة .
شرف مرتبط بليلة زفاف عنوان اكتمالها قطرات من دم البكارة.
و تتابعت هزائمنا حتى صار انتصار الفحول في بلدي فقط على جسد امرأة وعلى أسرة مغلفة بالملاءات مثل نساء بلدي .. وعلى فرشات عورات مثل نساء بلادي.
و تعولمنا وانفتحنا على برامج التواصل، وبقينا ننافق ونستل الشرف سيفاً على رقاب النساء،
وتدعشنا بكل بساطة لأننا فعلاً أكلة لحوم البشر ، وإلا كيف نأكل المرأة وليمة على سرير .