قراءة في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي.. بقلم: علي توفيق الصادق

قراءة في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي.. بقلم: علي توفيق الصادق

تحليل وآراء

الأحد، ٨ نوفمبر ٢٠٢٠

أصدر صندوق النقد الدولي تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» بتاريخ 12 أكتوبر لتحليل تطورات الاقتصاد العالمي، وفي مجموعات من البلدان (المتقدمة، والصاعدة والنامية، وبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا)، وفي كثير من البلدان المنفردة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، واليابان، والصين، والسعودية، والإمارات. يركز التقرير على أهم قضايا السياسة الاقتصادية وتحليل تطورات الاقتصاد وآفاقه المتوقعة. وعادة ما يتم إعداد هذا التقرير مرتين سنوياِ، في إبريل، وأكتوبر من كل عام، بالإضافة إلى مستجدات التطورات الاقتصادية في شهر يناير، ويوليو.
يذكرنا تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي أكتوبر 2020» أن جائحة «كوفيد-19» أودت بحياة أكثر من مليون شخص منذ بداية عام 2020، ولا تزال خسائر الأرواح آخذة في الارتفاع. أما عدد من أصابهم المرض بدرجة خطيرة فهو أكثر من ذلك بكثير. ومن المتوقع أن تتدهور الأحوال المعيشية لقرابة 90 مليون شخص في عام 2020 لتصل إلى مستوى الحرمان الشديد. الحقبة التي نعيشها حقبة عصيبة، ولكن صندوق النقد الدولي يرى بعض ما يبعث على الأمل. فقد زادت اختبارات الكشف عن الفيروس، والعلاجات آخذة في التحسن، وتجارب اللقاحات تجري بوتيرة غير مسبوقة، وبعضها وصل إلى مرحلة الاختبار الأخير. وزادت قوة التضامن الدولي في بعض الجوانب: التراجع عن قيود التجارة المفروضة على المعدات الطبية، وزيادة المساعدات المالية للبلدان الضعيفة.
وتفيد بيانات صندوق النقد بأن الاقتصاد العالمي سينكمش بنسبة 4.4% في 2020 نتيجة لنمو سالب للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الاقتصادات المتقدمة بنسبة 5.8% والاقتصادات الصاعدة والنامية 3.3%.
أما انكماش اقتصاد دول مجلس التعاون في عام 2020 فيقدر بنسبة 7%، وانكماش اقتصاد دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 5%. ويقدر انكماش اقتصاد الولايات المتحدة بنسبة 4.3% واليابان 5.3% وألمانيا 6%، والسعودية 5.4% والإمارات 6.6%.
صندوق النقد متفائل، حيث يتوقع أن يتعافى الاقتصاد العالمي وينمو 5.2% في 2021 بدعم نمو الاقتصادات المتقدمة 3.9% والصاعدة والنامية 6%. ويذكر أن النشاط الاقتصادي العالمي بدأ يتحسن بسرعة أكبر مما كان متوقعاً.
ونذكر في هذا السياق أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي بلغ 83.8 تريليون دولار في عام 2020 بينما بلغ 87.6 تريليون دولار في 2019، أي أن العالم خسر 3.7 تريليون دولار جراء «كوفيد-19»، ولكن الخبر السار أن الناتج المحلي العالمي سيرتفع إلى 91 تريليون دولار في 2021، وبذلك يعوض خسارة 2020 ويزيد.
وعلى مستوى دول مجلس التعاون، فإن ناتجها المحلي الإجمالي ينخفض من 1640 مليار دولار في 2019 إلى 1388 مليار دولار في 2020، ولكنه يرتفع إلى 1482 مليار دولار في 2021. تدل هذه الأرقام على أن الصندوق يتوقع أن تخسر دول مجلس التعاون 252 مليار دولار بين عامي 2019 و2020. تشير توقعات الصندوق أن نحو 44% من إجمالي الخسارة يتكبدها الاقتصاد السعودي و27% الاقتصاد الإماراتي.
تبين توقعات صندوق النقد أن معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلدان المختلفة تتفاوت بنسب كبيرة وتتفاوت في معدلات البطالة أيضاً عبر كل من الاقتصادات المتقدمة والصاعدة والنامية. تفترض التوقعات أن التباعد الاجتماعي سيستمر حتى 2021 لكنه سيتلاشى لاحقًا. وفي ظل اتساع تغطية اللقاح وتحسن العلاجات يفترض أن ينتقل الفيروس إلى مستويات منخفضة بحلول نهاية 2022.
يوصي الصندوق القائمين على إدارة اقتصاد بلدانهم، إلى جانب مكافحة الركود العميق في المدى القريب، أن يقوم صانعو السياسات بمواجهة التحديات المعقدة، بحيث يضعون الاقتصادات على مسار زيادة نمو الإنتاجية مع ضمان تقاسم المكاسب بالتساوي، بالإضافة إلى المحافظة على بقاء الديون قابلة للاستدامة. وفي الختام نذكر أن التوقعات قد لا تتحقق كما في الكثير من الأحيان توقعات الصندوق.