تعريف عام بالترجمة وتصنيفاتها (1).. بقلم: هلا سليمان دقوري

تعريف عام بالترجمة وتصنيفاتها (1).. بقلم: هلا سليمان دقوري

تحليل وآراء

الأحد، ٨ سبتمبر ٢٠١٩

كلنا يعرف أن ثمة علماً يدعى علم الترجمة وهو علم لا مادة حقيقية له كباقي العلوم ولكنه علم قائم بحد ذاته، وقوامه وجوهره اللغة وكل ما يتعلق بها. لذلك فإن أي تعريف للترجمة يجب أن يكون قائماً على اللغة.
تعريف الترجمة:
الترجمة أو النقل، حسب الويكيبيديا، هي عملية تحويل نص أصلي مكتوب (ويسمى النص المصدر) من اللغة المصدر إلى نص مكتوب (النص الهدف) في اللغة الأخرى. لذلك تعد الترجمة نقلاً للحضارة والثقافة والفكر.
يجمع الجمهور على أن الترجمة هي عملية نقل محتوى ما من لغة إلى أخرى. هذا تعريف مبدئي لا يدخل في أية تفاصيل تخص هذه العملية ولا القائم بهذه العملية.
كانت النظرة إلى الترجمة على أنها مجرد نقل كلمات وجمل من لغة إلى أخرى ولكن هذه الرؤية لا ترتقي بالترجمة إلى درجة العمل الفكري وتختزلها إلى مجرد كونها معرفة سطحية تتعلق بازدواجية لغوية. وفي هذا إجحاف بحق المترجم وتسفيه لكل الجهود التي يبذلها.
يقول الدكتور حسام الدين مصطفي مدير المدرسة العربية للترجمة في مصر في الترجمة:
حين نتعامل مع عملية الترجمة في إطار نظريات المعنى، فيمكننا القول إن الترجمة هي عملية تحرير للنص من خلال استنباط للمعنى الذي ترسمه مكونات هذا النص التي استخدم المؤلف في صياغتها لغة ما ( اللغة المصدر)، لنقوم بإعادة تكوين نص جديد يعبر عن نفس معنى النص الأصلي بلغة جديدة هي (اللغة الهدف)، وعلى ذلك فإن المترجم أن يقوم في هذا الأمر بعمليتين أساسيتين هما: التعامل مع النص الأصلي، وفيها يسعى المترجم إلى إيجاد المعنى الذي قصده صاحب النص من خلال التعامل مع المكونات اللفظية وغير اللفظية المتعلقة بالنص حتى يكتمل لدى المترجم تمام فهم المعنى المقصود باللغة المصدر، ويلي ذلك إعادة التعبير عن المعنى أو المعان التي تضمنها النص الأصلي من خلال استخدام سياقات بلغة الهدف تعبر عن نفس المعنى، وتحدث نفس الأثر الذي سعى صاحب النص الأصلي إلى إحداثه في اللغة المصدر .
إذاً، لا تتعلق الترجمة فقط بأذواق وقدرات ورغبات فردية عموماً لأنها تلعب دوراً هاماً وحاسماً في التبادلات الثقافية الكونية وفي إغناء المجتمعات والتعرف على أنماط مجتمعية غير التي نشأنا عليها. وهي في النهاية هجرة للنصوص والأفكار والعلوم من لغة إلى لغة أخرى.
وهنا لا بد من القول إن الدول أو الأمم التي لا تولي أهمية للترجمة هي أمم يمكن اعتبارها أمم ميتة وثقافتها جامدة بل إنها تعيد إنتاج ثقافتها هي وعلكها واجترارها مرات ومرات، وهو ما يدل على أنها خارج الركب الحضاري والثقافي وخارج دائرة الإنتاج المعرفي المتسارع.
لكن ثمة أساسيات تستند إليها الترجمة لا تتعلق فقط بالمصدر (source) والهدف (target)، لأن هذه من الأصول التي لا حاجة لذكرها. الترجمة إلى اللغة الهدف تستلزم مجموعة من الأمور أساسها المبنى والمعنى. المعنى (semantics) والتراكيب اللغوية (structure) إضافة إلى الأسلوب/القوام (style ) والمصطلحات (terminology) والجنس الأدبي (genre) والبيان ( diction).
وهنا يمكننا القول إن هناك ما يسمى بالبنية التحتية والبنية الفوقية بخصوص الترجمة. هناك أمور مشتركة بين اللغات وهي المعنى أو المحتوى أو الجوهر (أي البنية التحتية) وتبقى طريقة نقل المعلومة إلى اللغة المقابلة وصياغتها وشكلها الخارجي هي البنية الفوقية. بإمكاننا أن نقول أيضاً أن ثمة ظاهر (exterior) وثمة باطن (interior). ولكن توجد أيضاً تداخلات (interconnections) ومحددات أيضاً بين البنية الفوقية والتحتية (كعلامات الترقيم الظاهرية التي يمكن لها أن تغير المعنى الباطن). 
مثال عن علامات الترقيم وكيف يؤثر الظاهر على الباطن (المبنى على المعنى)
Woman without her man is helpless:
Woman, without her, man is helpless.
Woman, without her man, is helpless.
أمر آخر يجب الاهتمام البالغ به وهو التكافؤ اللغوي بين اللغتين؛ وهو ما يتحقق من خلال استخدام مستوى لغوي في اللغة الهدف  يكافئ المستوى اللغوي في النص الأصلي. فلا يجب أن يكون هناك اختلاف مطلقاً – ولو أن ضبط مثل هذا الأمر يستحيل 100% – ولكن بالمجمل يجب ألا يكون هنالك اختلاف بالمستوى سواءاً ارتفاعاً أو انخفاضاً، فلا يصلح أن يرتقي مترجم بمستوى لغة (كترجمة قصص للأطفال) إلى مستوى أعلى سردي كما في الروايات، أو ولا أن يستخدم لغة بسيطة أو تبسيطية في ترجمة أحد العلوم الكونية مثلاً. إذاً، لا يحق للمترجم أن يرتقي أو ينخفض بمستوى اللغة المترجم إليها (register) وعليه أن يكون أميناً. وبما أن ضبط جميع الأمور مستحيل يقال إن المترجمين خائنون (Translators are traitors … traduttore traditore ).
* * * * * * * * * *
تصنيفات الترجمة:
تصنف الترجمة عادة على أنها شفهية أو مكتوبة 
أما أنا فأصنفها كالتالي، ولي عدة تصنيفات:
 
