خيارات ايران الصعبة بعد اغتيال عالمها النووي.. بقلم: كمال خلف

خيارات ايران الصعبة بعد اغتيال عالمها النووي.. بقلم: كمال خلف

تحليل وآراء

السبت، ٥ ديسمبر ٢٠٢٠

يقول “ايال زيسر” في صحيفة “إسرائيل هيوم” “إن أحد أسس التحالف الذي تحقق في السنوات الاخيرة بين اسرائيل والدول العربية، ولا سيما دول الخليج، كان الاعتراف العربي بقوة اسرائيل العسكرية، والانطباع الشديد الذي خلفه استعدادها لمواجهة إيران، بل ونجاحها في منع تموضعها في الاراضي السورية. وقد أحب العرب الجسارة الاسرائيلية ووجدوا فيها سندا وتشجيعا “. هذه من اخطر نتائج استراتيجة الصبر وضبط النفس وعدم الرد المباشر على العمليات العدائية الاسرائيلية المتكررة والمستمرة والتي وصلت مراحل خطيرة. وباتت بعض الدول في الخليج وليست الدول العربية كما يقول” ايال” تجد في اسرائيل قوة قادرة على حمايتها مقابل تضحيتها بالقضية العربية الاولى قضية شعب فلسطين. وترى هذه الدول انه بامكانها الاعتماد على اسرائيل في خوض مواجهة مع ايران.، وبغض النظر عن خطورة هذه التصورات كون قادة الخليج يجعلون من بلادهم المستقرة ملعبا لصراع شرس بين قوى اقليمية. الا انها تاتي بعد سلسلة عمليات اسرائيلية ضد ايران وحلفائها دون ردع او حساب، وهو ما شجع هذه الدول على الذهاب الى التطبيع دون التفكير بتداعيات ذلك، وهو ما حدث فعليا حيث لم تلق خطوات التطبيع والاتفاقات مع اسرائيل سوى جرعة ضئيلة من الادانات والبيانات وانتهى الامر.
محمد جواد ظريف الذي ربط بين اجتماع نيوم الذي ضم ابن سلمان وبومبيو ونتنياهو وبين حادثة اغتيال العالم النووي محسن زاده قد لا يكون مصيبا في هذا الربط، فاسرائيل لن تنسق عملية بهذه الخطورة وهذا الحجم مع السعودية، والجهة الوحيدة التي يمكن التنسيق معها هي وكالة الاستخبارات الامريكية وفريق دونالد ترامب. كما ان التحضير للعملية ومراحل جمع المعلومات والتخطيط اخذت بلا شك اشهرا قبل التنفيذ، ولا يمكن ان يكون التنسيق لعملية كهذه جرى خلال مدة قصيرة. واذا كان حسين دهقان قد حمل سماعة الهاتف وتحدث الى ولي عهد ابو ظبي وهدده بالمحاسبة فلا يبدو خلفية ذلك ان لدى ايران معلومات عن تورط ابو ظبي في العملية بقدر ما يبدو ادراكا ايرانيا لخطورة وصول الاسرائيليين الى الضفة الاخرى من الخليج على امن ايران الداخلي، وامكانية ان تجعل اسرائيل من ارض الامارات منصة لمزيد من العمليات الامنية وعمليات التجسس.
روحاني في حديثه خلال اجتماع الحكومة بدا متأكدا من ان العام المقبل ستشهد ايران نهاية سياسية الضغوط القصوى الامريكية، كلامه حسب ما علمنا يعتمد على اتصالات جرت بين طهران بين فريق الرئيس بايدن قبل وبعد الانتخابات الامريكية، خاصة ان الاخير لاقى روحاني في اعلان امكانية العودة الى الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن ايران، فيما ظهر محاولة ثنائية من روحاني وبايدن في وقف اي اندفاعة نحو التصعيد تعرقل مسار التفاوض المستقبلي.
بيد ان اشارة جو بايدن خلال حديثه لنيويورك تايمز الى ملف الصواريخ البالستية الايرانية يبقى العقدة الاهم. وهنا يبدو واجبا طرح السؤال التالي: هل سيعود بايدن الى الاتفاق النووي الدولي مع ايران كما هو؟ ام انه لن يستطيع تجاوز عقبة التفاوض حول الصواريخ البالستية الايرانية التي وضعها دونالد ترامب كاحد اهم اسباب انسحابه من الاتفاق ؟ والمؤكد والمعلن ان ايران لن تقبل التفاوض حول الصواريخ.
وفي الوقت الذي يحاول فيه روحاني وتيار الاصلاحيين من خلفه عدم اضاعة فرصة التفاهم مع ادارة بايدن والغاء اي رد عسكري على اغتيال محسن زاده قد يوجه ضربة لهذه الفرصة، ويعطي ادارة ترامب الراحلة فرصة توجيه ضربات الى المفاعلات النووية الايرانية في الوقت الضائع من عمر الادارة، فان اسرائيل قد تجد في هذه الحسابات فرصة لتنفيذ المزيد من العمليات الامنية الخطرة بما فيها المزيد من الاغتيالات. وستكون ايران امام الخيارات الصعبة ذاتها، اما الرد مع ما يعنيه من اعطاء فرصة لترامب لتنفيذ هجوم قبل الرحيل من البيت الابيض وتعقيد مسار التفاهم مع الادارة الجديدة او عدم الرد مع مواصلة اسرائيل تعزيز نفوذها وحضورها وكسب ثقة خصوم ايران في المنطقة والعمل على تشكيل تحالف ضدها سيعمل على مواجهة وافشال اي مسار تفاوضي بين الغرب وطهران مستقبلا.
ولن تكون ادارة بايدن في وضع مريح في التعامل مع المنطقة او ابرام تفاهم مع طهران طالما ان حلفاءها تكتلوا واجمعوا على ان ايران هي التهديد الاكبر. والسؤال المهم هنا ماذا لو نفذت اسرائيل عدوان امنيا او اغتيالا خلال المفاوضات بين ايران وادارة بايدن ؟
لدينا قناعة ان الركون الى الحسابات السياسية في ميدان التعامل مع اسرائيل مسار خاسر، لان اسرائيل تواصل المراهنة على تلك الحسابات للقيام بالمزيد من الاعمال العدائية دون ثمن. وان معادلة الردع يجب ان تقوم على الرد الفوري ثم النظر الى التداعيات والحسابات والدبلوماسية. هذه المعادلة فقط تستطيع وقف اسرائيل عند حدها، وهذا ليس كلاما حماسيا او عاطفيا كما يحلو للبعض وصفه او عدم قراءة صحيحة لموازين القوى. هذه المعادلة الان في غزة تعطي نتائج و اي قصف للقطاع يواجه بصواريخ في العمق الاسرائيلي مباشرة. هذا هو المسار الصحيح والخيار الناجع. ونؤيد ما قالته صحيفة كيهان الايرانية المقربة من المرشد خامنئي” في هذا الصدد بان اسرائيل لا تفهم سوى لغة القوة، وان قانون العين بالعين هو الكفيل بوقف ماكينة الاغتيال الصهيونية حسب الصحيفة.
رأأي اليوم