عقدٌ جديدٌ!..بقلم: زياد غصن

عقدٌ جديدٌ!..بقلم: زياد غصن

تحليل وآراء

الاثنين، ١٤ أكتوبر ٢٠١٩

في مقال نُشر في وسيلة إعلامية ألمانية قبل نحو أربع سنوات، قدرت تكلفة إعداد الطبيب السوري لسبع سنوات بنحو مليون دولار، وتكلفة إعداد المهندس بما يتراوح بين نصف مليون إلى ثلاثة أرباع مليون دولار..
التكلفة وفق ما ذكر المقال تتضمن تكاليف الدراسة الجامعية، والبنية التحتية التعليمية والتدريبية التي تسبق حصول الشخص على شهادة ممارسة المهنة..
البعض قد يجد في الرقم مبالغة كبيرة، والبعض الآخر قد يراه منطقياً.. ولكل منهما أسبابه ومبرراته.
لكن عموماً لا يمكن التقليل من حجم ما أنفقته وتنفقه الدولة على قطاع التعليم بمراحله المختلفة..
والسؤال.. هل ما تنفقه الدولة في هذا القطاع يحصد المجتمع ثماره لاحقاً؟.
أولاً ما تفعله الدولة هو جزء من واجباتها الدستورية تجاه مواطنيها ومجتمعها، وأياً كانت النتيجة فإن ذلك لا يلغي أو ينتقص من حتمية قيامها بهذا الواجب..
بعيداً عما تسببت به الحرب من هجرة الكفاءات والخبرات، فإن واقع الحال يشير إلى وجود خلل شديد في استفادة الدولة من استثماراتها الموظفة في قطاع التعليم، والمسؤولية في ذلك تقع على الطرفين في آن معاً..
فالدولة لم توفر الظروف المناسبة للاستفادة من مخرجاتها الجامعية.. الظروف المؤسساتية والإدارية والمادية.
والمتخرج يتعامل مع المسألة ببعدها المادي فقط، وثمة مقولة متداولة لدى البعض مفادها أن «العمل على قدر الراتب»..!.
وأوضح مثال على ذلك حال مشافينا الحكومية، التي تذخر سجلاتها الورقية بمئات الأطباء المشهورين، لكن عملياً يضطر المواطن إلى الاستعانة بـ«نص» مسؤولي البلد ليلقى مريضه رعاية مناسبة.. أو على الأقل متابعة وضعه الصحي من طبيب مختص!.
فإذا كانت الدولة تتكلف مليون دولار على الطبيب ولا تجده عند الحاجة، فهذا يعني أن ثمة مشكلة خطيرة تحدث في المجتمع، خاصة أن الأمر يتعلق بحياة المواطنين وسلامتهم.. وهذه أولوية على ما عداها.. فكيف حال القطاعات الأخرى؟.
ببساطة نحن بحاجة إلى تشريع خاص يلزم أصحاب الاختصاصات، الذين تحتاج الدولة إلى خدماتهم، بالعمل لدى مؤسساتها وفق نظام معين، يأخذ بعين الاعتبار حق الدولة في الاستثمار المعرفي لما أنفقته على أبنائها، وحق الشخص في استثمار معارفه وخبراته لتحسين وضعه الاقتصادي والمهني.
بتوضيح أكثر.. تشريع يلزم مثلاً الطبيب بالعمل يومين فعليين في الأسبوع لدى أحد المستشفيات الحكومية، يتفرغ باقي أيام الأسبوع لعمله الخاص المتشعب.. كذلك الحال بالنسبة لباقي الاختصاصات مع مراعاة خصوصية كل منها وطبيعة الحاجة إليها.
أعرف أن هناك من يعارض بشدة فرض مثل التزام كهذا، لكن كما أن هناك حقوقاً للفرد على الدولة، فإن الدولة لها أيضاً حقوق على أبنائها.. وهذه علاقة لا تقاس دائماً بالمنافع المادية والمكاسب.. فثمة ما هو أثمن، ألا وهو الانتماء للوطن.