وطنية الإعلام..؟!.. بقلم: سامر يحيى

وطنية الإعلام..؟!.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ١٤ يونيو ٢٠٢٠

نسبة لا بأس بها من المسؤولين، المؤسسات الحكومية، المحال التجارية، السوريين على اختلاف مواقفهم، يتابعون القنوات غير السورية، وينتقدون بل يتهجّمون على الاعلام السوري دون متابعته، ومن الكارثة أن تقيّم شيئاً دون معرفة ومتابعة وقراءة ما بين السطور.
ويتجاهل الغالبية أن المؤسسة الإعلامية هي جزء من السلطة التنفيذية أوكلت إليه مهمّة القيادة والإشراف على المؤسسات الإعلامية، وصناعة الرأي العام الوطني، كونها صلة وصلٍ بين المؤسسات والمواطن، وبين المواطن والمؤسسات، أيّ أنها "دائرة العلاقات العامة"، في عصر التكنولوجيا والصورة والتلاعب بالعقول وزرع الفتن وحرف مسار الدول عن المبادئ والثوابت الوطنية والقومية، لإرضاء العدو الصهيوني وخلق عدوٍ من أبناء جلدتنا لتسهيل التصارع بين الشعب الواحد، وزعزعة الانتماء الوطني. وللأسف ننقاد وراءها بقصدٍ أو دون قصدٍ، وهنا تأتي أهمية دور الإعلام الوطني للقيام بالدور المنوط به، باستثمار كافّة مؤسساته المرئية والمسموعة والمقروءة والالكترونية، والتعاون مع المنابر الإعلامية لدى المؤسسات الأخرى، بالإضافة للمكاتب الصحفية والعلاقات العامة لتفعيل التعاضد والتعاون، ما دام الجميع هدفه النهوض بسورية الوطن والإنسان، ويحتكم لدستور الجمهورية العربية السورية وما تسنّه السلطة التشريعية.
 لا أحد ينكر أنّ الجزء الأكبر مما تمرّ به سوريتنا يعزى إلى الغلاء العالمي، ثم الحصار من الأشقاء والأعداء، بمساعدة أدواتهم من الفاسدين والانتهازيين، إضافةً للأخطاء وتقصير بعض أبناء المؤسسات عن القيام بمهامهم بجودةٍ وإتقان وأمانة، بقصدٍ أو عن غير قصد، والمؤسسة الإعلامية المفترض أنّها قد تنبّهت لذلك من بدايتها، ومن ثم تستثمر المعطيات لديها، للاستفادة من جهود الجميع لإظهار الجانب الإيجابي، واستنهاض جهود المؤسسات جميعاً، وواجب المؤسسات الوطنية الاستفادة من الإمكانيات والقدرات والرؤى لدى المؤسسة الإعلامية لترجمة نشاطاتها ونتائج عملها بطريقة مقنعة، وتفعيل دور العاملين لديها، وبنفس الوقت الاستفادة مما تقدّمه من دراسات وأبحاث وأفكارٍ ومقالاتٍ وتقارير وتحليلات وآراء ورؤى المواطنين، لتكون دعماً لمسيرة التطوير والتحديث ورديفاً هاماً بالمعطيات والبيانات الواقعية، بدلاً من اعتبار الإعلام للظهور فقط، وتجاهل ما ينشره أو الرد عليه بشكلٍ روتيني بعيداً عن البحث في جذور الموضوع والبحث عن حلول له قبل تفاقم المشكلة، والتعاون لفتح أبوابٍ جديدة لمضاعفة الأداء وتعزيز عملية الإنتاج، وتفعيل دور العامل والمواطن في عملية البناء الوطني، والتصدّي لأعداء الوطن وزارعي الفتنة، وحشر الانتهازيين والوصوليين والفاسدين بالزاوية.
