حقول استثمار لا تجارب.. بقلم: سامر يحيى

حقول استثمار لا تجارب.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٩ يناير ٢٠٢٠

الكلّ في هذه الحياة معلّم              الكل فيها شاعرٌ وأديب
عندما يراجع أي منا الطبيب يبدأ بسؤاله عن ما يشعر به، ما هو الألم، وفي أي منطقة، وعن عمره ووضعه العائلي، وهل تعرّض لعملٍ جراحيٍ أو يعاني من مرضٍ آخر، أو وراثة إلى ما هنالك من تساؤلات لتسهيل عملية التشخيص السليم والدقيق والتمكّن من وصف الدواء المناسب له من كلّ النواحي، بما يسهّل عملية شفائه بوقتٍ قصير، من ناحية ثانية، عندما تشكو من ألمٍ ما، فكلّ من حولك يكون الطبيب والصيدلي والخبير بالعلاج الطبيعي إلى ما هنالك ......  
الحالة الأولى عملية طبيعية لتحقيق النجاح الحقيقي في عملية التشخيص ووصف العلاج المناسب، والحالة الثانية تصرّف بشري طبيعي يتّسم بها المجتمع العربي لا سيما الجمهورية العربية السورية، وفي الحالتين النجاح هو بالاستثمار الأمثل لكلٍ منهما، فلا فائدةٍ من أيّ قرارٍ مهما كان إيجابياً، إن لم يدرس من كل النواحي، وأهّمها الأسباب الموجبة والقدرة على التطبيق على أرض الواقع، وباعتبار الكلّ مواطن سواءً كانت تاجر أم موظّف أم مواطنٌ عاديّ أم مغترب، فهو من وجهة نظره وما يراه أمامه تتبادر لذهنه رؤى وأفكار يعتبرها قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وهنا يأتي دور المسؤول باعتباره مطّلعاً وعلى معرفةٍ ودراية تامّة بطبيعة عمل المؤسسة، يستفيد من رؤى الآخرين، ويقارن رؤاه وأفكاره وما يسمعه من الآخرين وما هي إمكانيات وموارد وقدرات المؤسسة، بما يمكّنه من الجمع بين متطلّبات الجمهور وإمكانيات المؤسسة التي هي بالأساس الهدف الوطني المنشود الذي تسعى إليه كل حكومة تدير موارد البلد بحكمة وحنكة.
من هنا يجب القول بأنّنا وفي ظلّ الحصار والإرهاب، علينا عدم انتقاد المبادرات الفردية، وعدم وصف من يعطي رأياً بأنّه "يتدخّل بما لا يعنيه ولا يعرفه"، بل الاستفادة من ذلك، فاستثمار هذه الرؤى والأفكار هي الطريق التشاركي الوحيد، والشفافية الحقيقية التي يجب على المسؤول القيام بها للوصول للهدف الأسمى، فهل تجاهل وزارة الأوقاف مثلاً في مبادرتها "زكاتك خفّض أسعارك" بتخفيض أسعار مادّة معينة، بالتواصل والتعاون مع كبار التجار والمورّدين لدراسة أفضل السبل والطرق التي تساهم بتخفيض الأسعار، وتوفير المواد بشكلٍ عامٍ بربحٍ مقبولٍ للتاجر، ومساعدٌ للمواطن بآنٍ معاً، وهل تجاهل المصرف المركزي السوري مبادرة "ليرتنا عزّتنا" لكي يثبت للجميع أنّ هذه الليرة التي تحمل شعار واسم الجمهورية العربية السورية، وغيرها الكثير الكثير من المبادرات الفردية أو المجتمعية، عبر التواصل مع كبار رجال الأعمال والاقتصاديين المنتجين والجمعيات والتجمّعات والقائمين بالأعمال الخيرية والإنتاجية، لا سيّما التي تدّعي أنّها تعمل بهدف تمكين الشباب، وتمكين المرأة، ودعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر إلى ما هنالك حتى المؤسسات التجارية بكافّة أشكالها وتنوّعها، والمغتربين السوريين المقتدرين والقادرين على مساعدة إخوتهم السوريين في بلد الاغتراب، ودعم أبناء بلدهم، لكي نطبّق هذه المقولة بشكلٍ حقيقي والذي يؤدي للحدّ من دور المتلاعبين بقوت المواطن وموارده، بل العمل بكلّ الوسائل والسبل المتاحة لمضاعفة عملية الإنتاج، لا سيّما في المجال الزراعي والحيواني والتي تصبّ تلقائياً وبشكلٍ فوريٍ لا يحتاج لأشهرٍ ولا سنوات، بما يؤدي لزيادة العرض وتأمين كافّة متطلّبات المجتمع بسعرٍ مناسبٍ للجميع، وتوفير دخلٍ إضافيٍ، وبالتالي نتحدّى الحصار والإرهاب ومن يضع العصي بالعجلات، ونحقق شعار "الاعتماد على الذات" ولا سيّما أثبت الشعب العربي السوري قدرته على العطاء والإبداع والابتكار ومضاعفة عملية الإنتاج مهما ضاقت عليه السبل، ضمن الإمكانيات والموارد المتاحة، لأنّه قادرٌ على الاستثمار الأمثل ويحتاج فقط التوجيه والإرشاد والنصح وتوضيح الطريق، الذي يمتلك كافّة معالمه ومواصفاته وبياناته المسؤول كلّ ضمن مجاله، لتكتمل في سدّة المسؤولية التي تجتمع أسبوعياً بشكلٍ دوري للبحث بما يطلبه المواطن، وبالتالي تكون قد اعتمدت على مصادر معلومات وبيانات ومعطيات تمكّنها من اتخاذ القرار الصائب السليم بأقصر وقت وأقل جهد وتحقيق التفاعل والتشاركية بين كافة أبناء المجتمع بشتى انتماءاتهم وتواجدهم.
ليرتنا عزّتنا بكلّ تأكيد، وسوريتنا مصدر كرامتنا، وجيشنا يستثمر كل الإمكانيات المتاحة لديه بحكمةٍ وحنكة، لكي يكافح الإرهاب ويبقى مستعداً لأي عدوانٍ وتطهير ثرى ترابنا المقدّس من نير كل احتلالٍ لكل بقاع سوريتنا المقدّسة، وسيد الوطن الذي يعمل رغم كلّ الضغوطات والحصار للحفاظ على رايتنا مرفوعة، وقرارنا مستقل، برؤية مستقبلية ثاقبة.