الكفاءات العربية المهاجرة.. بقلم: د. محمد أحمد عبدالرحمن

الكفاءات العربية المهاجرة.. بقلم: د. محمد أحمد عبدالرحمن

تحليل وآراء

الأحد، ١٣ ديسمبر ٢٠٢٠

هجرة العقول تعبيرٌ صحافي، أُطلِقَ في الستينيات من القرن الماضي، على الكفاءات البشرية التي هاجرت من بريطانيا وكندا، إلى الولايات المتحدة الأميركية، وفي عصرنا الراهن، تُعد هجرة العقول من البلاد العربية مشكلةً تواجه معظم الدول العربية، فبدلاً من الاستفادة من هذه العقول والحفاظ عليها، تتركُ لتهاجر إلى الدول الغربية، التي تركز على تقديم أفضل التسهيلات للمهاجرين إليها من ذوي الكفاءات العلمية، لكسب هذه العقول والاستفادة منها.
تهاجر أغلبُ هذه العقول بسبب عوامل اجتماعية وثقافية ومادية، منها سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في بلدانها الأصلية، وعلى الرغم من أنّ لكلّ شخص من هذه العقول المهاجرة إلى الغرب أسبابه ودوافعه الخاصة، إلا أنّ هناك عدداً من الأسباب العامة التي تتشابه في كثيرٍ من الدول العربية، ويمكن إجمالها في أنه لا تتوفر البيئة المناسبة للبحث العلمي، وفرص الإبداع في أكثر البلدان العربية، فضلاً عن ضعفِ الإنفاق على البحث العلمي، وانخفاض مستوى المعيشة، مقارنة بالرواتب في الدول المتقدمة، إذ تصل إلى أضعاف ما يتقاضاه الفرد في بلاده.
ويمكن الحدّ من ظاهرة هجرة العقول، عن طريق قيام الدول برسم سياسات اقتصادية وثقافية وسياسية واجتماعية، تجذب الكفاءات العلمية والفكرية والأدبية لخدمة بلدانهم، وأنْ تتحول فيها المجتمعات من مستهلكة إلى منتجة.
وتأتي الولايات المتحدة وأوروبا في المرتبة الأولى بين البلدان التي تجذب العقول العربية المهاجرة، بينما تأتي كندا وأستراليا ونيوزيلندا بالمرتبة الثانية، ويوجد 50 % من الأطباء، و20 % من المهندسين، و12 % من العلماء المهاجرين في أوروبا والولايات المتحدة وكندا.
وبحسب الدراسة التي نشرتها جامعة الدول العربية في عام 2018 م، على سبيل المثال، فإنّ هنالك 200 ألف خبير من المغرب، اختاروا العمل بالخارج.
تكمن الخطورة في هجرة الكفاءات للخارج، في التأثير السلبي في واقع التنمية البشرية في الوطن العربي، وفي التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وضياع الجهود والطاقات الإنتاجية، وكذلك تبديد الموارد الإنسانية، التي تمّ الإنفاق عليها في التعليم والتدريب، وتراجع الإنتاج العلمي في الدول العربية.