هل جاء وقت الاتحادات والنقابات والمنظمات؟.. بقلم: زياد غصن

هل جاء وقت الاتحادات والنقابات والمنظمات؟.. بقلم: زياد غصن

تحليل وآراء

الجمعة، ١٢ يوليو ٢٠١٩

حالتان تدفعان نحو البدء بعملية تقييم شاملة لواقع عمل المنظمات والاتحادات والنقابات في سورية.
الحالة الأولى تمثلت قبل نحو عامين في إلغاء الاتحاد العام النسائي، والحالة الثانية لم تمض عليها سوى بضعة أيام، وتمثلت في إلغاء اتحاد المصدرين.
وفي كلتا الحالتين ثبت أن الاتحادين المذكورين وصلا إلى مرحلة بات إلغاؤهما، وليس إصلاحهما، ضرورة لمصلحة البلاد.
سأكون متفائلاً في سؤالي التالي: كم منظمة واتحاد ونقابة في بلدنا تحتاج في عملها وبنيتها الهيكلية إلى إعادة تقييم وإصلاح جذري؟.
وقلت متفائلاً لأن الإلغاء بنظر الجميع هو آخر «الكي»، لكن أحياناً لا مفر من اللجوء إليه لوقف تضخم مشكلة جوهرية، أو لنفاد كل الفرص التي أعطيت ومن دون جدوى، أو لطغيان السلبيات بشكل كبير على الإيجابيات.
في واقع الأمر فإن معظم «التجمعات» المهنية لم تنجح في تقديم أنموذج مؤسساتي عصري، سواء لجهة «رشاقة» جهازها الإداري والتنفيذي، أو لجهة تمكنها من استقطاب أوسع شريحة ممكنة من الفئات الشعبية والمهنية، أو حتى لجهة حضورها المهني في الشأن العام.
وهذا رغم المرونة التي تتمتع بها تلك «التجمعات»، خاصة في ظل تحررها من الأنظمة والقوانين المطبقة على المؤسسات العامة، تراجع الأداء هذا، إن صحت تسميته، ليس وليد ظروف الحرب كما قد يحاول البعض تبريره، فهو نتيجة تراكمية لسنوات من الممارسات الخاطئة في إدارة شؤون هذه المؤسسات، بدءاً من اختيار كوادرها البشرية وقياداتها، والتي لطالما وصف بعضها بالخيارات غير الموفقة، مروراً بغياب الشفافية والمساءلة عن أعمالها وأنشطتها، وصولاً إلى ابتعادها عن جمهورها وإهمال طروحاته ومطالبه.
وحتى الاتحادات المهنية التي أسست حديثاً فقد سلكت الطريق نفسه، لذلك كان من الطبيعي أن ترتفع الانتقادات الموجهة لعملها، ويتسلل الشك إلى عقول كثير من المعنيين والمهتمين بها، لا بل يصل الأمر إلى حد توجيه اتهامات بوجود مخالفات هنا أو هناك.
وما يؤكد ما سبق هو حال هذه المؤسسات خلال سنوات الحرب، فمع تراجع دور الأحزاب السياسية على المستوى العالمي، وصعود النقابات والاتحادات وزيادة تأثيرها في مجرى الأحداث، كان لابد من حدوث تحول مهني وجوهري في مسيرة «تجمعاتنا» المهنية، بحيث تنتقل من جهات مطلبية عاجزة عن التأثير في محيطها ومنتسبيها، إلى مؤسسات صانعة وقائدة للرأي العام.. وللأسف هذا لم يحدث حتى اليوم.
أعرف كغيري من السوريين أن هناك ما هو فوق «طاقة» أو صلاحيات المكاتب التنفيذية ومجالس الإدارات في هذه الجهات.. وبصراحة أكثر هناك ما هو بحاجة إلى قرار وطني.
لكن عندما تنجح هذه المكاتب والمجالس في قيادة تحول تدريجي في واقع عمل الجهات التي نتحدث عنها، فليس هناك من شك في إمكانية حصولها على دعم رسمي لتعزيز ذلك التحول وتوجيهه بما يخدم مصلحة المنتسبين والقطاعات التي تهتم بها.
صحيفة تشرين