بين الشعر والرواية.. بقلم: د.عبد العزيز المقالح

بين الشعر والرواية.. بقلم: د.عبد العزيز المقالح

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٧ ديسمبر ٢٠١٩

هناك محاولة لافتعال خلاف بين الشعر والرواية وأيهما أقدر على التعبير عن الواقع، وهو خلاف محكوم عليه بالفشل، فالشعر فن، والرواية فن، وكلاهما قادر على التعبير ولا يمكن تحت أي مبرر وافتعال، الاستغناء عن أحدهما. فالشعر تعبير عن الوجدان والرواية تعبير عن العقل؛ الشعر صدى الروح وترجمان القلب، والرواية صدى الواقع الاجتماعي وما يجول فيه من أحداث وتطورات.
عندما نحنّ إلى التعبير الجميل الراقص المفعم بالموسيقى نذهب إلى الشعر، وعندما نريد أن نعرف الواقع بكل تفاصيله اليومية نعمد إلى الرواية. لا خلاف إذاً بين هذين الفنّين، صحيح أن الشعر فن ضارب في أعماق التاريخ، وأن الرواية بشكلها الحديث صدى للمعاصرة، لكن ذلك لا يشفع لدعاة الاختلاف بإيجاد تناقض بينهما.
وهناك ما يشبه العلاقة بين الرواية والتاريخ فكلاهما يسرد وقائع وأحداثاً تمر بالمجتمعات، إلا أن التاريخ يتجه إلى توثيق الوقائع، والرواية تتجه إلى اختلاق أحداث ووقائع لا صلة لها بالتاريخ، وقد تحدث وقد لا تحدث.
ومن هنا فللشعر مجاله وللرواية مجالها، وكلاهما فن ممتع لا غنى لأحدهما عن الآخر كما سبقت الإشارة.
ولا حرج على القارئ إذا وجد نفسه مع الشعر أو وجد نفسه مع الرواية، فالمهم أن يعرف كيف يختار الجيد من الشعر والجيد من الأعمال الروائية، فقد كثر الغث في هذا وذاك، وصرنا بحاجة إلى التمييز والقراءة الواعية القادرة على حسن الاختيار بدلاً من تضييع الوقت في قراءة ما لا جدوى منه، خاصة في مجال الرواية.
فقد كثرت الأعمال المنسوبة إلى هذا الفن وكثير منها من نتاج المبتدئين الذين يحاولون كتابة أعمال روائية ناقصة مستوى، وغير جديرة بأن تنسب إلى هذا الفن.
أمام القارئ مساحة واسعة للاختيار والنظر في ما يقرأ قبل أن يقع أسير تلك المحاولات غير الناضجة لغة وتعبيراً.
وإذا كان بالإمكان التمييز بسهولة بين جيد الشعر ورديئة، فإن الأمر يختلف كثيراً مع الرواية لأسباب يطول شرحها، ولا مكان للشرح في هذه القراءة القصيرة.