عن بعض الإعلام العربي.. بقلم: د. عبد العزيز المقالح

عن بعض الإعلام العربي.. بقلم: د. عبد العزيز المقالح

تحليل وآراء

الجمعة، ٢١ أغسطس ٢٠٢٠

يبدو إعلام بعض الأقطار العربية في غاية العجب، وهو لا يختلف كثيراً عن تلك التلفازات التي توجد في الفنادق وفي بعض المستشفيات، حيث يُعرَض فيها فيلم واحد لا يتغير ولا يتبدل، ومن أراد أن يُشاهده شاهَد، ومن أراد أن يَرفُضَهُ رَفَض. فقد يُوضع في هذا المكان فيلم للأطفال، ولكنه كما سبقت الإشارة لا يتغير، فيظل هذا الطفل أو مجموعة الأطفال (لفترات) يمارسون أعمالهم وأدوارهم في هذه الأفلام على مدار الشهور والأعوام. وقد يعتبر بعض الإعلاميين أن هذه مجالات حرة، ولا يتدخلون في شأنها للعرض على مشاهديها وكسب رضاهم أو سخطهم.
وقد وقعتُ الأسبوع الماضي في محنة، أرى أنه لا مانع لدي من تسميتها بالمحنة. فقد نزلتُ في أحد الفنادق ووجدتُ نفسي بحاجة إلى التسلية ومتابعة فيلم من الأفلام القديمة أو الحديثة، أو متابعة مسلسل تمثيلي مِن تلك التي تبعث في الروح النشاط، لكني فُوجئت بأن الفيلم الذي يعرضه الفندق كان للأطفال فقط، وبرؤية مكررة، يتكرر فيها المشهد أحياناً لساعات وليس لساعة واحدة، كأن هذه المحطات التي تعرض هذه الأفلام بهذا الشكل، موحية بألا تحمل أي معنى، وأن تكون مجرّد عرض عابر لتسلية بعض الأطفال في تلك المجالات.
إن الإعلام العربي بحاجة إلى إعادة النظر في كل المستويات، سواء في الأعمال الخاصة أو الأعمال العامة، فأي خطأ يحدث لا ينسبه الناس إلى أصحابه في القطاع الخاص، وإنما يسارعون إلى تحميله للإعلام الذي يظل يتفرّج على هذه التفاهات الصغيرة التي لا ترتقي بالإنسان، ولا تحرص على مستواه الفكري والثقافي. وأرجو ألا يحسب البعض هذا نوعاً من التجني؛ بل هو اجتهاد خاص لوضع حد لمثل هذه اللُعب التي لا تُغني الثقافة ولا تُسمِن الفكر، ولا تضيف جديداً إلى معلوماتنا؛ بل هي شخبطات كتلك التي في بعض الصحف وبعض المجلات التي توهمنا بأن هذه الشخبطات نوع من أنواع الفن العظيم، وهي ليست كذلك على الإطلاق.
وإذا كانت هذه اللُعب التي تبدأ من الفندق قد حازت بعض المشاهدين، فإن الأغلبية لا تراها إلا نوعاً من الضحك على الذقون، وعدم احترام للمشاهد من ناحية، والفكر والثقافة من ناحية أخرى. نَربَأ بإعلامنا أن يَسقط به بعضُ مَن يدّعون الفهم وهم لا يعرفون شيئاً في الكتابة، خاصة أولئك الذين لا يميزون بين الشجر والبقر.
وبعد هذه الإشارات التي قد يكون بعضها ساخراً أو خارجاً عن المنطق، أرجو أن يجد إعلامنا العربي طريقَه إلى تصحيح المفهومات عملياً لا نظرياً.