إعدام الرأي العام على يد مؤسساته.. بقلم: ميس الكريدي

إعدام الرأي العام على يد مؤسساته.. بقلم: ميس الكريدي

تحليل وآراء

الخميس، ٢٦ ديسمبر ٢٠١٩

عندما اخترت العنوان للحديث عن مؤسسات تعدم الرأي العام وأنت في بلد يواجه كل هذه المواجهة ، تطلب مني الأمر التفكر والتأني لأصل لهذا العنوان المخفف لما أرغب بقوله غضباً وحزناً على واقع هزيل وانتاجه هزيل وبفعل فاعلين هم مجموعة هزيلين أوصلتهم غفلات فكرية ومعرفية لقيادة مؤسسات واتحادات ووزارات مهمتها الصمود المعرفي وبين جاهل ومتعمد تتوالى انهاكاتنا وانتهاكاتنا الفكرية . لا أعتقد أني فقدت رغبتي بالكتابة لكن المؤكد أن هناك تردد نتيجة توقف الغالبية عن القراءة ورغم أن هذا واقع ليس بالجديد الا أن انسدادات بوابات التأثير نتيجة الهيمنة على كل الإمكانية الإعلامية للتأثير وبث آليات نحو إنتاج جدليات منتجة في الحوار والنقاش ،بات يشكل عقبة أمام الرغبة في انتهاج نهج علمي للتفكير ، فالميديا بكل تفاصيلها تحت الهيمنة سواء مواقع التواصل أو الإعلام الإلكتروني أو بعث آراء فردية منطقية نحو تكوين لوبيات جماعية ضاغطة عبر السوشال ميديا أو عبر الإعلام المرئي والمسموع والمقروء سواء الحكومي أو الخاص كلها محشوة بالترهات والتطرف تجاه مختلف الطروحات الفكرية والسياسية والمجتمعية ، وهكذا باتت الدعاية هي الحكم والحاكم في تحديد وجهات واتجاهات النقاشات ، وبما أني أعتبر نفسي كاتبة وأحمل في داخلي إيماني بمهمة واجبة من وجهة نظري تنويرية ولا يمكن اختبار جدية الأداء لهذه المهمة التي كلفت نفسي بها الا من خلال تواصل فكري نقدي لا أجد إليه سبيلاً لحد الآن نتيجة ضعف تأثير الإعلام الذي يمكن أن يكون منبراً لي ولأمثالي حتى لو كان هناك تحفظات على محدودية الأداء إلا أن الانتشار العالمي اليوم ليس للفكرة ونقيضها الا بمقدار خدمة تلك التناقضات لتهويشات وحذلقات إعلامية عالمية أو على سبيل الدعاية المأجورة والمحكومة لأجندات خاصة وعامة موجهة أيضا رغم استعدادها لدفع الثمن .. و بالفهم العميق لهذا الواقع ينبغي أن نعترف بأننا تحت خط الفقر في كل أنواع الأداء لذلك ورغم جنون الواقع السوري وانعكاساته على كل المستويات والبيئة المولدة للطاقات والمعاناة التي تؤسس لولادات فكرية الا أنها لم تخلق عناوين أو أشخاص أو حالات يمكن وصفها بأنها مواكبة للأزمة أو الحرب السورية وظلت الحركة تعبوية تجيشية لقطاعات و مجموعات بشرية أجهضتها الحالة الاقتصادية وأجهزت عليها ضمن صراع البقاء نتيجة الظروف المعيشية التي تستطيع السيطرة على المجموعات أو التجمعات العفوية بعملية إشغال يومية بالقوت اليومي وهذا معناه هزيمة حتى على مستوى الهوجة الجماعية وآلية للسيطرةعلى أي معركة عقائدية أو فكرية على بساطتها ومعناه قدرة الغير على الهيمنة على خطاب الصمود في مواجهة الضغط العالمي على البلاد في غياب أو حتى انعدام التفكير بآليات أو أشخاص قادة للرأي العام ، وما لا يمكن انكاره هو المبادرات الفردية والنجاح المحدود لبعضها في عملية التصدي لحملة ممنهجة على الفكر الوطني الا أنها ظلت قاصرة نتيجة عدم التبني أو نتيجة عدم القدرة والفاعلية في التبني وكلا الحالتين تعكسان ضعف الأداء في عملية المواجهة المتكاملة عبر كافة أدوات الإعلام المساند والأسوأ هو أن نعزو هذا للضعف المادي في مواجهة مالية عالمية وحتى مع يقيننا بصحة هذا التبرير الا أنه ناقص ومنقوص اذ يمكن بناء خطط مستدامة تتلافى نقطة الضعف المادية من خلال الجدية والبراعة والأداء الإبداعي والإرادة وإلا كيف نجحت سابقا حركات تحرر محاصرة أو شبه محاصرة مادياً بحملات التعاطف العالمية و لكن التخبط والتضاد المصلحي والولاءات الكاذبة والمنافع الفردية والكيديات والقصور الذي يرقى لاتهامه بعدم الجدية هي جملة أسباب ، والآن وأنا أكتب خطابي أو استرحامي أو مادتي هذه تحت أي مسمى يمكن ادراجها لافرق أدرك أن مصيرها يندرج تحت جملة النكسات الاعلامية وبالتالي أعرف مصيرها سلفاً بأن لا تعدو كونها عدة سطور تتوسد صحيفتنا أو موقعنا الإلكتروني مضافا لهما صفحتي الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك ولن يتعامل معها الا عدد محدود من القراء الذين هم أصلاً وغالباً لديهم مايشبه شكواي وسيهزون رأسهم بالموافقة والتحسر مثلي وغالبا أيضا لن يتابعوا القراءة لأنهم فهموا من البضع كلمات الأولى مااستبطنت في داخلي من حسرات تصل حد القهر على واقع مؤسسات مهمتها قيادة حملات حقيقية للدفاع عن فكر الدولة و لكنها مشغولة بترتيب مكاسب داخلية محدودة لمتنفذيها ومحسوبيات حولتها لشلليات هزيلة والباقي يعرفه كل من سيقرأ أكثر مني لأن سورية بلد النكتة الشهيرة (( نزلني عند المطار السري ))