من يجرؤ على الكلام؟!.. بقلم :المهندس بشار نجّاري

من يجرؤ على الكلام؟!.. بقلم :المهندس بشار نجّاري

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٠ يوليو ٢٠١٩

اليونان 
نعم لقد كان الغرب الاستعماري يرى في الإسلام الحضاري المقاوم والمدعوم من قوى وطنية خطراً حقيقياً على مصالحه، فكان عليه القضاء على هذا الخطر قبل إن يكبر ويستفحل وليس مهماً كم سيكون الثمن  ومن سيدفع الثمن، المهم القضاء عليه وفوراً ! 
وحتى تكتمل (المؤامرة) وتأتي على الأخضر واليابس كان عليهم ان يسيطروا على وسائل الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وأن يعطوها أسماء عربية وان يزرعوها في دول صغيرة تابعة لهم وعاجزة عن منعهم من تنفيذ مآربهم القذرة في حق الأمة وأن يخططوا ويدعموا ما يسمى (الربيع العربي) وأن يخترقوا طبقة المثقفين بأموال البترول التي أجبرت على تمويل مشروع الدمار والخراب الكبير بدل ان تصرف على صناعة المستقبل والأمان، وان يصنعوا لنا الفوضى الخلاقة فتضيع البوصلة حتى لدى المتمكنين من رجال السياسة والاقتصاد، وكانت لنا هذه العملية الخبيثة معقدة وصعبة على الفهم والاستيعاب في بداية الأحداث، فخدع الكثير منّا وركض خلفها وصفق لها الكثير، وقد أخذت هذه ( المؤامرة ) من حياتنا سنوات طويلة حتى استطعنا ان نكشف بعضاً من أسرارها ، ولكن ولغاية اليوم الويل لمن يتكلم عن مؤامرة.. ومن يتكلم عنها بهذه الطريقة فسيهدر دمه وماله و دينه من قبل أعداء الأمة!
لقد شوه (الربيع العبري) و ثورات زعران الناتو ومعهم مجرمو داعش الإسلام بطريقة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، حيث سخرت كل وسائل الإعلام المتصهينة ومعها كل قنوات التواصل الاجتماعي لإظهار الإسلام كدين قتل وإجرام ووحشية من خلال المقاطع المصورة التي انتشرت عبر تلك الوسائل وتلك الصور المرافقة لصرخات الله وأكبر، حيث الدم يجري تحت الأرجل وقطع الرؤوس وأكل الأكباد يتم بدم بارد، من حثالة استخدمت الإسلام ستاراً لتنفيذ أجندة المؤامرة، وقد دعم الغرب هذا التوجه اللعين كما دعم هجومه على الإسلام والعرب عبر صناعة مشايخ النفاق والفتنة الذين كان يقدمهم لنا وكأنهم رموز مقدسة لدى المسلمين لا يمكن المساس بصدقهم أو قدسيتهم المزعومة،  فيما، عمل وبشكل مواز،ٍ المستحيل لإبعاد وتشويه وتصفية العقلاء والحكماء من رجال الدين ومن المثقفين، وحدث ما حدث، ودفعت سورية الثمن الأكبر في هذه المواجهة، لأنها كانت  الدولة الأقوى والأصلب، ذلك أن للسوريين ثقافة تحد ومقاومة عمرها عشرات السنين، وكان من الصعب تجاوزها أو تدميرها بدون مقاومة عنيفة وضعت العالم كله على شفير الهاوية ورسمت له خريطة جيوسياسية جديدة، ولقد قلناها لهم ومنذ اليوم الأول: إن سورية ليست كبقية الدول لأنها كانت دوماً طائر الفينيق الذي يخرج من تحت الرماد، ودمشق حاضرة الأمويين أقدم عاصمة في التاريخ شعبها لا يلين,, فهل تفهمون؟!
ومع ذلك لم يتراجع صنّاع الفتنة (والمؤامرة ) ولا خطوة واحدة عن هدفهم، فما صنعه السوريون منذ الاستقلال ولغاية اليوم من حضارة وثقافة وتطور صناعي وزراعي وعلمي عملت (ثورات زعران الناتو) بالوكالة عن أسيادهم على تدميره  وسحقه وعلى إظهار وحشية السوريون، لأنهم (السوريون) هم ومعهم الإسلام الواعي المعتدل كانوا المستهدف الأول في هذا الصراع، ذلك أنهم يمثلون الوجه الحضاري المقاوم لهذه الأمة، فكان المطلوب تشويه هذا الوجه بأي ثمن ممكن، فصرفت المليارات على هذا المشروع الجهنمي القذر  والذي دعموه سياسياً عبر المحافل الدولية لنرى بأم أعيننا مسرحية سوريالية خيالية،  يدافع فيها أعداء الأمة التاريخيين، من الصهاينة وأسيادهم، عن ثورات الناتو وزعرانها، وليجدوا فيما بعد من ينفذ لهم هذا المشروع اللعين في دمار الأمة،  فللمال سطوة وضعاف النفوس والأغبياء جاهزون للتنفيذ، لكن مشروعهم أجهض في سورية ودفع الشعب السوري ودولته الكثير من الدم والمال في هذه المواجهة العنيفة لحماية سورية ومُثلها وقيمها العظيمة والتي حافظت عليها عبر تاريخها الطويل. 
في تاريخ البشرية توجد انعطافات كبيرة يذكرها لنا التاريخ لها تأثير واضح على الإنسانية جمعاء، والحدث السوري ومواجهته للربيع العبري ولثورات زعران الناتو وما نجم عن ذلك من تداعيات، يعتبر ولاشك من أكبر الانعطافات في تاريخ البشرية والذي سيرسم وجه العالم في المئة عام القادمة، ولنتذكر كيف أنه قبل مئة عام رسمت اتفاقية (سايكس بيكو) بين بريطانيا وفرنسا وجه العالم المنصرم، واليوم فإن سورية وحلفائها هم الذين يرسمون خريطة العالم الجديد للمئة عام القادمة!