الحياة تمضي..؟؟.. بقلم: سامر يحيى

الحياة تمضي..؟؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الخميس، ٦ فبراير ٢٠٢٠

جاء شهر شباط، وتتوالى الشهور مليئة بالإنجازات والتحديّات، بالخسائر والمعوّقات، بالأحزان والمسرّات، وتستمر الحياة، ما دامت عقارب الساعة تدور والقلوب تنبض، فكل يومٍ فيه الجديد بغض النظر عن نوعه، فلا توجد بداية تاريخٍ حقيقي إلا في السنة المالية والموازنات والخطط الموضوعة، لكنّ ضمان نجاحها هو التحرّك بسرعةٍ لا تسرّع، عبر الاستثمار الأمثل، بعيداً عن الروتين والبيروقراطية، لحلحة التشابكات وحلّ التعقيدات وتعظيم النجاحات.
المفترض أن موازنات مؤسسات القطّاع العام قد بدأت بالاستقرار والوضوح الكامل، وبالتالي تتطلّب منا التفكير جدياً باستثمار أمثل لهذه الموازنة، بعيداً عن التنفيذ الحرفي لبنود وأبواب الموازنة، وصرفها كاملةً أو نسبةً ما رقمياً، إنّما ندرسها وننفّذها استناداً لخطّة تنفيذية لاستثمار تلك الموازنة، وفق الإمكانيات المتاحة والقدرات المتوفّرة، والظروف الراهنة، مستفيدين من رؤى وأفكار العاملين، وحاجات وطلبات المتعاملين، والتكنولوجيا والتطوّرات التي تحصل كل يوم، كلّ ضمن تخصصه ومجاله، فلدينا من الإبداعات والاختراعات ما يؤهلنا لاختصار الكثير من الجهد والمال والوقت، عندما يضع كلّ منا نصب عينه الوطن، فعلى سبيل المثال هناك طالب استطاع اختراع طابعةٍ ثلاثية الأبعاد، وآخر روبوتاً آلياً، أو ذراعاً متحرّكاً، أو إعادة تدوير لمادّة ما، زيادة تكاثر الثروة الحيوانية أو مردود المساحة المزروعة، عدا عن أبحاث الطلبة بكلّ مجالات الحياة، بما يؤهّل للاستثمار الأمثل، واختصار الطريق والمسافات، فمن الخطأ المدمّر للمؤسسات الوطنية، أن تضع أطراً زمنيةً لأي دراسةٍ لمشروعات أشهرٌ في ظل كلّ هذا التطوّر وتوزيع المهام ووجود هياكل تنظيمية ووظيفة بغضّ النظر عن رؤيتنا إليها، والظروف التي نعيشها، لا سيّما أن الكثير من الخطط والقرارات والمشروعات التي نعدّها للسنوات المقبلة، ولم نلمس نتائجها في الوقت الراهن، ستكون قد وضعت لزمنٍ ووقت متغيّر، فتتحوّل لتدميرٍ ممنهجٍ بدلاً من نجاحٍ وتفوّق مبرمج.
