أستاذ فلسفة... بقلم: ميس الكريدي

أستاذ فلسفة... بقلم: ميس الكريدي

تحليل وآراء

الأحد، ٢ فبراير ٢٠٢٠

مع الاعتذار المسبق لأساتذة الفلسفة خصوصاً أولئك الذين لا ينطبق عليهم هذا الكلام وهم فعلاً منارات للتنوير

وتصادف أن درس ذلك الشاب الفلسفة... وكان والدي الماركسي قد أولعني مبكراً بالمنطق ومربع ارسطو ومدينة أفلاطون ومدارس الفلسفة في العصر الحديث و عندما اعتقدت نفسي عاشقة ذات مراهقة سررت بتفسير حالتي بأنها قد تنتمي لما قاله آدلر عن إرادة التفوق فعدلت عن تلك الرغبة وبماأني كنت مولعة بأن أقرأ مثل والدي وأفهم هذا البحر الذي هو الفلسفة أي حب الحكمة أو أم العلوم كما قال لي وقتها أبي اخترت كتاباً قديماً في المكتبة آينشتاين والنظرية النسبية للدكتور (محمد عبد الرحمن مرحبا ) وشرعت أقرأ المدخل عن قصة حياة هذا العبقري ألبرت آينشتاين و أرهقت والدي بأسئلتي حول النسبية تلك النظرية الشهيرة فعاجلني بملخص لانداو رومر لتهدئة فضولي ..

هذا غيض من ولعي بالفلسفة في مراهقتي ولن أحكي عما تلاه حين صرت أتعمق لاحقاً بالقراءة حول المفاهيم الفلسفية للمجتمع المدني وفلاسفة العقد الاجتماعي ومدارس الفلسفة بتفاصيلها وتاريخ الفلسفة الذي يمكن أن يضيء على كل تطور الفكر الانساني والتاريخ البشري المهم أني أعلم تماماً أن هذه الفلسفة هي البحر الذي تذوب فيه كل العلوم الرياضيات والهندسة والطب والفلك و علوم اللاهوت وغيرها ..

نعود إلى الطالب الذي كان يدرس الفلسفة في الجامعة أثناء مراهقتي .. دخل قسم الفلسفة لأنه كان محكوماً لمعدله المنخفض في البكالوريا الأدبي بعد سنتين أو ثلاث من الرسوب ولأنه من النوع القادر على(( البصم )) يعني الحفظ بدون فهم كان يحصل على معدلات عالية وهكذا حتى أصبح أستاذاً في الجامعة و كان ملتزماً سياسياً ومايزال لأنه يطمح لمنصب وواثق من حقه به وفقاً لمؤهلاته، لكنه يبصم شعارات الحزب مثل نظريات الفلسفة ..

تزوج من فتاة ملتزمة وعانت معه الأمرين رغم أنها من بيئة محافظة جداً لكنه كان ينتقد كل تحرك لأي عضلة من عضلات الوجه ويحتاج تفسير للابتسامة وللهمسة و للأسباب الموجبة لتقديم صحن البسكويت بجانب الشاي للضيوف ولا تتجرأ تلك الزوجة اذا مشت في الشارع أن تسلم على أحد إلا عابراً لأن الوقوف مع امرأة قد يكون ليس مصادفة انما بانتظار شيء ما والوقوف مع رجل حتى لو كان قريبها سيجعلها مدانة أمام كل العالم ومطالبة بتبرير من هو وإخراج قيد نفوس له ولعائلته .. ختاماً لهذه الصباحية ماأرغب بقوله هنا مختصر جداً هو أن من يصبح أستاذاً في مادة أم العلوم والحكمة عبر اعتبارات معيارية كالتي في بلادنا ثم يحصد العلامات بالبصم في أم العلوم التي لم نفهمها كمجتمعات مطلقاً رغم أن تاريخنا الاسلامي يحمل شخصيات هم أيقونات عالمية فيها ويحمل بصمة انتقالية للعالم أجمع نحن أنفسنا لم نشربه بمقدار فقدان الذاكرة الأزلي ولعبة الثرثرة فلن نستغرب أننا مانزال في الدرك الأسفل من الظلام ..