جائزة نوبل وإخوة يوسف.. بقلم: عيد عبد الغفار

جائزة نوبل وإخوة يوسف.. بقلم: عيد عبد الغفار

تحليل وآراء

السبت، ١٩ أكتوبر ٢٠١٩

أعلم تماما أن جائزة نوبل بجميع فروعها تخضع لبعض المعطيات السياسية .. وخصوصا فرع السلام..  وحين تم الإعلان عن فوز أبي أحمد رئيس الوزراء الأثيوبي بجائزة نوبل للسلام انتابني شعور بالقشعريرة الحزينة.. بسبب هذا الحجم الكبير من الخطأ الذي وقع فيه أولئك القائمون على منح هذه الجائزة العالمية!
إذا كان من أسباب منح الجائزة للسيد (آبي أحمد) هو تحقيق السلام وتبادل العلاقات الدبلوماسية بين بلاده أثيوبيا وجارتها العنيدة إرتريا .. فإن الأحق بهذه الجائزة وبلا جدال هم حكامنا العرب الأغنياء.. وهذا والله هو الحق الواضح الذي حادت عنه الجائزة العالمية!
لمزيد من توضيح الفكرة .. أرجو من أصدقائي الأعزاء العودة لقراءة بعض ما أكتبه على هذه الصفحة منذ 3 سنوات تقريبا (مولد سيدي العريان – جمرة – بشرى سارة للمصريين – شكرا آبي أحمد – درس في الأمن القومي – الرهن والرهان والرهينة) .. وكلها تدور حول ما يحدث بخصوص سد النهضة.
 وملخص كل ما كتبناه وما وقر في نفوسنا هو :
1- أن مصر دولة غير ممطرة وتعتمد بصفة نهائية على مياه نهر النيل كمصدر وحيد للحياة.
2- مصر ترتبط مع دول حوض النيل بإتفاقية 1959 والتي توفر لمصر حاجتها من المياه 3-  يعتمد نهر النيل في مصادره على كل من النيل الأبيض القادم من بحيرة فيكتوريا بنسبة 15% والنيل الأزرق القادم من الهضبة الأثيوبية بنسبة85%
4) تفتقر دول حوض النيل إلى مصادر الطاقة لتوليد الكهرباء .. ومصر قديما وحديثا أخطأت في عدم مساعدة دول حوض النيل في إقامة محطات لتوليد الكهرباء ولو على حسابها الخاص 
5-  وبالتالي يحق لدول حوض النيل إقامة السدود بغرض توليد الكهرباء .. بشرط عدم الإضرار بحصة مصر في مياه النيل ..
6- كانت مصر تستخدم الكثير من الأوراق لمنع دول حوض النيل من إقامة السدود على طول مجرى النيل.
7-  استغلت أثيوبيا ضعف نظام الحكم في أخريات أيام الرئيس مبارك وتبعات ثورة 25 يناير  واتفقت مع إيطاليا والصين للبدء في إقامة سد النهضة.. وكان الدور الإسرائيلي هو توفير الدعم اللوجستي وتشجيع الدول والمؤسسات الدولية للمساهمة في إنشاء السد.. كما تعهدت إسرائيل بتوفير كل وسائل الحماية للحيلولة دون قيام مصر بتدمير منشآت السد .
8- كانت الطامة الكبرى حين تبرع حكام العرب بتمويل الجزء الأكبر من تكاليف إنشاء السد  رغم كل ما أغدقته مصر عليهم من حماية، بل وتنازل عن جزء غالي من التراب الوطني.. ورغم رفع العديد من شعارات الأخوة والمصالح المشتركة!
9-  مصر بكافة أجهزتها استخدمت العديد من الأوراق لتعطيل أو مد أجل إنشاءات سد النهضة أو تحسين موقفها التفاوضي مع أثيوبيا.
10-  كانت إريتريا هي الورقة الرابحة عند الجانب المصري (بسبب عدائها التاريخي مع أثيوبيا).. وفعلا حصلت مصر على قاعدتين عسكريتين هما قاعدة ساوا على بعد 45 كيلو متر من الحدود الأثيوبية السودانية .. وقاعدة بحرية وجوية في أرخبيل دهلك في جنوب البحر الأحمر..
