العورات من العبادة إلى الاستعباد.. بقلم: ميس الكريدي

العورات من العبادة إلى الاستعباد.. بقلم: ميس الكريدي

تحليل وآراء

السبت، ٣ أغسطس ٢٠١٩

وتستحدث الحرب الحكايا وتنفلش البلاد على أوجاعها وعوراتها وتفرض أنواع رزق بطعم اللذات البشرية في الحرب يترافق الموت مع حياة عجائبية التعبير ، في مكان معركة وفي مكان ملهاة بشرية مرعبة، حتى في أفغانستان ولدت آلاف المومسات يبيعن اللحم لإنقاذ اللحم وهاهنا تنوء الرغبات من ثقل الفقد .. في ليلة من ليالي التنقل بين محافظات البلد حيث قررت العودة صباحاً إلى دمشق اضطررت للبحث عن صالون حلاقة نسائية مساء واتصلت بالصبية العاملة في المكان كون الساعة حوالي التاسعة والنصف مساء وإذا بها تقول : تعالي تمام الثانية عشرة منتصف الليل لاننا نعمل حتى الثانية فجراً ، وأسعدتني مساحة الوقت ولكني بالمقابل انشغلت بصوغ حكاياتي المعجونة بلذات الحرب كما أفعل دوماً ، وهناك جلست أتلصص على أحاديث نسائية ممزوجة بخبايا ماتحت الملابس الداخلية للوطن وسفاح الألم ، فتاة في التاسعة عشرة ملفوفة كعود قصب رطب تتلوى كأنها ترقص وتغني في غنج حركتها المفعم بالأنوثة، وقالت لي صاحبة المكان إنها تعمل راقصة في ملهى ليلي .. ليست شبيهة هند رستم التي مازالت تحك غرائز الشباب بالأسود والأبيض حتى اليوم ، هي جميلة جمالاً بريئاً رغم كم الألفاظ السوقية التي تستخدمها أثناء ثرثرتها، هي كائن طفولي رغم شحنة الجنس التي تتحدث بها ومصطلحات الإثارة التي تبعثرها حتى أثناء استخدام مساحيق التجميل، راقبت جمالها قبل المساحيق وبعدها، وبدت أجمل وأكثر فتنة رغم موقفي السلبي من استخدام المساحيق والألوان على وجوه النساء بغزارة تنم عن رحلة صيد الذكور الليلية . لم أتخذ في عميق نفسي منها أي موقف ولم أرى فيها إلا ناتجاً مجتمعياً اتهمت به أوزار الحرب، رغم أنها قد لا تكون. أكتب لكم الليلة بتجرد و كعادتي أكره شهادات حسن السلوك وسكوك الغفران لأن الله هو أكثر من تحدث القتلة عبر التاريخ باسمه، أكتب لكم ليس لأرتجل بيانات العفة ولكن لألتقط عيون الوطن بعد منتصف الليل ، ليس السهارى متسهدون في العشق، قد يكون صحيحاً تماماً أنهم يرشفون شبق المتعة من مخلفات الحرب بشهوانية أكثر فجوراً والفجور من الفجر أي وضوح الفجر .. علينا أن نبدأ لملمة مشاهد الحياة بجرأة المكاشفة. وتنقلت عيوني بين صبايا جميلات مستحدثات في العمر النسوي يتكلمن بلغة زمنية قد لا تنضج بعد أعمارهن بعشر سنوات على الأقل ، ووسط انبهاري بلمحات الوشوم على حافة الصدور وعلى الأكتاف العارية وعند كاحل القدم ، بقدر ماظهر أمامي من محطات أجسادهن الغضة وأنا أتشرب كاسفنجة جافة ملامحهن لأنسجها فيما بعد رواية تنضح بطلاتي المثيرات ضمن نسيج حكاية تصلح لزمن لايقرأ فيه أحد أخاف أن التاريخ رغم بهتانه وزوره لم يعد يعني أحد قراءته. هذه أناي الكاتبة التي تنقب عن هذه المشاهد التي تردي القارىء مستسلماً لبقية الحكاية حين نغمسها في الجنس، والجنس مشرقي حقيقي لأن فورة أجسادنا حلم دافىء يتعطش له العالم ، وتحت وسادة الحلال والحرام قد تنام الاثنتين .. زوجة وعشيقة، مومس وطاهرة وفق مفاهيم مسخ تتمظهر بالمظاهر ولا تنغمس في الوجدان ، وتلك المسألة العقدة في بلدان ثلاثة أرباع فضائلها تحت جناح الستر وثلاثة أرباع كتبها السماوية مشغولة بتحليل وتحريم معظم مساحاته عورة المرأة ، وماأقبح كلماتنا ونحن نتحدث عن مناطق الخصب والولادة التي انتقلنا من عبادتها إلى استعبادها