من الورقي إلى نمر المعلومات.. بقلم: شيماء المرزوقي

من الورقي إلى نمر المعلومات.. بقلم: شيماء المرزوقي

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٤ يوليو ٢٠٢٠

قال بول هوكن، مؤلف «كتاب الاقتصاد القادم»: «نعيش الآن في بيئة غنية بالمعلومات حيث يستقطب اهتمام المرء بصورة مستمرة أفكاراً جديدة، ويمكن أن يكون هناك فائض من المعلومات يسبب حملاً زائداً وتوتراً». وتقدر دراسات ما يتلقاه المواطن الأمريكي العادي من المعلومات بما يزيد على 2500 رسالة في اليوم الواحد. ويقصد بالرسالة هنا جميع المعلومات من المواد المرئية الفيديو والصور والنصوص المكتوبة وغيرها.
وكما هو واضح، فإن التحدي في واقعنا اليوم ليس في شح المعلومة أو عدم توفرها، بل في مهارة إدارتها ومعرفة كيف يتم فرزها والتعامل معها. كيف نستطيع معرفة المعلومات التي نحن في أمسّ الحاجة إليها ثم توظيفها لخدمتنا لتسهيل حياتنا، وهي مهمة ليست بالسهلة كما قد يعتقد البعض، بل إنها على درجة عالية من الصعوبة والسبب هو في الزخم والسيل المعلوماتي الذي ينهمر علينا يومياً.
أتذكر أن والدي قال قبل نحو خمسة عشر عاماً بأنه يجيد التعامل مع النمر الورقي، وعندما سألته عن المقصود بهذه التسمية شرح لي بأن تراكم الأوراق وتزاحمها دون معرفة الورقة المهمة من تلك غير المهمة، يسببان تكدساً للأوراق يكون على حساب أوراق مهمة جداً قد تضيع مع أول عملية تخلص من كومة الأوراق التي تكدست ومع ضياع الوثائق المهمة تضيع الأرباح، وتهدر الأفكار التي تم تدوينها، حيث تضيع الأوراق المهمة والتي تحمل تذكيرات وتنبيهات وملاحظات، وسط كومة الورق الذي سيذهب إلى سلة المهملات.
كنا نعتقد في عصر المعلومات والعالم الرقمي أننا تخلصنا من الأوراق ومن نظريات ودروس النمر الورقي، ولكننا نكتشف أننا دخلنا إلى حقبة وعالم جديد يحتاج إلى مهارة لا تقل حيوية وأهمية عن إدارة الوثائق والأوراق، وهي المعلومات. وهنا يصح أن نقول فن إدارة النمر المعلوماتي، أو التعامل مع نمر المعلومات، أسوة بما كان يسمى النمر الورقي.
أعود للتأكيد أن السيل المعلوماتي الهائل الذي ينهمر علينا، يحتاج إلى دراسة؛ لأننا نفقد المعلومات التي هي في غاية الأهمية والحيوية لنا أمام كمٍّ هائل من المعلومات الاستهلاكية التي تهدر الوقت والجهد ولا فائدة منها.
نحتاج إلى ورش عمل ودورات تدريبية متخصصة موجهة لليافعين وأيضاً الموظفين وطلاب الجامعات، دورات مصممة لتعطي مهارات وخبرات التعامل مع هذا السيل المعلوماتي. وعلى كل واحد منا أخذ زمام المبادرة والبدء في تدريب نفسه على كيفية استقبال ما يحتاج إليه من المعلومات وفرزها وإهمال كل ما يهدر الوقت والجهد دون فائدة.