11-  محمد حسين العمودي (المسجون حتى الآن في فندق الريتز) أكبر ممول لسد النهضة أستطاع نهب 4 مليار دولار من البنك الزراعي السعودي بحجة زراعة الأرز في الهضبة الأثيوبية وقام ببناء مصنعين للأسمنت لتوفير احتياجات السد ومع مزيد من التمويه قام ببناء رصيف بحري في ميناء مصوع الإريتري بغرض تصدير الأرز إلى المملكة!! (بسبب أن أثيوبيا دولة غير شاطئية) وتحتاج إلى منفذ بحري لصادراتها ووارداتها! 
13-  قطر لم تخف يوما حجم تمويلها لسد النهضة.. وزيارات أميرها ووالدته خير دليل على ما نقول!!
13- كانت الضربة شديدة الإيلام على الجانب المصري حين تطوع الشقيق الإماراتي لعقد مصالحة تاريخية بين أثيوبيا وإريتريا وتعهد الجانب الإماراتي بضخ 3 مليار دولار في البنك المركزي الأثيوبي لتعويض غياب محمد حسين العمودي!
14- بعد هذه الطعنات من الأشقاء.. أصبحت القاعدتان المصريتان في إريتريا غير ذات نفع بسبب عدم القدرة على استخدامهما!
لكل ما سبق أرى أن لجنة جائزة نوبل للسلام قد جانبها الصواب في منح الجائزة للسيد آبي أحمد باعتباره صانع السلام .. وكان من الأجدى تقديمها إلى الأشقاء العرب أصحاب المبادرة الحقيقية في صنع السلام .. أو كان ممكنا أيضا منح الجائزة مناصفة.. حتى تذهب لمن يستحق فعلا ! 
أقول لأبنائي الشباب ولعموم الشعب المصري.. مهما كنا مؤيدين أو معارضين للرئيس السيسي في الكثير من سياساته.. فإن موضوع سد النهضة ليس ضمن أجندة الخلاف.. ونحن جميعا مؤيدين ومعارضين يجب أن نقف جميعا خلف القرار السيادي المصري حتى يتمكن من إزاحة هذه الغمة التي تهدد الوجود المصري برمته.. لا وقت للشماتة.. لا وقت ليطعن بعضنا في وطنية بعض.
 سيروا على بركة الله .. كلنا جنود من أجل مصر (أرض وشعب).. ولا يضركم من ضل إذا من الأخوة الأشقاء .. ومهما كانت الإجراءات التي ستتخذ لمعالجة هذا الخطر فنحن مع قرا مصر السيادي.
على الرئيس السيسي أن يتخذ خطوات جدية، وعلى وجه السرعة، لإعادة الاعتبار لمشروع قناة جونجلي ومشروع الربط بين نهر الكونغو ونهر النيل.. مهما كانت التكاليف..!
منح الجائزة للسيد آبي أحمد .. ستضيف زخما دوليا لشخصيته على مستوى العالم كله.. وطبعا زيادة رد الفعل المعادي لمصر في حالة تفكيرها في القيام بأي عمل عدائي ضد أثيوبيا! 
 نحن نحتفل هذه الأيام بذكرى نصر أكتوبر المجيد.. وكما كان يعتقد الجميع في العالم عدم قدرة مصر وشعبها على تحقيق النصر.. فقد تحقق النصر بفضل الله وبعد الأخذ بالأسباب.. فإنني على ثقة من قدرة مصر وشعبها وقيادتها وأجهزتها على النصر في معركة الوجود.. معركة سد النهضة.
سبحان الله .. لماذا تذكرت في هذا المقام قصة سيدنا يوسف وإخوته.. وقارنت بين مكرهم وقدرة رب العالمين.
 ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) صدق الله العظيم
 
• كاتب مصري