” كورونا ” يُعلن الحرب العالمية الثالثة بشراسة ..!!.. بقلم: صالح الراشد

” كورونا ” يُعلن الحرب العالمية الثالثة بشراسة ..!!.. بقلم: صالح الراشد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٧ مارس ٢٠٢٠

سمعنا كثيراً عن الحرب العالمية الثالثة وانطلاقها ودمارها الشامل, فهناك من قال بأنها ستنطلق بسبب كوريا الشمالية وذهب البعض إلى أن المواجهات الروسية الأمريكية في سورية ستكون المُحرك الرئيسي لاسيما بعد أن دخلت تركيا على خط الصراع, وسبقها حديث على أن الصين ستكون مُنطلق الحرب الثالثة لأسباب إقتصادية, وتوقع الكثير من الخبراء العسكريين بأن الحرب ستشتعل في هذا العام, لكن خاب ظن الجميع ولم تشتعل حرب الجيوش والطائرات والغواصات النووية لقتل سكان الأرض, لتأتي الحرب الشاملة من أصغر كائنات الأرض على سكان الكوكب الأزرق.
الحرب بطريقتها وشكلها الحالي تعتبر الأكثر خطورة وفتكاً للبشرية, فلا مجال لتدخلات الأمم المتحدة لفرض هدنة أو إتخاذ قرار بفرض العقوبات ولا يمكنها منع بيع الأسلحة كون السلاح متعدد الأصول والمنابت, ولا أحد يعرف كيف يتعامل معه, فهو قادر على إختراق اقوى الخطوط العسكرية بسهولة, وإصابة الآلآف دفعة واحدة, لذا فهو أخطر من السلاح النووي والصواريخ التقليدية التي يمكن رصدها من الفضاء, وفي هذه الحروب لم نجد منع للتجول وإغلاق المدارس والجامعات وتوقيف النشاطات الرياضية التي كانت تعتبر السلاح الناعم عند الدول التي تعاني من الإضطربات, بل كانت الحياة تسير بطريقة شبه منتظمة, كون الإبقاء على المدارس والجامعات والأنشطة نوع من الحافز المعنوي الإيجابي للدول, أما في حال القاتل الصغير كورونا فإن التجمعات تعتبر مصدراً مناسباً لنشر الموت.
وفي الحرب العالمية الثالثة الحالية قامت الدول بعزل نفسها وأصبحت تقدس الخطوط التي رُسمت منذ زمن, فعادت أوروبا الى التقسيم القديم وانقسمت بدل المعسكرين الشرقي والغربي الى عشرات المعسكرات الذاتية, وانسحب الأمر على بقية دول العالم فعادت خطوط سايس بيكو لتظهر بقوة من جديد في الوطن العربي , وأصبحت الدول ترتعب من بعضها فلا صديق اليوم فالمرض يأتي من الجميع, وهنا فإن الحروب القديمة كانت أكثر رحمة حيث هناك أصدقاء وأعداء, فيما اليوم الحال واحد والعدو يأتي من كل إتجاه.
الحرب لم تتوقف بل تتزايد وتؤثر على الاقتصاد والصحة والحالة النفسية من السجون الإختيارية والتي تحمل مسمى الحجر الصحي, فيما شوارع الدول فارغة من المشاة وهو ما يُعيدنا الى صورة الدول الأوروبية في العصر النازي, بل ان الصورة أقسى بكثير كون الهرب سمة الجميع فلا تنفع الرشاشات في قتل المرض, ولا تصلح الصواريخ لإبادة العدو بل ان السلاح الذري قد يبيد البشرية لكنه غير قادر على إبادة العدو الأشرس, لنجد ان الملاذ الأخير للفتك بالعدو, هي العادات الثقافية في إحترام النظام وعدم التجمهر والتجمع, ولكنها لا تصلح كسلاح في دولة واحدة بل يجب أن يكون سلاح العالم إضافة إلى النظافة, وإذا لم يتوحد العالم بسلاح المعرفة فإن العدو الأصغر سيقضي على الجزء الأكبر من البشرية, وستفوق الخسائر في الحرب العالمية الثالثة ما قتل في الحربين العالميتين الأولى والثانية مجتمعتين, فهل تشهد الحرب العالمية فناء العالم أو نهضة عالمية جديدة يتم بعدها بناء العالم الجديد بصورة أكثر أمناً وكثر تقارباً بين سكان الكوكب.