المعلّم بين الترهيب والترغيب..بقلم: سامر يحيى

المعلّم بين الترهيب والترغيب..بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ١٥ سبتمبر ٢٠١٩

العملية التربوية شجرةٌ تتفرّع عنها أغصان ووريقات هي المجتمع ككل، فلا يمكن لشخصٍ أنّى كان مستواه العلمي أو التعليمي ولو شبه أمّي إلا وتلقّى تعليمه في مقاعد دراسية وعلى يد معلّم ينهل منه المعلومة ومن ثم انتقل إلى مجاله العلمي أو العملي أياً كان.....
هذه الشجرة تحتاج لبيئة تساعدها لتمدّ أغصانها بنضارةٍ وتعطي ثمارها، وتلقائياً ستعمل البيئة على دعمها وتدعيمها، بعلاقة تكاملية تعاضدية مشتركة، وهذه هي علاقة المدرسة والمجتمع، التي يجب أن تكون علاقة تبادلية على الحب وتبادل الرأي والفكرة وغرس المعلومة الصحيحة والخلق القويم، وتفادي الأخطاء السابقة وتعظيم النجاحات، بما يقضي على الفجوة بين الطالب والمدرس، وسوء احترام المدرّس، أو سوء خلق الطالب، واستبدال الوعيد والصراخ بالتوجيه استناداً للمهام الأساسية لهذه المرحلة التربوية لتأهيل الجيل وتربيته وتسيير السبل لانتقاله للمرحلة العلمية أو العملية... مما يحمّلها مسؤولية جمّة، أما المنتمي لهذه المؤسسة فهو يعلم أنّ المرتّب الشهري لن يتغيّر، وأن مسؤوليته هي اجتماعية وأخلاقية وتربوية وليست مجرّد وظيفية عادية، وكلّ منا يكاد لديه أخ أو طفل أو قريبٌ بأحد مفاصل العملية التربوية، ويدرك التفاوت في التربية المنزلية والبيئة التي يعيش بها هذا الطالب، بما يعني أنّه على اطلاعٍ مسبق ويجب أن يكون مستعدّاً إيجابياً لكل ما سيعترضه خلال أداء مهامه، ولا يشكو بل يسعى للتغيير للأفضل، لأنّ المدرس هو النسغ المسؤول عن رفد الأغصان بالنضارة التي يمنحها إياها الجذع، فلا مبرّر لشكوى الشجرة من سوء الغصن وعدم نضارته.. فكيف عندما تتعرّض هذه الأغصان لرياحٍ إرهابية عاتيةٍ، وظروفٌ مادية ومعنوية، وبالتالي يقع عليها الدور الأكبر لتعزيز الانتماء والولاء الوطني والتفاعل البنّاء، لتمدّ البيئة بكلّ أسباب التألق والنجاح.
مهما تعدّدت الأوراق والأشجار وتنوّعت، فعلى القائمين بالعملية التربوية أن يتكون لديهم الحكمة والحنكة لتحقيق أفضل سبل النجاح، بعدالةٍ كلّ ضمن إمكانياته وقدراته وموقعه ومكانته ودوره، واختصار الطريق لتوزيع ذلك بشكلٍ سليم يكمن عبر اللقاءات الدورية بين القيادات التربوية بكل تفرّعاتها، دون استثناء أحدٍ ضمن تخصّصات واختصاصات وتوزيع جغرافي للنقاش والحوار في الخطأ والصواب، التحدّي والنجاح، الثغرات والإيجابيات، بما يمّكن من معالجة المنغّصات وامتصاص غضب المدرّس والطالب، وتطوير المنهاج وطرق تدريسه، بما يؤدي لسير العملية التربوية بشكلٍ قويمٍ سليمٍ بعيداً عن التهديد والشتائم، ولدينا كل وسائل النجاح لذلك ضمن الهيكلية الإدارية ولكن نحتاج فقط لإيلائها الاهتمام الأكبر:  
الأسبوع الإداري ببداية العام، يشكّل خلية نحل لتفادي النواقص، وتوزيع الحصص والمدرّسين والكتب..... إلى ما هنالك، لا سيّما أن الوزارة لديها خطط جاهزة، والمؤسسة العامة للكتب توزّع الكتب حسب تصريحاتها في عطلة الصيف، بما يختصر الكثير من الوقت والجهد والتنظيم، بدلاً من أن نصطدم بتناقضٍ بين التصريحات والعمل على أرض الواقع، رغم مضي اسبوعين أو ثلاثة أسابيع من العام الدراسي.
الاجتماع الصباحي يهدف إلى احترام الوقت وتنشيط عقولهم، واستنهاض هممهم، وبعث الطاقة فيهم لبدء يومهم بسعادة ونيل العلم عن قناعةٍ ومحبّة، والحفاظ على نظافتهم الشخصية والمدرسية وقيمهم الأخلاقية، فهو منبرٌ إعلاميٌ هامٌ وأساسٌ لزرع القيم والتوعية اليومية للطلبة وتعزيز الانتماء الوطني واكتساب المعرفة والمعلومة، لا منبراً للتهديد والوعيد والصراخ والإساءة اللفظية والمعنوية والضرب.
النشاط المدرسي هدفه التفاعل بين المدرّس والطالب لزيادة استيعاب المنهاج المقرّر لتمكين الطالب من ممارسة العصف الفكري والتفكير المنطقي، بعيداً عن الاتكال على الأهل وأصحاب المحلات التي تبيعه المشروعات الجاهزة وتكلّف الأهالي نفقات باهظةٍ دون فائدةٍ تذكر إلا على الورق.
توحيد اللباس المدرسي ليس زيادة مصروف الأهل إنّما من أجل أن يشعر الجميع بأنهم سواسية الفقير والغني، وبالتالي تعزيز روح التكافل والتعاون والتضامن بين جميع أبنائنا الطلبة.
نسبة نجاح الطلبة دليلاً على نجاح العملية التربوية في إيصال المعلومة وحسن أداء المعلّم والتفاعل بينه وبين طلبته، لاستقطابهم والنهوض بمقدراتهم وإمكانياتهم وتوجيههم الطريق القويم، وليست سلاحاً ضد الطالب أو لصالحه.
المكتبات المدرسية والمخابر، هدفها تثقيفي توعوي وتشجيع الطلبة على البحث والقراءة، بل وتزويد هذه المكتبات والمخابر برؤى الطلاب وأفكارهم وملخّصاتهم وكتاباتهم، ليست مجرّد روتين أو يعيّن عليها من لا يريد الالتزام.  
لا عذر لمدرّسٍ بما يحصل من ثغراتٍ وأخطاء ضمن مدرسته أو صفّه، والتذرّع بعدم القدرة على حلّها، فدوره البحث عن حلٍ جذري، لتبقى المدارس منبراً تربوياً توعوياً تثقيفياً، بآنٍ معاً، وما أحوجنا للالتزام بقول القائد الخالد: "المعلّمون بناةٌ حقيقيون لأنّهم يبنون الإنسان والإنسان هو غاية الحياة وهو منطلق الحياة" وكلام سيّد الوطن: "المعلّم هو الجندي المجهول وهو من أهمّ مكوّنات عملية التطوير في سورية، وإنّ المثل العليا إنما تنغرس في أنفسنا من خلال تلك العملية التربوية التي عشناها وكان أساسها المعلّم، وأن التربية ليست مصروفاً جارياً في عملية التطوير، بل هي استثمارٌ في المستقبل".