Oral – oral = (interpretation)
شفهية – شفهية = ترجمة فورية
Oral – written – oral = (consecutive interpretation)
شفهية – مكتوبة – شفهية = ترجمة تتبعية
Written – oral = (sight translation) 
مكتوبة – شفهية = ترجمة منظورة
Written – written = (written/textual translation)
مكتوبة – مكتوبة = ترجمة تحريرية
كما يمكن تصنيفها وفقاً لأهداف عدة هي على النحو الآتي:
* علمية – أدبية (نوعيتها)
* بشرية – آلية (القائم بها)
* أصلية – معكوسة (back translation) (طريقة إنتاجها)
* كاملة – مختزلة (الحاجة إليها)
* حرفية – تصرفية (طبيعة النص والهدف منها) 
* تحليلية – تأليفية (طبيعة الشخص والغرض من الترجمة)
ومرة أخرى بالنسبة لي تتم الترجمة وفقاً للآتي:
* وفقاً لطبيعة النص بحيث يفرض كل نص عليك طريقة ترجمته.
* وفقاً للجمهور المتلقي (المستهلك الأخير أو المعني بالعمل end user).
* وفقاً لطبيعة عقل المترجم (أشخاص حرفيون ملتزمون بالقواعد والتسلسلية لا يستطيعون الحياد عن الجملة – أشخاص يرون نقاط الارتكاز والتشديد بدون خطية أو تسلسلية – أشخاص مبدعون يرون النص من منظورهم الخاص وليس لديهم خطة أبداً وكل نص يتعاملون معه بطريقة تختلف عن النص الذي يليه والنص الذي سبقه أي لا طريقة محددة لديهم)
ويمكن أن أصنف الترجمة وفقاً لأسلوب الترجمة:
الترجمة الحرفية: وأحياناً لا تعني الترجمة الحرفية ترجمة كل كلمة بكلمة مقابلة وإنما بمكافئ لفظي مقابل؛ بمعنى أن مجموعة كلمات بلغة ما قد يكون لها مكافئ لفظي واحد باللغة المقابلة وبذلك يكون المترجم قد غطى الكلمة أو مجموعة الكلمات تماماً. وقد نعني بها وضع مكافئ لفظي يتألف من كلمة  واحدة لكل كلمة في اللغة المصدر. 
ترجمة المعاني (القرآن) وأحياناً لا نستطيع ترجمة كلمة واحدة بكلمة واحد وإنما بمجموعة كلمات وبالتالي نضطر في هذه الحالة لإعطاء معنى المكافئ اللفظي المذكور في اللغة المصدر
الترجمة بتصرف (الدبلجة – ترجمة الروايات الروسية في ثمانينيات القرن الماضي)
ترجمة احترافية تجمع ما بين نوعين أو أكثر (بالاستناد إلى خبرة المترجم)
* * * * * * * * * *
وعليه، يمكنني تصنيف الترجمة حسب نوعها وإدراجها على جدول ديكارتي (كما هو موضح في الصورة أدناه):
 
ويجب أن يترافق كل ذلك مع كفاءة للمترجم ودقة في نقل الأفكار والمعاني والمصطلحات وخاصة إن كانت تقنية أو تخصصية إضافة إلى معرفة محيطية شاملة عموماً، وفي مجال الترجمة التخصصية على نحو الخصوص. وعليه، فليس من الضرورة بمكان أن يكون المترجم قادراً على الترجمة الطبية ما لم يكن أهلاً لذلك ومتخصصاً بشكل عملي ومطلع إلى أبعد الحدود؛ أي عليه أن يكون عاملاً في هذا المجال على الأقل أو أحد الخبراء العارفين العاملين لما يزيد عن العشر سنوات على أقل تقدير. ومع كل هذا لا بد أن يكون المترجم قابضاً على ناصية اللغتين ومتمتعاً بمهارات فائقة سواء أكانت لفظية أو كتابية أو سمعية.
* * * * * * * * * *