مسؤولو المناطق المُحرّرة!..بقلم: زياد غصن

مسؤولو المناطق المُحرّرة!..بقلم: زياد غصن

تحليل وآراء

الاثنين، ٢ سبتمبر ٢٠١٩

ما إن تتحرر منطقة من سيطرة المجموعات الإرهابية، حتى تبدأ رحلة ليست بالسهلة لإعادة بناء تلك المنطقة. طبعاً المسؤولية لا تتحملها الدولة وحدها، وإن كانت تتحمل المسؤولية الأكبر، إلا أن المجتمع المحلي عليه أيضاً واجبات، ومطلوب منه تنفيذ مهام بحدود إمكانياته وقدراته. ومنذ سنوات ما قبل الحرب، كان هناك سؤال يطرح دائماً في اجتماعات عامة وخاصة، ومفاده: كيف يمكن استقطاب المجتمع المحلي لدعم مشروعات التنمية؟. هذا السؤال أصبح أكثر أهمية خلال فترة الحرب، التي شهدت حدوث خلل اجتماعي كبير، ولاسيما في المناطق الساخنة والمدمّرة. كما يعلم الجميع، ليست هناك وصفة سحرية أو صيغة قرار حكومي تدفع المجتمع المحلي، بين ليلة وضحاها، لدعم جهود إعادة البناء أو التعاون مع السلطات المحلية، فالأمر يحتاج إلى جملة خطوات متكاملة، لعل أهمها ثقة المجتمع المحلي في المناطق المحررة بالمسؤولين عنهم خدمياً وتنموياً. إذ إن تحقيق هذه الثقة ينعكس إيجاباً على كل ما يتعلق بعملية إعادة البناء، وغيابها يؤثر سلباً.. ليس على مشروعات التنمية فحسب، وإنما حتى على تفاؤل الناس المنكوبين. لذلك فإن أول التحديات التي تواجهها الدولة في دخولها للمناطق المحررة يتمثل في المسؤولين الذين يجري اختيارهم لتنفيذ مشروعها التنموي، بدءاً من أصغر وحدة إدارية وفرع مؤسسة إلى أكبرها. هنا لا مجال.. ولا وقت للتجريب أو الاختبار أو تفضيل المحسوبيات. فهناك مناطق بقيت لعدة سنوات تحت سيطرة «فكر» كان يتدخل في أبسط شؤون الناس، وينشر ثقافته بالكره أحياناً وبالترغيب أحياناً أخرى، لذلك من الصعب مسح آثار كل تلك السنوات بمجرد دحر ذلك الفكر عسكرياً.. فكيف إذا كانت تلك المناطق تعاني تخريباً متباين الشدة في البنى التحتية والمرافق الخدمية، وتراجعاً واضحاً في النشاط الاقتصادي، وضعفاً في العلاقات الاجتماعية؟!. هذا الوضع لا يحتاج إلى عقول موظفين، ولا إلى محبي الاستعراضات الإعلامية، ولا إلى شخصيات بلا تاريخ مهني وإداري، ولا إلى قلوب ترتجف خوفاً من صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي أو من مادة صحفية.. ومن دون شك.. ولا إلى أصحاب المصالح والمنافع الشخصية. ما تحتاجه المناطق المحررة عكس ذلك تماماً.. وهذا ما حدث في بعضها، حيث تولى أمرها مسؤولون جعلوا أهلها يعزفون لحن الحياة.. في حين أن مناطق أخرى تنتظر أن يحين دورها لتعزف هي الأخرى.. لحن الحياة والأمل. وربما الفارق في الإنجاز بين محافظة وأخرى، بين منطقة وأخرى، يؤكد صحة هذا الاستنتاج أيضاً، خاصة أن دعم الدولة واحد، ومشروعها واحد، وهدفها واحد.