 ما يسهّل المهمة أن لدينا مؤسسات إعلامية بكل التخصصات؛ الإعلان والإنتاج التلفزيوني والإذاعات والقنوات التلفزيونية والمكاتب الصحفية والعلاقات العامة، ومنابر عديدة يمكن التعاون معها، لتفعيل شعار الاعتماد على الذات،  وزيادة الإنتاج، وتشجيع الابتكار والابداع، لا سيّما ترجمة ذلك من قبل كتّاب المسرح والدراما والرواية...إلخ؛  ليس بهدف التنظير وطلب الدعم أو تقديمه، إنّما بهدف دراسة الأسلوب الأمثل لقيام الكتّاب بوضع نصوصٍ مسرحية وإذاعية ومسلسلاتٍ وأغانٍ وروايات وقصص...إلخ تتضمن أفكاراً لمشروعاتٍ صغيرةٍ، وتوليد أفكارٍ لمشروعاتٍ جديدة ومتجددة، وعرض تجارب ناجحة، إضافةً للتنشئة المجتمعية، ورفع الوعي، وإبراز الدور الوطني للمؤسسات التي صمدت رغم كل الظروف، بهدف جسر الهوة بين المواطن ومؤسساته، وتقديم الوجه السياحي والإنساني لوطننا، ودور المواطن وحقوقه وواجباته، بما يدعم سياسة الاعتماد على الذات وإظهار الجانب المشرق وتصحيح الأخطاء ليكون الماء الصافي هو البارز لا الزبد.  
 والأهم أن تدرك المؤسسة الإعلامية أنّها ليست سيفاً مسلّطاً على الآخر، ولا سلاحاً له، ولا حيادياً أو مجرّد كلامٍ يبث ويقرأ ويكتب، إنّما موجّهاً ذي مصداقية، ومحاوراً رئيسياً ومكاناً لتبادل الأفكار والمعارف والخبرات، وصلة الوصل بين القطاع العام والخاص والمشترك ورجال الأعمال والمغتربين والمقيمين؛ واستقطاب المواطن وصناعة الرأي العام بحكمةٍ وحنكةٍ وأسلوبٍ وطني، لا سيّما أنّها تشمل كل القطّاعات دون استثناء، "اقتصادي، ثقافي، سياسي، اجتماعي، نفسي، أكاديمي، توجيهي، علمي، ديني، صحّي...." ولدينا الكفاءات والقدرات والإمكانيات التي تحتاج فقط لاستنهاضها ووضعها بصورة البيانات والمعطيات وهدف المؤسسة، والمهام المنوطة بها لتفعيل أدائها.
إن الجهود التي تقوم بها العديد من المؤسسات الوطنية، تضيع في غياهب الأخطاء الإعلامية من المؤسسة نفسها، وعدم تعاونها جدياً مع المؤسسة الإعلامية، وبالتالي نحن أحوج ما نكون لجسر هذه الهوة، لا سيّما أن المواطن العربي السوري قادرٌ على تفهّم الضغوطات، وما تقوم به مؤسساته. فالمواطن يحتاج فقط أن تثبت هذه المؤسسات مصداقيتها، وتشاركه من أجل الاستثمار الأمثل، وأن يلمس نتاج عملها على أرض الواقع، ويكون الإعلام هو الرديف لكل المؤسسات، بما يملك من معطيات ورؤى وأفكار ودراسات، وصلة وصل بين جميع أبناء الوطن، بعيداً عن التخوين والنفاق، والإطراء والمديح، والقص واللصق، والنقد بلا تفكير، وتحميل المسؤولية أو تحمّلها دون القيام بأي دورٍ لعلاج المشكلات من جذورها.
لأن سورية مستمرة بموقفها الوطني والقومي، والحفاظ على المبادئ والثوابت، واحتضان الهم القومي والإنساني، وهي ترفض الذل والتبعية، وتحافظ على تاريخها العريق والمتجّذر، ستستمر عليها الضغوطات وكل محاولات تفتيت تماسكها وصمودها، لكنّها ستنهض أقوى، لأنّ شعبها مبدعٌ وصامد، وقائدها ربّانٌ يقود السفينة بحكمةٍ وحنكة رغم الأمواج المتلاطمة، وجيشها مستمر بتطهير ثرى الوطن المقدس من رجس الإرهاب ودنس من يحاول احتلاله.