بعد الغزو التركي .. الى أين انتقلت الأولوية الأميركية في سورية؟.. بقلم: حسان الحسن

بعد الغزو التركي .. الى أين انتقلت الأولوية الأميركية في سورية؟.. بقلم: حسان الحسن

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٥ أكتوبر ٢٠١٩

على الرغم من كل التصريحات الغربية عموماً والأميركية خصوصاً، والتي هي بطابعها الظاهر شاجبة للتوغل التركي الجديد في منطقة شرق الفرات السورية، فقد اطلق اردوغان عدوانه على شرق سوريا، وتحت اسم ” نبع السلام “، بدأت وحداته والمجموعات المسلحة التي يرعاها بالتقدم داخل اماكن سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات الحماية الكردية .
 
ولم تعيقه التحذيرات الأميركية، التي بلغت حد تدمير الإقتصاد التركي، في حال تجاوز الأتراك الحدود الممنوحة لهم، بحسب تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لان اتفاقهم الضمني قد حدد النقاط والحدود التي سوف تشملها العملية العدوانية، ولتكون ممارسات واشنطن على الأرض في الجارة الأقرب، داحضة لكل هذه التصريحات والتهديدات، لأن الغزو التركي الجديد، جاء ليملأ الفراغ الذي خلفه الاحتلال الأميركي في المنطقة المذكورة، ويكون بذلك ترامب قد أكد ما كان دائما الجميع يحذر منه، وهو تخلي إدارة ترامب عن المسلحين الأكراد الذي قدموا الولاء للولايات المتحدة، وخدموا مصالحها في المنطقة، على مدى نحو خمسة أعوام، وتركهم يلاقون مصيرهم لوحدهم، في مواجهة الهجوم التركي الاعنف، منذ اندلاع الازمة السورية في العام 2011.
 
وبعد أن بدأت القوات الأطلسية ( الأميركية والتركية ) تسيير دوريات مشتركة من الجانبين الشهر الفائت في شرق الفرات، كان يمكن القول انه قد بدأ تنفيذ “المنطقة الآمنة”، بعمق يتراوح بين 5 و14 كلم، وذلك وفقا لما تم الاتفاق عليه بين تركيا والولايات المتحدة. ولكن لم يتم الإتفاق بين الأطراف المعنيين والموجودين في المنطقة سوى على ترتيبات أمنية ليس إلا، فمعلوم أن هذه الترتيبات الأمنية والعسكرية، يجب أن يتبعها إتفاق سياسي، لكي تترجم الى عمل مشترك على أرض الواقع، ولكن لم يتوصل الطرفان الأميركي والتركي الى ذلك نتيجة إختلاف الأجندات، حيث تسعى واشنطن الى تأسيس سلطة كردية في شرق الفرات تكون عبارة عن جهاز أمني لا يحكم. وهذا الأمر يتضارب مع مصلحة أنقرة، التي يبقى الهدف الأساس من موافقتها على إقامة هذه المنطقة، ثم البدء في تنفيذها، هو إقامة شريط عربي على الحدود السورية – التركية، في الجنوب، لمنع إقامة كونتون كردي شمال – شرق سوريا، يتهدد الأمن القومي التركي، وقد يشجع الأكراد في تركيا على القيام بحركاتٍ إنفصالية. وقد تتمكن القوات التركية من تثبيت نقاط مراقبة في تلك المنطقة، في حال تمكنت من احتلالها، بالإضافة الى ذلك وضعها على الخريطة التفاوضية في أي تسوية مرتقبة لانهاء الأزمة في سورية والمنطقة، بحسب ما تؤكد مصادر سياسية سورية واسعة الاطلاع.
 
ومن المؤكد والبديهي، أن تنحاز أميركا الى تركيا، عندما يصل الأمر، الى المفاضلة بين الأتراك والأكراد، فالأخيرة دولة أطلسية حليفة لواشنطن، ولها دور فاعل، ومؤثر في مجريات الأحداث المنطقة، وتضم على أراضيها قاعدة عسكرية أميركية كبرى، (أنجرليك)، ناهيك بموقعها الجغرافي المهم جداً في العالم، كذلك ممراتها المائية، وتأثيرها في الملاحة الدولية، والتجارية العالمية، وعلاقاتها مع روسيا وايران.
 
وما يؤكد أيضاً وأيضاً، الموافقة الأميركية على هذا الغزو التركي، ما كشفته جلنار ايبت، مستشارة الرئيس التركي لـ cnn بالعربية: أن رجب طيب أردوغان تفاهم مع نظيره الأميركي، ترامب في شأن طبيعة وأهداف العمليات التي أطلقتها أنقرة في شمال -شرق سوريا تحت اسم “نبع السلام”. وتعتبر ايبت أن تهديدات ترامب الأخيرة، قد تكون موجهة الى الداخل الأميركي، خدمة لسياسة داخلية.
 
وفي هذا السياق، وبمعزل عن العدوان التركي على الشرق السوري، بغطاء اميركي واضح، تعتبر المصادر المذكورة آنفاً، أن الأولوية لدى الولايات المتحدة في سوريا اليوم، تبقى السيطرة على منطقة البوكمال، وتحديداً على معابرها المؤدية الى العراق، لقطع الطريق على النفوذ الآتي من إيران عبر بلاد ما بين النهرين، وصولا الى سوريا ولبنان، على حد تعبير المصادر.