الحياة تحتاج ابتكار وما تمرّ به سوريتنا أكبر دافعٍ لتعزيز الاعتماد على الذات، والابداع في ابتكار أفضل السبل لأن الحاجة ام الاختراع، فكيف عندما يكون الوطن بحاجة لجهد كلّ ابنائه ليتمكن من النهوض أسرع ومعافى من أثر جراح الإرهاب والحصار والفساد، وعامل الوقت هو الذي يجب أن يعمل عليه الجميع، فلم تعد السنوات هي الأساس، ولم تعد الأشهر، إنّما باتت الساعات هي الأساس، ولا سيّما أن المؤسسات لدينا متخصّصة بكل دورٍ مناطٌ بالمسؤوليات الوطنية، فَلِمَ نحتاج فتراتٍ طويلة لإعداد مشروع قانون أو دراسة أو أسلوب، قد يكون هذا صحيحاً قبل فترةٍ زمنية، لكن الآن بات من السهولة بمكان البحث والتشخيص ووصف العلاج لكل معلومةٍ وتدقيقها بكلّ سهولة، في زمنٍ باتت المعلومة تنتقل فيه سريعاً، حتى أثناء دراستها، ومن هنا ضرورة تطبيق فترة المائة يوم لأنّها كفيلة بأن يظهر نتائج عمل الشخص أو المؤسسة، والخطوة الأساس والإيجابية والبنّاءة في تفعيل العمل المؤسساتي والإصلاح الإداري، لأنّها مفتاح تحقيق كل الخطط الأخرى، ومعرفة الردود السلبية والإيجابية والفعالية لما يتم إصداره، وإلا فمهما صدرت من قرارات وقوانين سنبقى نقول "يعترض طريقها التطبيق"، "عدم التجاوب من البعض" وغيرها من حججٍ نتجاهل أن دور صانع القرار والقائم على تطبيقه أن يأخذها بعين الاعتبار للبحث عن حلولٍ لها عندما تعترضه، وبالتالي يستقطب كل الجهود التي تساهم في إنجاح عمله المؤسساتي والوظيفي بآنٍ معاً.
الحياة تمضي ونحن نمضي ولكن علينا الانتباه لكي تمضي ونحن نرفع رؤوسنا بأنّنا ابناء هذا الوطن، نعمل شيئاً لذاتنا وأنفسنا، وبطريقةٍ بناءة ومستديمة، نمهّد الطريق ليستكملوا ما بدأناه، بعيداً عن التسليم بسير الحياة الطبيعي، والروتين الحياتي اليومي، بل بمضاعفة الرعاية والاهتمام والعناية، ففي كلّ يومٍ يجب أن نلمس التطوير والتغيير، وفي كل زاوية يجب أن نرى أثر الفراشة الذي نستغله إيجاباً، ونضعه بحسباننا بعيداً عن التطبيق الحرفي لنظرياتٍ لا تنعكس على واقعنا وتنظيراً لا يبدو واقعياً وبيئةً بعيدين كل البعد عن تأمين متطلّباتها واحتياجاتها لتقدّم لنا ما نحتاجه اليوم وغداً قبل المستقبل، بل تنعكس سلباً من كل النواحي ..
كم من مؤسسات ودولٍ كانت قوّية ومتطوّرة، ولكنّ عندما توقّفت عن مواكبة التطوير والتحديث انعكست كل نجاحاتها سلباً، وباتت أكثر ضعفاً، وكم من شركات كانت الوحيدة في العالم، ونتيجة تقاعسها أو استمرارها بالسير ضمن سير الحياة الطبيعية أصبحت في طي النسيان لوجود من ينافسها، فمهما احترم الشخص الرجل في المنصب، لكن الاحترام الأسمى هو تخليد ذكر الإنسان حتى بعد مغادرته المنصب وما قدّمه لخدمة وطنه وأبنائه، فالأجدى أن يبدأ كلٌ منا بنفسه، لا أن نحمل الآخر المسؤولية، ونتجاهل القيام بدورنا والمهام المنوطة بنا.
فلتكن القدوة لنا أبناء جيشنا البطل، الذين ضربوا أروع المثل بالتضحية والفداء والتلاحم والتعاضد والتعاون في دحر الإرهاب، ومواجهة أعداء الوطن، والحفاظ على كرامة الإنسان وقدسية تراب الوطن، رغم تكالب قوى الاستعمار والهيمنة ودعمهم لأدواتهم الرخيصة بكل الإمكانات والموارد، ودعمهم عبر التضليل الإعلامي واختراع الأكاذيب لتشويه سمعة الجيش العربي السوري والقوى الرديفة، والحصار الجائر ضد سوريتنا الحبيبة. .