الإعلام السيادي... بقلم: ميس الكريدي

الإعلام السيادي... بقلم: ميس الكريدي

تحليل وآراء

الخميس، ٢٣ يناير ٢٠٢٠

ليست مهمة الإعلام الحياد السياسي بل على العكس إن مهمته تصدير الاصطفاف السياسي بروح قتالية ومستميتة في الدفاع عن الخط الذي تخدمه أو المحور الذي تنتمي له أو تلتزم به وتزداد الحرفية الإعلامية كلما برعت المنابر الإعلامية بتحشيد فئاتها المستهدفة وتعبئتها فكرياً ومعنوياً والمحافظة على كتلة المتابعين واستقطاب شرائح أوسع حول تلك الكتلة عبر أداء يقدم نفسه والعاملين فيه كأشخاص بالأداء الحيادي وعدم التدخل بالحوارات وتوجيهها بل قيادتها والفرق كبير جداً لمن يعلمون .. وبالقدر نفسه تزداد أيضاً هذه الحرفية بقدر ما كان الخطاب مقنعاً و يبدو لمتلقيه نزيهاً بحيث يتبناه ويستميت في هذا التبني وليس بجديد على الفاعلين في هذا المجال التأكيد على أن المفهوم المطلق الذي يدور حول حقيقة ما غير موجود أصلاً لأن الفكرة هي حقيقة بقدر نسبيتها بمعنى نسبها لمعايير تبين توافقها مع الوضع المعياري المنسوبة اليه لتصبح قضية محورية أو غير محورية وفقاً لهذا المعيار أو ذاك ولعل البراعة تكمن في الصدق أولاً وبالتالي ترتيب الوثائق والأدلة والقناعات التي تخدم القضية التي اختار الإعلام دعمها وتبنيها وجعلها فكرة أو حتى حالة جدية استقطابية وبالتالي وجه الحقيقة الذي يخدم توجهات الجهة التي يدعمها هذا الإعلام المواكب للتوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأهم أن يتمتع القائمين على إعداد الخطط الإعلامية الترويجية الاستقطابية ذات الحوامل المركبة سياسة واقتصاد واجتماع لخدمة أفكار تلتزم محاور كبرى بالذكاء و ليس مجرد الذكاء بل هو ذكاء إبداعي خلاق وبالثقافة العالية جداً والاطلاع المعرفي الواسع ومتابعة الحركات الحزبية المعاصرة وربطها بحركة التاريخ والتحولات الاقتصادية الكبرى والاهتزازات العالمية وظروف تبدل القوى وفلسفات الدول في بناء المجتمعات وبالتالي يكون محرك الإعلام هو كادر وليس شخص تقني وحسب.. ولكن يمتلك من الحس السياسي والاقتصادي والحالة الفكرية الرائدة الحد الذي يجعله قادر على فرز الغث من السمين أثناء إعداد خطته الإعلامية من دون التحول إلى حالة أمنية مترددة وجبانة ومتخوفة من المساءلة والقدرة على بناء وجهة نظر والدفاع عنها واختبار نتائجها والقدرة على الانتقال من خطة إلى خطة بتلقائية لا يلتقطها المتلقي بل ينفعل بها. وكل هذا يحتاج ثقة ومساحة للتحرك واستقلالية حقيقية تمنح بقرار أعلى من الجهات التنفيذية العادية لان الإعلام فعليا هو أداء سيادي بقدر ما يتقن أهله هذا الدور وبقدر ماتتولد الثقة بهذا الدور واللبيب من الإشارة يفهم وللحديث بقية