الرقابة متابعة؟؟.. بقلم: سامر يحيى

الرقابة متابعة؟؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١ سبتمبر ٢٠٢٠

 أذكر عندما كنا صغاراً، كان أبي يتابع مجرى الماء لسد كلّ ثغرة تفتح في حافة الساقية، وضمان وصولها لسقاية بقعة من الأرض، وتصحيح ما يتسرّب منها ليبقى ضمن خط سيره السليم، وصولاً لإنهاء سقاية كافّة المزروعات.
 هذا هو مفهوم الرقابة الحقيقي المفترض أنّها موجودة لدى كل مؤسسة، إضافةً لهيئتي الرقابة على مستوى الوطن، التي تتخصص كلٌ منها بموضوعٍ ما، لمتابعته والتأكد من سلامة الأداء وحفظ المال العام، وحسن الاستثمار البنّاء لكافّة موارد المؤسسة وإمكانياتها المادية والبشرية. فالخطوة الأولى المطلوبة من دائرة الرقابة الاطلاع ودراسة ومعرفة كلّ ما يتعلّق بالمؤسسة بما فيها النظام الداخلي، ومرسوم تأسيسها وما صدر من تعاميم وقرارات، والمشاركة الجدية بكلّ ما سيصدر عنها، لأنّها الخطوة الرئيسة في عملية الإصلاح الإداري، والوسيلة الأمثل لكسر الفجوة بين المواطن والمؤسسة ليلمس المواطن نتائج عمل المؤسسة على أرض الواقع، وحتى العاملين بالمؤسسة أنفسهم.
 من هنا ندرك بأنّ دائرة الرقابة ليست مجرّد تلقي للشكوى، وانتظار التوجيه من المسؤول لمتابعة موضوع، أو التدقيق به، بل متابعة كلّ خطوات المؤسسة من بدايتها حتى نهايتها، لأن متابعة الموضوع من بدايته، وتصحيح الأخطاء وتقويمها يساهم بمضاعفة الأداء وسرعة الإنتاج، بينما الانتظار لانتهاء الموضوع فنخسر الجهد والوقت والمال، كما أنّ الشكوى ليست حالة فردية، وإنّ بدت كذلك، بل على المؤسسة اعتبارها قضية عامة، لدراستها والتفكير بسبب حصولها وعلاجها والتنبؤ لما سيحصل مستقبلاً، وبالتالي ضمان عدم تكرر الأخطاء، ومواكبة خط سير تنفيذ المهام بالشكل الأمثل، لتقوم بدورها المحوري المتكامل الأركان والقواعد والأسس لإنجاح عمل مسيرة الإصلاح الإداري، لا سيّما أنّ كل مؤسسة لها خصوصيتها، وبالتالي تتوفّر معرفة وخبرة وإدراك لخصوصية لدى دائرة الرقابة بما يؤهلها لمضاعفة أداء المؤسسة ومواكبة تطويرها وتحديثها بشكلٍ مستمر.
 فلا يوجد تناقض بل تكامل بين الأقسام في المؤسسة، لأن دائرة الرقابة دورها وقائي ومن ثم تعالج نقاط الضعف، وتصحح المسار، وتعالج الإشكاليات، وتزيل العقبات، وتوجّه العامل التوجيه السليم، وتبيه من شذّ عن الطريق بحكمة وحنكة، وقطع الطريق على الانتهازيين والمستغلين، بعيداً عن التسلّطية والجبرية والمنع والإقصاء.
إن دائرة الرقابة هي الوقاية وحماية المصلحة العامة، لأنّ ضعاف النفوس يستطيعون التغلغل إلى ثنايا المؤسسة لمحاولة إضعافها، والتحجّج ببعض القوانين والانظمة، لتحقيق مصالح شخصانية على حساب مصالح الوطن، أو يستغلها أعداء الوطن عبر أدواتهم، فالالتزام يجب أن يكون بروح القانون لا نصّه، وسدّ الثغرات التي تعطّل الأداء وتضاعف النفقات، ورفع المقترحات لمعالجة ذلك، لأنّ الكثير يقول نسير تحت شعار القانون متجاهلاً استغلال البعض لثغرةٍ هنا أو هناك، متجاهلين التطوّر اليومي الإداري والتكنولوجي بما يصبّ لمصلحة المؤسسة، في عصر السرعة والتقنية والتكنولوجيا والمرونة، وبالتالي تستطيع مواكبة كلّ التطورات، ومتابعة كل التغيّرات، وإدخال كل ما هو جديد دون أن يكون هناك تأثير سلبي بل الاستعداد لكلّ ما قادم، سواءً كان معروفاً أو مفاجئاً، لاستثمار كل الإمكانيات بحكمة وطنية وحنكة إدارية علمية وعملية.
إنّ تحليل أداء المؤسسة وعامليها، وتفسير تصرّفاتهم والتزامهم، يساعدها من التقييم والتقويم السليم، ويستهض الجهود، ويشجّع الإبداع والابتكار والكفاءات، عندما يتم تفعيل دور كل عاملٍ في تقديم تقريرٍ دوري عن أدائه ونشاطه، وكذلك قيام مديرية بتقديم تقييمها الدوري الشهري أو النصف سنوي، بما يساهم بتقديم معطيات وبيانات سليمة، لتكون الموازنة القادمة منطقية فاعلة وفق الاحتياجات الحقيقية، واستثمار الجهود والتوجيه لمن يحتاج التأهيل والتدريب وفقاً لاحتياجات المؤسسة وطبيعة عملها، والموضوعات المطلوب التركيز عليها بعيداً عن الأكاديمية الصمّاء.
سوريتنا هي البوصلة التي يجب أن تكون هدفنا جميعاً أنّى كان تواجدنا وطبيعة عملنا، وكل قسمٍ يجب أن يقوم بالدور المنوط به، والرقابة ليست سوى أداةً فاعلة في تقييم الأداء وإنجاح الخطط وتوجيه الشراع بالطريق السليم، فلا رقابة على الفكر إلا رقابة الضمير، وما أحوج كلّ منا لتفعيل ضميره الوطني، ولدينا القدوة قائد الوطن، والجيش العربي السوري والشعب الذي صمد رغم كل محاولات الحصار والإرهاب وبث اليأس.