إحساس قارئ.. بقلم: ميثا السبوسي

إحساس قارئ.. بقلم: ميثا السبوسي

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٠ نوفمبر ٢٠٢٠

رحلة تأخذك إلى بعيد.. تقابل أناساً جدداً، تتعرف إلى عادات وتقاليد شعوب جديدة، وتغوص في أعماق النفوس وبين متاهات العقول، لتجد بين سطورها غموض رسائل اجتهد فيها كاتبها، إما أن يعطيك المعنى المراد أو يتركه مبهماً يصلك من خلال معانيها،
فالقراءة أولًا رحلة نعود بها إلى النفس البشرية، لنصل إلى أقصى نقطة من سبر أغوارها، والتعرف إلى مكنوناتها، ومدى العمق المصاحب لها.
نعيش خبرات وسنوات الكاتب، فتتراكم لتصل إلى قناعـــات، بنـــاء على آراء ومعلومات نوسّع بها مداركنا،
ونتقمص شخصيات الرواية فنحرر تلك اللحظة. تتمكن منا تجربة الكاتب ونتمكن منها، نستلهم من كلماته، شعوره وإحساسه وجمال المعنى.
الرواية تنقل لك قناعة الكاتب، وإحساسه الداخلي، وردّ فعله على المواقف، حتى دون أن يقصد هو ذلك، من خلال تلمس ما يُصيغه لنا المعنى.
فالأحاسيس الصادقة تتسرب من تلك الشقوق، وتظهر للقارئ في مواقف الرواية التي تعترك في نفوس أبطالها، لتجد لها منفذاً تخرج منه، كل ذلك يقدمه الكاتب من خلال كتابه للقارئ.
فماذا يحدث من التغير بعد قراءة كتاب واحد؟
تسمو روحك عالياً، ترفرف بجناحيك في الأفق، تنتهج دروباً لتفردك عن غيرك ممن لا يقرأ، وتسهم بشكل كبير في بناء شخصية قوية متماسكة راقية مثقفة،
تنظر من الأعلى ليس تكبراً، ولكن كبرياء.
توصلك إلى مرحلة من الهدوء تنعم به في سلام داخلي،
وتتقبل اختلاف الآخر عنك، فبيئته تختلف تماماً عنك،
تبني حاجزاً كبيراً لسلامتك النفسية، وتبتعد عن المناقشات العقيمة التي لا فائدة مرجوّة منها،
فيصبح جل اهتمامك: نفسك وإصلاحها، وإبراز جميل ما تملك.
والقراءة زاد لرحلة الحياة الطويلة فهي تغنيك عن غيرها.. تثري معانيك، وتضيف حلاوة إلى ألفاظك وطلاوة إلى كلامك، وعذوبة ورقة إلى إحساسك، فهي نهر عظيم متدفق لا ينضب.